تدني الثقة في الأحزاب في ليبيا

مقر حزبي في مقهى للإعلاميين سابقا ببنغازي،والتعليق كالتالي: مقر حزبي مهجور في بنغازي ( الجزيرة نت).
undefined

خالد المهير-طرابلس

تعكس الأرقام الرسمية الصادرة عن المفوضية العليا لانتخابات المؤتمر الوطني الليبي -المزمع انتخابه يوم 19 يونيو/حزيران- تدني شعبية الأحزاب، إذ يتنافس 350 مرشحا عن القوائم الحزبية على 80 مقعدا، في حين تقفز المشاركة الفردية إلى 2600 مرشح على 120 مقعدا.

ويرجع خبراء في الشأن العام ارتفاع عدد المستقلين إلى سنوات القهر والظلم وتخوين الحزبية في عهد العقيد الراحل معمر القذافي، فضلا عن غياب التنمية السياسية.

ويرى أحد مؤسسي مركز المسار الديمقراطي عبد المنعم الوحيشي أن غياب برامج الأحزاب من أهم أسباب هذه الظاهرة، ويشير في حديثه للجزيرة نت إلى غياب جهود الدولة في دعم مسار الديمقراطية حتى الآن.

أما الأكاديمية والسياسية عبير أمنينة فترى أن التنشئة السياسية الموجهة في نظام القذافي لتحريم العمل الحزبي هي السبب في عزوف الليبيين عن الانخراط في أحزابهم الوليدة.

وتعزو -في حديث للجزيرة نت- هذا العزوف إلى أسباب أخرى منها عدم جاهزية الأحزاب للاستقطاب بسبب افتقادها للكوادر القادرة على حشد التأييد ووضع السياسات.

وتقول إن الأمر يحتاج إلى وقت وعمل دؤوب "حتى نتحدث عن تجربة حزبية نستطيع أن نجاهر بها".

الفارسي: ليبيا بحاجة لغرس ثقافة المواطنة (الجزيرة نت)
الفارسي: ليبيا بحاجة لغرس ثقافة المواطنة (الجزيرة نت)

ثقافة المواطنة
ومن جهتها، تؤكد الأكاديمية أم العز الفارسي أن ليبيا بحاجة لنشر ثقافة المواطنة في ظل تنافس تيارين، أحدهما إسلامي "يحاول السيطرة" والآخر ليبيرالي "مهزوز ومرتبك".

وفي السياق نفسه، يؤكد الناشط سعد الدينالي أن طائفة كبيرة من الليبيين لا تزال متأثرة بالإرث الفكري للقذافي وبعدائه لكل ما يمت للتنظيم السياسي بصلة إلى درجة التخوين الذي يستوجب الإعدام في عهده.

ويضيف في تعليق للجزيرة نت أن هذا رسّخ تصورا عن الأحزاب بأنها تسعى لمصالح أنصارها بدلا من مصلحة الشعب، مؤكدا أن أصحاب هذا الفهم هم قلة في المجتمع.

ومن هذا المنطلق، تقول الحقوقية هناء القلال إنها لم تنخرط في أي حزب حتى الآن للحفاظ على استقلاليتها.

وتضيف في حديث للجزيرة نت أن أغلب الأحزاب الوليدة لم تظهر لها أهداف واضحة، أما القليلة الباقية فقد أثبتت عدم نجاحها، كما أن أغلب الأحزاب الكبيرة تكونت بالالتفاف حول مؤسسها، وإذا اختفى هذا الفرد فسيختفي حزبه معه، حسب قولها.

وتؤكد القلال أن المراحل العصيبة التي مرت بها ليبيا طوال حكم القذافي، بالإضافة إلى عدم فاعلية المجلس الوطني، دفعا الحراك المجتمعي إلى أن يسعى لحماية الوطن أكثر من أن يكون حراكا سياسيا.

‪بن عامر: الولاء القبلي في ليبيا أكبر من الولاء للوطن‬ (الجزيرة نت)
‪بن عامر: الولاء القبلي في ليبيا أكبر من الولاء للوطن‬ (الجزيرة نت)

مائة حزب
ومن جهة أخرى، يتفق الناشطان فتحي الفاضلي ورمضان بن عامر على أن الولاء القبلي دافع قوي لعدم انخراط الليبيين في ما يقارب مائة حزب سياسي جديد.

وبينما يركز الفاضلي على غياب دور المعارضة -التي عادت من المنفى بعد الثورة- في نشر ثقافة الأحزاب وتوعية المواطنين بجدواها، يقول بن عامر -وهو نائب رئيس حزب ليبيا الجديدة- إن اعتقاد المواطن بأن هدف الحزبية هو الوصول للحكم ربما يكون من أهم الأسباب، مضيفا أن هذا لا يحدث عادة في الحكم الديمقراطي.

ويحمل الفاضلي المسؤولية لمؤسسي الأحزاب أنفسهم لقصورهم عن الوصول إلى الشارع، كما أن غياب الإمكانيات والوسائل الإعلامية لإقناع الناس وتثقيفهم وحشدهم يبقي الأحزاب في عزلة، حسب قوله.

ويضيف الفاضلي أن غموض خطط بعض الأحزاب أو اجترار وتكرار الأهداف التي يطرحها المنافسون قد أفرغها من محتواها، كما ينتقد عدم معرفة المجتمع بمؤسسي الأحزاب، ومعاداة الخطاب الديني للحياة الحزبية، وخذلان الكيانات المتكونة خارج ليبيا للمضطهدين مما دفع المجتمع للشعور بالإحباط.

المصدر : الجزيرة