العلويون في لبنان

الشارع الرئيسي في جبل محسن - من تقرير/ أحداث طرابلس متنفّس المأزومين سياسيا
undefined
الجزيرة نت-خاص
 
شدت الأحداث الساخنة في عاصمة الشمال اللبناني طرابلس، وتحديدا الاشتباكات المتكررة بين منطقتي باب التبانة "السنية" وجبل محسن "العلوية"، المتابع لفتح ملف الوجود العلوي في لبنان تاريخا ووجودا وولاء.

تاريخ الوجود
يرجع الوجود العلوي أو "النصيري" في لبنان لبدايات الانتداب الفرنسي على سوريا بعد إقامة فرنسا دولة "جبل العلويين" (1920-1936) على الساحل السوري، الذي يشمل اليوم محافظتي اللاذقية وطرطوس السوريتين وأجزاء من شمال طرابلس اللبنانية.

وأطلقت فرنسا على منطقة جبال النصيرية شعبا وأرضا تسمية بلاد العلويين، بعد أن كانت تسمى لأكثر من عشرة قرون الطائفة النصيرية وجبال النصيرية، حتى أصدر المفوض السامي عام 1919 التسمية الجديدة: جبال العلويين وطائفة العلويين، وقد ارتاح النصيريون لهذه التسمية وتمسكوا بها، وأعلنوها وعمّموها حتى يومنا هذا.

أماكن الوجود
تتمركز الطائفة العلوية في لبنان في أماكن تجمع محددة وشبه منغلقة على نفسها، ويقع تجمعها المركزي الرئيسي في محلة بعل محسن (تسمى اليوم جبل محسن) في طرابلس بنسبة 60%، إضافة إلى تجمعات متناثرة في بلدات المسعودية والسماقية وحكر الظاهري والحوشة وتل حميرة في سهل عكار بنسبة 38%.

العدد واللغة والأصل
يبلغ عدد أفراد الطائفة العلوية أو النصيرية -بحسب سجلات النفوس الرسمية في لبنان- حوالي 65 ألف نسمة، في حين تتحدث مصادر الطائفة عن 100 ألف نسمة.

ويرجع الباحثون العلويون في أبحاثهم وكتاباتهم أصول الطائفة إلى اليمن -كما هو حال العرب جميعا- فهم عرب أقحاح يتحدثون العربية ولا يعرفون أو يتحدثون لغة خاصة غيرها، في مقابل حديث كثير من المؤرخين عن أن أصولهم التركية من وسط وجنوب شرق الأناضول.

المذهب والديانة والمرجعية
تعرف الطائفة النصيرية أو العلوية نفسها بأنها "طائفة شيعية اثنا عشرية تحتكم في شؤونها الدينية والفقهية للمذهب الجعفري"، ولها مذهب خاص يسمى المذهب العلوي، يعرفه أبناء الطائفة بأنه "مذهب كباقي المذاهب الشيعية، يُفضِّل علياً على غيره، ولا يخرج عن النطاق الإسلامي".

وتتهم الطائفة من قبل علماء، وعلى رأسهم ابن تيمية وطلابه، بكونها إحدى الفرق الباطنية المحرفة لأصول الإسلام، في حين تحدثت بعض كتب المؤرخين عن قيامهم بطقوس وحركات تعبدية غريبة مع إنكار أركان رئيسية في الدين الإسلامي.

الاعتراف والانقسامات
تم الاعتراف رسمياً بالطائفة العلوية في لبنان بعد اتفاق الطائف 1989، وفي 17 أغسطس/آب1995 صدر عن مجلس النواب اللبناني قانون رقم 449 مُنحت الطائفة بموجبه تنظيم شؤونها الدينية وإدارتها وأوقافها ومؤسساتها الخيرية والاجتماعية، طبقاً لأحكام الشريعة والفقه الجعفري، لكن لم يدخل هذا القانون حيز التنفيذ الفعلي لأسباب خاصة بالطائفة العلوية ذاتها حتى عام 2003، حيث قام النائبان العلويان آنذاك أحمد حبوس وعبد الرحمن عبد الرحمن بتشكيل لجنة مؤقتة لمدة ثلاث سنوات تقوم مقام المجلس وجرى تعيين المحامي بدر ونوس رئيساً لها.

