قصة توافق مصري خلف مرسي

epa03277391 Egyptian Presidential candidate Mohamed Morsi (L) is seen before his press conference in Cairo, Egypt, 22 June 2012. Morsi, the Muslim Brotherhood's presidential candidate, on 22 June criticized Egypt's military rulers for granting themselves sweeping powers in an interim constitution and dissolving the lower house of parliament. He also warned against "tampering" with the result of last week's presidential elections, which pitted him against Ahmed Shafiq, an ex-military general. EPA
undefined

أنس زكي-القاهرة

بينما ينتظر المصريون بكثير من الشغف والقلق الإعلان الرسمي لنتائج انتخابات الرئاسة التي يتنافس فيها محمد مرسي وأحمد شفيق، جاءت حالة من التوافق طالما انتظرها الكثيرون بعدما أعلنت قوى وطنية وثورية مهمة اصطفافها خلف مرسي، لمواجهة مناخ تسيطر عليه المخاوف المتعلقة بمدى جدية المجلس العسكري في تسليم السلطة للمدنيين في الموعد المقرر نهاية الشهر الجاري.

وشهدت الفترة الماضية إعلان عدد من القوى الثورية -في مقدمتها حركة 6 أبريل– تأييدها لمرسي رئيس حزب الحرية والعدالة -المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين– في مواجهة منافسه في جولة الإعادة الفريق أحمد شفيق، الذي كان آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك قبل أن تطيح به ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

لكن ذلك لم يصل إلى درجة إحداث توافق وطني كامل حول مرسي كمرشح للثورة في مواجهة شفيق مرشح النظام السابق الساعي للعودة مجددا إلى تصدر المشهد، بسبب مخاوف عبرت عنها قوى سياسية، وتتعلق بملاحظات على أداء الإخوان في الفترة الماضية، سواء فيما يتعلق بالتجربة البرلمانية أو الموقف من الثورة وتطوراتها.

مئات الآلاف احتشدوا في ميدان التحرير تأييدا لمرسي  (الأوروبية)
مئات الآلاف احتشدوا في ميدان التحرير تأييدا لمرسي  (الأوروبية)

تبديد المخاوف
ومع اقتراب الكشف عن نتيجة جولة الإعادة غدا أو بعد غد، وبينما يحتشد مئات الآلاف في ميدان التحرير للتعبير عن تأييدهم لمرسي الذي توضح المؤشرات اقترابه من حسم السباق الرئاسي، جاء المؤتمر الصحفي الذي عقده مرسي بعد ظهر الجمعة ليبدد الكثير من المخاوف لدى فئات من الشعب المصري، كما يوجه رسالة إلى المجلس العسكري بالتزامن مع مظاهرات الميادين بأن هناك توافقا واصطفافا خلف مرسي كمرشح للقوى الثورية والوطنية.

وقبل أن يتحدث المشاركون في المؤتمر الصحفي، بدا واضحا أن رسالته قد وصلت، فمرسي توسط المؤتمر وحوله عدد من أبرز شباب الثورة مثل وائل غنيم ومحمد فؤاد جاد الله وشادي الغزالي حرب وإسلام لطفي، إضافة إلى عدد من رموز الفكر والعمل السياسي مثل المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير عبد الجليل مصطفى، والإعلامي حمدي قنديل، وأساتذة العلوم السياسية سيف عبد الفتاح وحسن نافعة وعمار علي حسن ورباب المهدي وهبة رؤوف، والإعلامي وائل قنديل أحد أبرز المقربين من محمد البرادعي.

ومع كلمات المتحدثين، بدت معالم التوافق تتضح وفي مقدمتها ما أعلنه مرسي من التزامه أو تأكيد التزامه بأن تكون الحكومة المقبلة -في حالة وصوله رسميا لمقعد الرئاسة- حكومة ائتلافية موسعة تقودها شخصية وطنية مستقلة، وبأن يكون نواب الرئيس من خارج حزب الحرية والعدالة، مع تشكيل فريق إدارة أزمة يشمل رموزا وطنية للتعامل مع الوضع الحالي، وضمان استكمال إجراءات تسليم السلطة للرئيس المنتخب وحكومته بشكل كامل.

