ركود اقتصادي يسبق رمضان بالقدس

أصحاب محال تجارية بالقدس بطالة بظل الشلل التجاري
undefined

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

مع اقتراب شهر رمضان المبارك, وخلافا للمتوقع يشكو المقدسيون من التجار والأفراد من استمرار الركود الاقتصادي بالأسواق الفلسطينية بسبب ممارسات سلطات الاحتلال التي حاصرت المدينة وعزلتها عن محيطها العربي وبيئتها الفلسطينية مما أدى لشلل تام بالحركة التجارية انعكست سلبا على النسيج الاجتماعي والواقع الاقتصادي في القدس المحتلة.

ورغم ذلك ينتظر التجار حلول الشهر الكريم أملا في انفراج الوضع الذي بات أكثر مأساوية بسبب الجدار الفاصل وسياسات الاحتلال التي ضيقت الخناق على الجميع عبر فرض غرامات مالية وضرائب تهدد مستقبل المحال التجارية التي تعتبر جوهر الوجود الفلسطيني بالمدينة.

وفي هذا الصدد, تحرم بلدية الاحتلال التجار من أبسط الخدمات بينما تلزمهم بدفع ضرائب باهظة تصل لنحو عشرة آلاف دولار سنويا من التاجر, فضلا عن ملاحقة سلطات الضرائب الإسرائيلية للتجار ومساومتهم على مصدر رزقهم، حيث يصل معدل الضريبة التي قد يدفعها التاجر سنويا مبلغ عشرين ألف دولار.

حصار وركود
واستعرض التاجر خضر أبو زاهدة -صاحب محل لحوم- الوضع الاقتصادي المزري بالقدس وتحدث عن الشلل التجاري الذي تعانيه أسواق المدينة والذي ينعكس سلبا على التداول التجاري.

‪‬ قلة عدد المتسوقين شمل حتى أصحاب البسطات الصغيرة (الجزيرة نت)
‪‬ قلة عدد المتسوقين شمل حتى أصحاب البسطات الصغيرة (الجزيرة نت)

كما أشار إلى صعوبات وعراقيل يضعها الاحتلال بتهويد المكان وحصار القدس وسلخها عن واقعها العربي ومحيطها الفلسطيني مع سياسة ممنهجة من قبل بلدية الاحتلال بتضييق الخناق على التجار وملاحقتهم بالضرائب والغرامات.

وسرد للجزيرة نت الوضع الاقتصادي الصعب للعائلات الفلسطينية واتساع دائرة البطالة بأوساط الشباب التي تصل لنحو50%، "مما أدى إلى تعميق دائرة الفقر لتصل لنحو 70%، وبالتالي لعجز العائلات عن توفير احتياجاتها وعزوفها عن الشراء وهجرة الأسواق مما أدى لضرب الحركة التجارية، وعليه ينتظر التجار شهر رمضان لتجاوز الأزمة الاقتصادية وانتعاش الحركة التجارية".

ولفت إلى أن المئات من المصالح التجارية تغلق أبوابها سنويا لعجز أصحابها عن جدولة ديونهم المتراكمة بسبب الشلل التجاري وتراجع حركة المتسوقين نتيجة الحصار المفروض على القدس، حيث باتت تعتمد الحركة التجارية على العائلات المحلية التي تعيش بتقشف وفقر مدقع، وعلى فلسطينيي 48 ممن يتوافدون للرباط بالأقصى.

صمود وبقاء
ويجسد الشاب محمد أبو سنية 23 عاما -متزوج وأب لطفل ويعمل بمحل للعصائر تابع لعائلته بالبلدة القديمة- واقع العائلة المقدسية التي تعاني من قلة الموارد المالية والمعيشية وتواجه حصارا على لقمة العيش كعائلات تعيش من المحال التجارية وكأفراد يغرقون بسوق البطالة تحولوا لرهائن للمشغل الإسرائيلي الذي يرفض تشغيل كل من كان ضالعا بالتصدي للاحتلال ومواجهته.

ويسعى الاحتلال -يقول محمد للجزيرة نت- بمختلف السبل لضرب اقتصاد التجار وزعزعة الأسواق لتكبيدهم خسائر فادحة وفرض الهجرة القسرية لتفريغ الأسواق من التجار والسكان الأصليين لصالح المستوطنين.

وفي هذا السياق, يقول محمد إن بلدية الاحتلال تخطط لإعدام الاقتصاد الفلسطيني بأسواق البلدة القديمة ومنع السياح والأجانب حتى من شراء العصائر والماء.

وشدد على أن سياسة الإفقار والحصار ساهمت بهدم النسيج الاجتماعي خصوصا وأن عائلات كثيرة باتت تعجز عن توفير الخبز لأطفالها وباتت تعيش تحت دائرة خطر الهجرة والتشريد لعجزها عن دفع ضريبة السكان للبلدية, وبعضها لا يملك الأموال لدفع رسوم السكن والاستئجار.

وهنا يدعو محمد العالم العربي والإسلامي "لتقديم ولو حتى الدعم المعنوي للشاب المقدسي بتشجيعه على البقاء والصمود".

تشجيع واستثمار
ويناشد عمران بكير -صاحب محل بيع تحف وهدايا- العالم العربي تقديم الدعم المالي لتعزيز صمود المقدسيين والاستثمار بالحياة التجارية والاقتصادية بأسواق المدينة وتشجيع السياحة العربية والإسلامية للقدس والأقصى، ردا على ما تقوم به الجمعيات اليهودية العالمية التي دأبت على الاستثمار بمشاريع تجارية وسياحية كدعم للمستوطنين.

ووصف بكير الوضع التجاري بأسواق البلدة القديمة بالكارثي، وقال إنه ينتظر كغيره من التجار وأصحاب المحال التجارية حلول شهر رمضان للخروج من الركود الاقتصادي بغية تنشيط الحركة التجارية لتكون المسعف والمنقذ للتجار بتوفير الأموال لتدبير أمورهم إزاء سلطات الاحتلال التي لا تتوانى عن مطاردتهم ومطالبتهم بالمزيد من الضرائب.

وحذر من مغبة انهيار تام للحركة التجارية بالمدينة خصوصا وأن بلدية الاحتلال مستمرة بمشاريعها التهويدية داخل أسواق البلدة القديمة التي تهدف -تحت طائلة التطوير- إلى تعميق مأساة التجار وإجبارهم على هجرة الأسواق التي يحاصرها شبح الحفريات بشكل دائم.

المصدر : الجزيرة