أحداث مصر تعمق جراح سياحتها

جانب من الأهرامات
undefined

أحمد السباعي-القاهرة

ضربت الأحداث الأخيرة التي مرت بها مصر سياحتها في مقتل، حيث انخفضت نسبة السائحين بشكل كبير مما أدى إلى تزايد البطالة -المرتفعة في المجتمع المصري أصلا- وإقفال العديد من المتاجر والقطاعات التي تعيش على السياح في بلاد النيل.

وأوضحت إحدى العاملات في شركة سياحية أنه لا يوجد نشاط سياحي في البلاد لأن "الثورة خربت بيوتنا"، ورغم أنها ليست ضد الثورة والثوار إلا أنها طالبت الشارع "بالهدوء وعدم التظاهر بشكل يومي لأنهم خلعوا النظام السابق وعليهم الآن العودة إلى البناء وعدم الاستمرار بالهدم".

وأضافت "مرت شهور دون أن نجني أي دخل لتعليم أولادنا وإطعامهم"، وحتى في حالة قدوم سياح فإن نوعياتهم ليست كالسابق "معظمهم فقراء يأتون لزيارة الأماكن الأثرية دون شراء أي شيء آخر".

وقالت إن هناك من استفاد من الثورة وجنى الملايين، وتسلق عليها "وسرقها من الشباب"، وأبدت تخوفها من مجيء مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي إلى سدة الرئاسة لأنه "سيفرض قيودا على السياحة"، وخصوصا أن العاملين في هذا القطاع لن يصدقوا الإخوان بعد الآن لأنهم نكثوا بالكثير من الوعود في مقدمتها تعهدهم بعدم ترشيح أحد في انتخابات الرئاسة.

‪الزائر لمنطقة الأهرامات يُصدم من انتشار الأوساخ والأزبال‬ (الجزيرة)
‪الزائر لمنطقة الأهرامات يُصدم من انتشار الأوساخ والأزبال‬ (الجزيرة)

ودعت العاملة -التي انتخبت المرشح الرئاسي أحمد شفيق في الجولة الأولى وستؤيده في الإعادة- إلى فصل الدين عن السياسة "لأن مصر ليست إيران ولا أفغانستان بل بلدا سياحيا من الطراز الأول ولا يمكن أن يحكمها رئيس بخلفية دينية".

وضع مزر
في السياق يؤكد فؤاد صاحب متجر في خان الخليلي بمنطقة الحسين بالقاهرة، أن "الشغل توقف لشهور بعد الثورة ونعاني اليوم لتحصيل قوت يومنا"، موضحا أن نوعية السياح تراجعت فمعظمهم يأتي من دول فقيرة وإمكاناتهم المادية ضعيفة وهذا يؤدي إلى عدم إدخال نقد أجنبي إلى البلد.

ويروي أن أحد جيرانه استمر في دفع ثلاثين ألف جنيه (خمسة آلاف دولار) لعدة أشهر بعد الثورة دون أن يجني أي جنيه "حتى أفلس وأغلق المحل وسرح العمال". ويضيف أن هناك العشرات من المحلات قامت بالشيء نفسه.

وأوضح فؤاد – الذي نزل إلى الميدان في أول أيام الثورة- أن الثورات تقوم في كل البلدان لخلع نظام ثم تشكيل نظام آخر، إلا أن الثورة في مصر طال أمدها وبدأت تؤثر بشكل كبير على معظم القطاعات بالبلاد، ورغم اعتراضه على الأحداث التي تلت الثورة "ووقف الحال" إلا أنه أكد أنه سينتخب مرسي لأن لديه مشروع نهضة وسيؤثر إيجابا على السياحة بمصر التي لن تتأثر بقدوم مرشح من الإخوان، وختم بأن انتخاب شفيق يعني "تركيب رأس جديد لنظام ما زال يصارع للبقاء على قيد الحياة".

أما في منطقة الأهرامات (إحدى عجائب الدنيا السبع وقلب السياحة المصري النابض) فإن الوضع يبدو مزريا، فلا توجد تجمعات سياحية كبيرة بل مجموعة من الأفراد لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة.

فؤاد صاحب متجر:
نوعية السياح تراجعت، إذ أصبح معظمهم يأتي من دول فقيرة وإمكاناتهم المادية ضعيفة، وهذا يؤدي إلى عدم إدخال نقد أجنبي إلى البلد

ويقول الدليل السياحي علي، إن الشغل انخفض بنسبة 70-80%،  مما يحرم مئات العائلات من قوت يومها لأن معظم العاملين في القطاع لا يتقاضون راتبا شهريا، إضافة إلى الخسائر الكبيرة التي تكبدها أصحاب "الإسطبلات والجمال والعاملين بالقطاع بشكل عام، مشيرا إلى أن ذلك يتزامن مع فرض ضرائب مرتفعة على هذا القطاع وغلاء الأسعار والمعيشة، مؤكدا مقاطعته للانتخابات في الجولة الأولى وفي الإعادة أيضا.

تفاؤل رسمي
والزائر لهذه المنطقة يُصدم بالإهمال الكبير الذي يعاني منه مهد أول حضارة بشرية، من انتشار الأوساخ والأزبال على الطرقات وبالقرب من الأهرامات، وعدم التنظيم داخلها.

يذكر أن الحكومة المصرية -وفي محاولة منها لإنعاش القطاع السياحي- وافقت على منح تأشيرات الدخول في منافذ الوصول للسائحين الوافدين في مجموعات سياحية من دول المغرب العربي والصين والهند والأردن وأذربيجان وتركيا.

وتوقع وزير السياحة منير فخري عبد النور في حديث صحفي تضاعف أرقام الزوار القادمين إلى مصر من الدول التي شملها القرار، وكانت مصر منحت تسهيلات أيضا إلى جنسيات مختلفة بينها دول مجلس التعاون الخليجي ومعظم دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا.

وكانت بعض الإحصاءات غير الرسمية أشارت إلى أن الربع الأول من العام الجاري شهد دخول 2.5 مليون سائح إلى مصر، أي بزيادة بلغت نسبتها 32% عن الفترة نفسها من العام الماضي.

المصدر : الجزيرة