قوائم اغتيال تثير قلقا بلبنان

اغتيال رفيق الحريري عام 2005 شكل علامة فارقة في تاريخ الاغتيال السياسي بلبنان
undefined

جهاد أبو العيس-بيروت

يشهد الشارع اللبناني حالة من القلق وسط تساؤلات متزايدة عن قوائم اغتيال يجري تداولها, وتضم شخصيات سياسية بارزة. وتتزايد علامات الاستفهام عن علاقة تلك القوائم بحالة الاحتقان السياسي الراهن والوضع في سوريا.

وتتناول الصحف والصالونات السياسية والحزبية في لبنان منذ قرابة شهر أبعاد وانعكاسات ما اصطلح على تسميتها "لوائح الاغتيال المتنقلة" بحق زعامات سياسية وحزبية محددة، بناء على ما قيل إنها "استقصاءات ومعلومات أمنية جرى إشعار بعض الشخصيات بها فعليا".

وكان لبنان شهد بين عامي 2004 و2007 موجة اغتيالات متتالية، كان من أشهرها اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري عام 2005، وما تبعه من حوادث اغتيال بعد ذلك شملت وزراء ونوابا وشخصيات سياسية وكتاب صحف، جمع بينها كلها الموقف المعارض للنظام السوري.

إلى جانب الحريري وبري، تصدرت أسماء رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع والنائب عن حزب "الكتائب" سامي الجميل قائمة المسميات المتداولة مؤخرا على سلم تكهنات الاغتيال

وعلى الرغم من حمل هذه القوائم لأسماء شخصيات تقع في غالبها ضمن تيار 14 آذار من مثل رئيس الحكومة السابق سعد الحريري المقيم خارج لبنان لهذا السبب، فإنها لم تخل من مسميات لشخصيات أخرى من قوى 8 آذار على رأسها زعيم حركة أمل ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

وإلى جانب الحريري وبري، تصدرت قائمة المسميات المتداولة مؤخرا على سلم تكهنات الاغتيال أسماء رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق فؤاد السنيورة ورئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع الذي تعرض لمحاولة اغتيال قيل إنها "مفترضة"، إلى جانب النائب عن حزب "الكتائب" سامي الجميل.

معلومات أمنية
وتشير مصادر مقربة من بعض الشخصيات المدرجة على هذه القوائم إلى وجود "معلومات موثقة" تفيد بوجود تهديدات فعلية وصلتها من جهات أمنية، لكنها أشارت في الوقت نفسه إلى أن هذه المعلومات ليست جديدة، بل إن تاريخ بعضها يعود إلى أشهر طويلة سابقة.

وفي الوقت الذي تباينت فيه تكييفات المحللين بشأن "جدية أو عدم جدية" هذه القوائم والغاية منها ومن توقيتها، رأى كثيرون وجوب أخذها على محمل الجد بالنظر لوجود سوابق جرى فيها عدم الاكتراث لتنبيهات مماثلة راح ضحيتها نواب وسياسيون وإعلاميون.

وربط مراقبون بين تداول هذه القوائم وبين حالة الاحتقان التي يعيشها لبنان منذ تفجر أحداث الثورة في سوريا، وما ترتب عليها من ارتدادات سياسية ومذهبية وأمنية شملت مختلف نواحي الحياة.

حس الجدية
لكن المحلل السياسي نبيه البرجي اعتبر أن هذه القوائم "لا تحمل حس الجدية"، مستبعدا وجود قرار من لدن أطياف الاختلاف السياسي في لبنان للعودة أو تبني منطق أو سياسة الاغتيال، لسبب يراه وجيها يتمثل في وعي فرقاء السياسة بما تعنيه عودة هذه السياسة إلى الشارع من جديد.

وقال البرجي للجزيرة نت إن قوى الإقليم متناغمة أيضا مع قوى الداخل اللبناني في مسألة عدم وصول الاحتقان لدرجة عودة مسلسل الاغتيال في لبنان، مشيرا إلى أن شرر الأزمة السورية المتطاير على لبنان لا يزال حتى اللحظة تحت السيطرة التي تمنع خيار الاغتيال لأي جهة.

وعن احتمال استخدام البعض هذه القوائم لغايات انتخابية ولترويج شخصي، قال "أستبعد ذلك لأن الفرقاء جميعا يعلمون كم هي هوة الخلاف بشأن قانون الانتخاب عميقة، بالتالي الكل مدرك أن الانتخابات وموعدها باتا بعيدين للغاية عن طاولة الاتفاق".

في المقابل يرى الأكاديمي والمحلل السياسي عماد شمعون أن "التوازن" في تقبل كون هذه القوائم حقيقية أم وهمية أمر مهم للغاية، فهو لم يستبعد كونها "حقيقية فعلية نظرا لوجود سوابق"، في الوقت ذاته الذي لا يستبعد فيه في الإطار العام فكرة أن تكون "وسيلة تكسّب انتخابي رابحة".

وقال للجزيرة نت إن الملاحظ من هذه القوائم أنها جميعها تخص قوى 14 آذار، "لعل الغاية إن لم تكن بقصد الاغتيال الفعلي، هي الدفع نحو تجميد نشاط وفاعلية وسقف تحرك هذه الشخصية المتداولة بكل تأكيد قبل موسم الانتخابات".

ولم يستبعد شمعون أن يقوم النظام السوري باستخدام هذا الأسلوب، حال وصوله -كما قال- إلى نقطة اللاعودة، وحاجته للتنفيس عن درجة المأزق التي ربما أحاطت أو ستحيط به في الأيام المقبلة، على حد تعبيره.

المصدر : الجزيرة