وجاءت كلمة وائل غنيم أحد أبرز الأسماء في الثورة المصرية لتشير إلى أن التوافق جاء رغم اختلاف بعض القوى مع الإخوان، وتحميلهم جزءا من المسؤولية عن أخطاء الفترة السابقة، لكنه أكد أن القوى الوطنية تميز بين الخلاف السياسي والانقلاب على الديمقراطية، رافضا أن يتكرر سيناريو عام 1954 عندما انقلب العسكر على جماعة الإخوان، وقبل البعض بأن يتم قتل الديمقراطية بدعوى أنها ستأتي إلى الحكم بفريق لا يرغب فيه البعض.

جاد الله: التوافق جاء بعد تنازلات متبادلةمن مختلف الأطراف (الجزيرة نت)
جاد الله: التوافق جاء بعد تنازلات متبادلةمن مختلف الأطراف (الجزيرة نت)

خلافات وشكوك
وبدوره حرص الإعلامي حمدي قنديل -الذي كان مؤيدا للمرشح حمدين صباحي في الجولة الأولى من الانتخابات- على الإشارة إلى وجود خلافات وشكوك لدى بعض القوى السياسية تجاه الإخوان، قبل أن يؤكد "قررنا في محاولة أخيرة أن نسمو فوق الشكوك والريبة، ونمد أيدينا إلى يد مرسي، لعلنا ننجح جميعا في أن نعيد للشعب بكامله آماله التي علقها على ثورة 25 يناير".

الجزيرة نت تحدثت إلى المستشار محمد فؤاد جاد الله -منسق القوى الثورية وأحد أبرز المشاركين في التوصل إلى هذا الاتفاق- فقال إن ما تم التوصل إليه اليوم كان ثمرة لجهود بدأت منذ فترة، وبالتحديد قبل بدء جولة الإعادة من انتخابات الرئاسة، لكنها لم تسفر آنذاك عن التوصل لاتفاق.

وأضاف جاد الله أن التطورات المتسارعة -وخصوصا ما أقدم عليه المجلس العسكري من حل البرلمان، وإصدار إعلان دستوري مكمل تضمن انتقاصا من صلاحيات الرئيس المقبل، فضلا عن منح أفراد الشرطة العسكرية والمخابرات الحربية حق الضبطية القضائية- تسبب في قلق القوى السياسية التي شعرت بأن نظام مبارك بات في طريقه للعودة رغم ثورة المصريين وتضحياتهم.

وكشف جاد الله عن أن الاجتماعات تكثفت الخميس عبر اجتماع صباحي وآخر مسائي استمر حتى قبيل الفجر، حيث توصل المجتمعون لاتفاق وضعوا لمساته الأخيرة في اجتماع ثالث جرى الجمعة، وانتهى إلى توافق مهم يضمن إقامة مؤسسة رئاسية تضم ممثلين للتيارات الرئيسية، فضلا عن انتزاع هذه القوى لمبدأ إسناد رئاسة الحكومة المقبلة -في حالة فوز مرسي- لشخصية مستقلة من خارج حزب الحرية والعدالة.

وأكد جاد الله أن النتيجة -التي تم التوصل إليها- جاءت بعد تنازلات متبادلة من مختلف الأطراف، وذلك بعد اشتراكها في الشعور بالخطر على مستقبل الثورة المصرية.

وفي الوقت نفسه، كشف جاد الله عن مساع للتواصل مع المجلس العسكري في الساعات المقبلة، مؤكدا أن من سعوا للتوافق بين القوى الوطنية لا يتمنون صداما مع العسكر، بل على العكس يبذلون الجهد لتجنب الصدام، ويحاولون إقناع المجلس بالاستجابة لمطالب الشعب بإلغاء الإعلان الدستوري المكمل وسحب قرار حل مجلس الشعب.

ويعتقد منسق القوى الثورية أن التفاوض والتفاهم مع المجلس العسكري أمر مهم للخروج من الأزمة، لكنه لفت إلى أن التوافق الذي توصلت إليه القوى الوطنية مع أحمد مرسي تضمن النص على أن تكون هذه القوى مشاركة في أي تفاهم مع المجلس العسكري أو ملمة بتفاصيله، وذلك حتى تسليم كامل السلطة إلى المدنيين.

المصدر : الجزيرة