التغاضي عن مخالفات البناء يهدد الإسكندرية

ارتفاع عدد ضحايا عقارات الإسكندرية إلي 14 قتيلا و9 مصابين
undefined
أحمد عبد الحافظ-الإسكندرية

فتح حادث انهيار أربعة عقارات في محافظة الإسكندرية (شمال مصر) التساؤلات حول أسباب تكرار هذا النمط من الحوادث. وكان لافتا اعتراف المحافظ بوجود أكثر من 20 ألف مخالفة في جميع أحياء المحافظة المطلة على البحر المتوسط، دون الحديث عن سبل حل الظاهرة.

فالحادث الذي خلف 14 قتيلا وسبعة مصابين حتى الآن، لم يكن الأول من نوعه في المحافظة، ولن يكون الأخير لوجود آلاف المنازل المهددة بالسقوط بسبب تجاهل تطبيق معايير البناء في بعض المباني الحديثة، وإهمال صيانة المباني القديمة، حسب ما يؤكده متخصصون.

وبينما تمكنت الأجهزة الأمنية من إلقاء القبض على أحد ملاك العقار المخالف، شرعت النيابة العامة في تحقيقاتها التي استمعت خلالها لعدد من شهود العيان والمصابين الذين أرجعوا الحادث إلى قيام أحد الملاك ببناء ستة طوابق زائدة على عقار مكون من خمسة أدوار دون ترخيص.

وذكر شهود للجزيرة نت أن الانهيارات حدثت نتيجة انهيار عقار مخالف للقانون، بارتفاع 11 طابقًا دون ترخيص، وميله على عقارين صغيرين وجزء من عقار رابع، وقدروا الضحايا بالعشرات لوجود عدد كبير من العمال في أحد المخابز أسفل أحد العقارات المنهارة.

الحادث سببه انهيار عقار من 11 طابقًادون ترخيص وميله على عقارين صغيرين(الجزيرة نت)
الحادث سببه انهيار عقار من 11 طابقًادون ترخيص وميله على عقارين صغيرين(الجزيرة نت)

مخالفات بالجملة
من جهته قال محافظ الإسكندرية أسامة الفولي إن العقار -سبب الأزمة- كان خاليا من السكان، وإن العقارات المجاورة له والتي سقطت بالتبعية، أغلبها متهالكة وصدرت بحقها قرارات إزالة ولم تُنفذ، مشيرًا إلى أن المحافظة لا تملك مساكن اقتصادية ليسكنها القاطنون في المباني المخالفة، مما يُصعب إمكانية تنفيذ قرارات الإزالة بالقوة.

وأكد الفولي في تصريحات للجزيرة نت أن غرفة عمليات المحافظة رصدت 20349 مخالفة بناء، منها 8049 مخالفة بعد أحداث ثورة 25 يناير وحتى اليوم، منتقدا عدم استجابة السلطات لمطالبات الأجهزة المحلية بتطبيق قانون الطوارئ على "مجرمي العقارات".

وكان وزير التنمية المحلية محمد عطية قد كشف أثناء زيارته لموقع الحادث، أن العقار تم بناؤه بدون ترخيص أثناء فترة الانفلات الأمني الذي أعقب أحداث الثورة، مؤكدًا فتح تحقيق فوري وتحديد مسؤولية الحي أو المحافظة في الكارثة ومحاسبة المتورط ومحاكمته، إضافة إلى تعويض الضحايا بشكل مناسب.

لجنة هندسية
وفي سياق متصل أمر النائب العام عبد المجيد محمود بتشكيل لجنة هندسية لفحص العقارات المنهارة والعقارات المجاورة ووضع تقرير هندسي بشأنها لبيان حالتها، وصرح بدفن جثث الضحايا التي تم انتشالها من تحت الأنقاض، مع تكليف الشرطة والجهات المختصة بسرعة رفع الأنقاض، وتحديد أعداد الضحايا.
 
وبينما ينتظر أهالي الضحايا المنكوبين ما ستسفر عنه جهود الإنقاذ لاستلام ذويهم أحياء أو قتلى أو مصابين، تستخرج إدارة الحماية المدنية أجزاء بشرية وجثثا مفتتة من تحت الأنقاض.

وقال أحد المصابين الناجين ويدعى إبراهيم محمد "سمعت صوت انهيار شديد، وفوجئت بنفسي تحت الأنقاض حتى تم إنقاذي"، مؤكدًا أن صاحب العقار المنهار اشتراه وفيه خمسة طوابق، ثم بنى ستة طوابق أخرى دون ترخيص، مما تسبب في انهيار العقارات الأخرى.

وطالب إبراهيم بسرعة اتخاذ موقف قانوني لمعاقبة المتسببين في الحادث، سواء مالك العقار أو مسؤولي الحي الذين تساهلوا في استخراج تصاريح ببناء مخالف، وامتنعوا عن التعامل مع الشكاوى التي تقدم بها السكان بوجود ميل خطير في العقار يصل إلى 25 سم بدأ منذ فترة.

أكثر من 20 ألف مخالفة بناء في الإسكندرية (الجزيرة نت)
أكثر من 20 ألف مخالفة بناء في الإسكندرية (الجزيرة نت)

مساعدات ومطالبات
في غضون ذلك، قررت لجنة الإغاثة الإنسانية بنقابة الأطباء إرسال مساعدات مكونة من أغطية وأدوية ومستلزمات خاصة للمصابين. كما ساهمت الجهود الشعبية في تسكين أهالي وأسر بعض الضحايا حتى يتم البت في شأنهم.

وطالب نقيب المهندسين وأستاذ الإنشاءات بجامعة الإسكندرية علي بركات بإيجاد آلية تدخل سريعة -بالتنسيق بين جهاز الشرطة والقوات المسلحة- لوقف مخالفات البناء، حفاظا على استقرار وأمن وحياة المواطنين.

وشدد بركات على ضرورة منع توصيل المرافق للعقارات والأدوار المخالفة التي لا تراعي التصميمات الإنشائية السليمة، لافتا إلى أن الإسكندرية معرضة لخطر كبير وكارثة مروعة بسبب "الكم الهائل من العقارات الآيلة إلى السقوط"، كما دعا إلى عدم التسيب في تنفيذ تلك القرارات ووقف المخالفات الصارخة في مجال البناء.

وتتكرر حوادث انهيار المباني في محافظة الإسكندرية نتيجة انتشار العقارات الآيلة إلى السقوط والصادر بحقها قرارات إزالة أو ترميم لم يتم تنفيذها، وارتفاع نسبة مخالفات البناء خاصة بعد الثورة، واستخدام مواد غير مطابقة وعدم الحصول على التصاريح اللازمة بسبب غياب الرقابة الحكومية.

المصدر : الجزيرة