معاناة إضافية لمخيمات الصومال في رمضان

فائزة وأطفالها أثناء طبخ الإفطار المتواضع..
undefined

عبد الفتاح نور أشكر-بوصاصو

يعاني النازحون الفارون من دوامة العنف الدائر في مناطق جنوب الصومال، ويعيشون في مخيمات بوصاصو (شمال شرق الصومال)، من مشكلات صحية واجتماعية ومعيشية حولت حياتهم في شهر رمضان إلى معاناة حقيقية فاقمت من أوضاعهم الإنسانية المتردية أصلا.

وبحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين فإن مليونا ونصف مليون نازح صومالي يقيمون حاليا في مخيمات متفرقة في  شمال شرق الصومال (بونتلاند)، ويعيش معظمهم في مدينة بوصاصو الساحلية الواقعة في شرق بونتلاند.

وتحكي فائزة عبد الله علي (35) -وهي أم لخمسة أولاد- للجزيرة نت معاناتها في شهر رمضان، فتقول النازحة من جنوب الصومال إنها تواجه ضائقة مالية شديدة أجبرتها على الاعتماد على  الخضروات وقليل من الدقيق كوجبة إفطار وسحور معا طيلة الأيام الماضية من رمضان، أما اللحوم والمواد الغذائية الأخرى الضرورية فهي تقول بأنها مستحيلة على مائدة أسرتها.

وتضيف فائزة "زوجي لا يعمل هذه الأيام، كان في الفترة السابقة يعمل حمّالا في سوق بوصاصو، وكان يجد بعض المصاريف التي كنا نشتري بها حليبا للأطفال وبعض المواد الغذائية الضرورية، أما شهر رمضان فتبدو الأمور معقدة على أسرتي".

أطفال صغار يعملون في مسح الأحذية بالمقاهي القريبة من مخيم بولو أيلي(الجزيرة)
أطفال صغار يعملون في مسح الأحذية بالمقاهي القريبة من مخيم بولو أيلي(الجزيرة)

تجاهل الهيئات
وتشتكي فائزة عبد الله من تجاهل الهيئات الإغاثية العاملة في مخيمات النازحين في بوصاصو على أوضاع أمثالها ممن يعانون، وتقول إنهم لا يهتمون بأحوال النازحين. وتضيف "يأتون إلينا ليلتقطوا بعض الصور ومن ثم لا نرى منهم أي دعم".

أما إبراهيم عيسى، وهو طفل يبلغ من العمر 12 عاماً نزح من مناطق شبيلي الوسطى في جنوب الصومال، فهو مصدر الدخل الوحيد لأسرته المكونة من أم وثلاثة أطفال، وهو يعمل ماسح أحذية في مدينة بوصاصو، ويتجول النهار كله تحت لهيب شمسها الحارقة، ليجمع مبالغ بسيطة لا تسمن ولا تغني من جوع أسرته في شهر رمضان.

ويقول إبراهيم في حديث مع الجزيرة نت إن المبالغ التي يجمعها من مسح الأحذية كل يوم تتراوح بين 25 و30  شلنا صوماليا، أي ما يعادل دولارا ونصف دولار أميركي تقريبا.

ويضيف "منذ أن توفي أبي قبل سنتين وأنا أساعد أمي في تحصيل المصاريف، وأعمل ماسحاً للأحذية، وهي مهنة متعبة لا تدر علينا الدخل الكافي، وأسعى فقط لتوفير متطلبات بسيطة لأسرتي".

ويواجه النازحون في مخيمات مدينة بوصاصو العديد من المشاكل الإنسانية في رمضان، وأبرزها غياب المستلزمات الغذائية اللازمة، وانعدام الصرف الصحي، إلى جانب ارتفاع حرارة المدينة في فصل الصيف.

معظم المساكن في مخيم بوصاصو لا تقي الحر ولا القر (الجزيرة)
معظم المساكن في مخيم بوصاصو لا تقي الحر ولا القر (الجزيرة)

مشاكل السكن
ويلخص حسن عبد الله حسن عمدة مدينة بوصاصو معاناة النازحين في غياب الدعم الإنساني المطلوب من قبل الهيئات الإغاثية العاملة في المنطقة، إلى جانب معاناتهم في الحصول على المسكن اللائق، حيث ذكر العمدة للجزيرة نت أن النازحين يسكنون في أكواخ مصنوعة من البلاستيك لا تقيهم حرارة الشمس الحارقة في بوصاصو ولا تصمد أيضاً أمام هبوب الرياح الصيفية.

وأشار العمدة إلى أن المدينة شهدت قبل 15 يوماً حريقاً شبّ في أحد مخيمات النازحين، وأدى إلى تضرر سبعمائة أسرة نازحة من المناطق الجنوبية يعيشون الآن أوضاعا إنسانية متردية.

وذكر العمدة أن عدد النازحين في مخيمات بوصاصو يبلغ تعدادهم 120 ألف نازح حالياً موزعون في 32 مخيما منتشرا في أنحاء مدينة بوصاصو الساحلية.

وناشد العمدة "الهيئات الإغاثية العالمية والعربية بضرورة التحرك السريع، خاصة خلال شهر رمضان المبارك، لمساعدة المتضررين في مخيمات بوصاصو، الذين يواجهون ظروفا إنسانية يعجز اللسان عن وصفها، وما لم تتم مساعدتهم فوراً فإننا نتوقع حدوث كارثة إنسانية ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة برمتها".

معاناة مستمرة
من جهته، يقول مدير مكتب المشاريع لجمعية التضامن الاجتماعي إبراهيم عبد الله إن معاناة النازحين في مخيمات بوصاصو مستمرة، وتزداد في رمضان.

وأشار إلى أن الأطفال الذين يمثلون 57 ألفا من مجموع النازحين، هم الفئة الأكثر تضرراً في رمضان وغيره من المواسم، لأنهم لا يستطيعون تحمل المآسي التي تحدث في المخيمات من تعديات جنسية واستغلال للأطفال، مع عدم تلقيهم تعليما نظاميا، إذ إن 98% منهم لا يتعلمون، والنسبة الباقية منهم يتلقون دروسا غير نظامية تفتقر إلى أدنى مقومات الجودة التعليمية في الخلاوي داخل المخيمات.

المصدر : الجزيرة