وفي 24 مارس/آذار 2007 تم انتخاب الشيخ أسد علي عاصي رئيساً للمجلس والمهندس محمد خضر عصفور نائباً له بالتزكية، ولم ينل هذا المجلس الاعتراف من الحكومة رسمياً حتى 20 مارس/آذار 2009 بسبب الانقسامات الداخلية.

الولاء السياسي
برز الولاء في بدايات بزوغ الدولة النصيرية للمستعمر الفرنسي، الذي أنشأ دولة جبل العلويين، حيث استخدمهم ضد الحكومات العربية في سوريا من خلال تشجيعهم على الانفصال عن الوطن الأم، وهو ما حصل آنذاك.

أما حديثا ورغم تأكيد غالبية العلويين أنهم "لبنانيون حتى العظم"، فهم لا يستطيعون إخفاء ولائهم المطلق للنظام السوري منذ تسلم حزب البعث مقاليد السلطة في البلاد، دون أن يمنع ذلك بروز شخصيات فردية بين أوساطهم تناصب نظام الأسد العداء.

ناصر العلويون نظام الرئيس حافظ الأسد عام 1976 عندما حصل انفصال بين الفلسطينيين والسوريين إثر الصراع بين الطرفين، دعم السوريون آنذاك علويي جبل محسن، وفي المقابل دعم الفلسطينيون من خلال وجودهم أهالي التبانة.

وبعد الاجتياح الإسرائيلي وعودة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات إلى طرابلس، تأسست حركة التوحيد لتكون حليفة لعرفات، وبعد صراع كبير خرج عرفات من طرابلس ودخل السوريون المدينة بعد حصار 35 يوما، بعدها بسط العلويون هيمنة كاملة وقاموا بحملة اعتقالات شاملة، ليتهم بعدها النائب العلوي السابق علي عيد بارتكاب مذبحة قتل فيها المئات من أهالي منطقة التبانة.

ويبرز الحزب العربي الديمقراطي كأحد الواجهات السياسية الرئيسية للعلويين في لبنان، وهو حزب موال تماما للنظام السوري في دمشق.

المشاركة السياسية والمجتمعية
يمكن القول إن التاريخ العلوي الحديث بدأ في العام 1992 مع منح الطائفة حق 2% من نسبة التمثيل البرلماني، قبل هذا التاريخ لم يكن معترفا بالطائفة من الناحية القانونية، ومع اتفاق الطائف عام 1989، الذي أنهى الحرب الأهلية اللبنانية، أعطيت الطائفة نائبين في طرابلس وعكار.

ويمثل الطائفة نائبان في مجلس النواب اللبناني، هما عضو كتلة المستقبل بدر ونوس في طرابلس، ومصطفى حسين في عكار الذي أعلن العام الماضي انسحابه من كتلة الحريري.

وتم بموجب اتفاق الطائف أيضا السماح لأبناء الطائفة بدخول الجيش اللبناني والترفع لرتب الضباط، وكذا حجز نصيبهم في محاصّة وظائف الدولة، القائمة على نسب الطائفة وحضورها، حيث لم يكن يسمح لأبناء الطائفة من قبل بالتوظيف الحكومي لانعدام الاعتراف القانوني بها.

وعلى الرغم من وجود بعض الفتاوى والآراء داخل الطائفة تحرم الزواج من غير أبناء الطائفة، تبرز حالات زواج ونسب ليست بالقليلة بين أبناء الطائفة وطوائف أخرى منها السنية والشيعية وخصوصا في مناطق الشمال.

أبرز الشخصيات
يعد النائب السابق ومؤسس حركة الشباب العلوي علي عيد من الشخصيات الرئيسية بين أبناء الطائفة العلوية وكان حليفا قويا لرفعت الأسد شقيق الرئيس الراحل حافظ الأسد، وهناك أيضا النائب السابق أحمد حبوس والنائب الحالي الدكتور بدر ونوس، إلى جانب نجل علي عيد وهو رفعت عيد القيادي البارز في صفوف الطائفة والمؤيد بقوة للرئيس بشار الأسد.

المصدر : الجزيرة