القدس.. تهويد للأقصى وتشريد للفلسطينيين

منظر عام لساحة البراق وتظهر أعمال الحفريات وإقامة الأنفاق حيث سيبنى بالمكان مخطط " بيت الجوهر" قبالة جسر باب المغاربة
undefined

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

محمد محسن وتد-القدس المحتلة

أعطت المؤسسة الإسرائيلية الضوء الأخضر لمختلف المؤسسات التخطيطية بالقدس المحتلة للشروع في تنفيذ مخططات هيكلية تقضي بتهويد تخوم المسجد الأقصى وساحة البراق، من خلال إقامة مراكز تهويدية وكنس وحدائق توراتية لتضييق الخناق على المسجد.

ويأتي ذلك ضمن مخطط شامل لتمكين اليهود من ساحة البراق في مقابل إقصاء وتغييب الحضارة العربية والتاريخ الإسلامي عن المكان.

وسيقام جنوب المسجد الأقصى مبنى مؤلف من سبعة طوابق بمساحة ثلاثة آلاف متر مربع أطلق عليه اسم "مركز كيدم"، يضم موقفا للسيارات، ومركزا سياحيا وتجاريا بمساحة 17 ألف متر وثلاثة طوابق تحت الأرض، ومركزا للتوراة، ونفقا للوصول إلى ساحة البراق.

القصور الأموية بالجهة الجنوبية للمسجد الأقصى سيبنى فوقها مشروع تهويدي (الجزيرة نت)
القصور الأموية بالجهة الجنوبية للمسجد الأقصى سيبنى فوقها مشروع تهويدي (الجزيرة نت)

كما سيقام مخطط "بيت الجوهر" قبالة باب المغاربة، ويتألف المبنى من أربعة طوابق ممتدة على مساحة أربعة آلاف متر مربع، وطابق أرضي يشمل حديقة توراتية ومتحفا للديانة اليهودية سيربط بشبكة الأنفاق الأرضية المؤدية إلى بلدة سلوان، القائمة أسفل الأقصى لتسهيل عملية تنقل السياح والمستوطنين.

وفي الجهة الجنوبية للمسجد سيبنى فوق القصور الأموية مشروع تهويدي أطلق عليه اسم "مركز دفيدسون" مكملا  للمركز التوراتي الذي شيد عام 2006 بشكل يتنافى حتى وقانون التنظيم والبناء الإسرائيلي، باعتبار المنطقة أثرية يحظر استعمالها للبناء، وسيشمل حديقة توراتية ومبنى مؤلفا من ثلاثة طوابق تحت الأرض ترتبط بشبكة الأنفاق الممتدة أسفل الأقصى والبلدة القديمة.

دائرة الصمت
ويقول المختص بقضايا التنظيم والبناء المحامي قيس ناصر إن وزارة المالية الإسرائيلية اتفقت مع إدارة المحاكم على الشروع في مخطط "مجمع المحاكم" فوق أرض مقبرة "مأمن الله" بالقدس الذي تم تجميده عام 2008 عقب فضح ممارسات "سلطة الآثار الإسرائيلية"، بعد نبشها مئات القبور الإسلامية ونقل رفات الموتى إلى جهة غير معلومة، كما أباحت المحكمة العليا إقامة مشروع "متحف التسامح" على مساحة أكثر من 20 دونما من أرض المقبرة.

وتشرف على تحريك هذه المخططات -كما يؤكده ناصر للجزيرة نت- شركة تطوير الحي اليهودي بالقدس وصندوق تراث حائط البراق حيث رصدت الحكومة الإسرائيلية نحو 100 مليون دولار أميركي لهذه المشاريع، وذلك بهدف تهويد البلدة القديمة وطمس المسجد الأقصى وحجبه عن الأنظار وتغيير معالمه.

وناشد ناصر العالم العربي والإسلامي الخروج عن دائرة الصمت، كما طالب السلطة الفلسطينية باتخاذ دورها وتحمل المسؤولية اتجاه القدس وتحريك الملف دوليا، داعيا مصر والأردن إلى ممارسة الضغوط على إسرائيل لإلزامها بالتراجع عن هذه المخططات، مستذكرا الدور الريادي  للقاهرة وعمان في الضغط على الحكومة الإسرائيلية قبل أشهر وثنيها عن تنفيذ مخطط هدم جسر باب المغاربة.

 تطهير وتهويد 
ويؤكد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى والباحث بتاريخ القدس الدكتور محمود مصالحة أن هذه الخطط تندرج ضمن نشاط وإستراتيجية دولة الاحتلال بفرض واقع جديد، لإحكام السيطرة والقبضة على القدس الشرقية وتغيير معالمها العربية والإسلامية والفلسطينية واستبدال معالم يهودية مزيفة بها، لتحقيق الحلم الصهيوني عام 2020 القاضي بالإعلان عن إقامة القدس الكبرى عاصمة للشعب اليهودي التي سيقطنها نحو مليون مستوطن.

حفريات قامت بها سلطة الآثار الإسرائيلية عام 2008 في ساحات مقبرة مأمن الله(الجزيرة نت)
حفريات قامت بها سلطة الآثار الإسرائيلية عام 2008 في ساحات مقبرة مأمن الله(الجزيرة نت)

وأوضح محمود مصالحة في حديثه للجزيرة نت أن الداخلية الإسرائيلية بالتزامن مع الشروع في تنفيذ المخططات التهويدية تمضي قدما في مخطط التطهير العرقي لتفريغ المدينة من سكانها الأصليين، حيث أدخلت مؤخرا تعديلات على "قانون المواطنة" الذي يستهدف الفلسطينيين بالمدينة البالغ عددهم نحو 300 ألف نسمة.

وبموجب التعديلات التي سيعمل بها قريبا يؤكد مصالحة، أنه سيكون لزاما على الفلسطينيين إثبات بأن مركز حياتهم بالقدس وأنهم يقطنون المدينة بشكل دائم، وإلا ستسحب الإقامة ممن لا يثبت ذلك وسيتم طرده، ناهيك عن اتساع ظاهرة  أوامر الطرد والإبعاد للقيادات، فشبح سحب الإقامة بشكل جماعي يلوح في الأفق وسيطال مائة ألف مقدسي بسبب الجدار الذي سلخهم عن مدينتهم.

المصدر : الجزيرة