من وراء الأحداث الأخيرة في تونس؟

قوى الثورة المضادة في تونس طرف مسؤول عن الأحداث الأخيرة (الجزيرة نت)
undefined

إيمان مهذب-تونس

تطرح أعمال العنف والفوضى التي عرفها عدد من المدن التونسية خلال الأيام الماضية، العديد من التساؤلات عن المتسببين فيها والمستفيدين منها وتداعياتها على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد.

وعلى الرغم من أن ظاهر الأحداث يشير إلى ضلوع حركات محسوبة على التيار السلفي بسبب احتجاجها على عرض لوحات فنية "مسيئة للإسلام"، فإن عددا من المراقبين للشأن التونسي يؤكدون على أن العناصر المحركة لهذه الأحداث متشابكة وأن القوى المضادة للثورة هي المستفيد الوحيد.

وتأتي هذه التطورات في تونس لتقطع حالة الهدوء التي عرفتها البلاد خلال الفترة الأخيرة، ولتضاعف التحديات الأمنية والاقتصادية.

وتقول عضو القيادة الوطنية بحزب العمال الشيوعي سهى ميعادي إن المتسببين في الأحداث الأخيرة هم "أعداء الثورة من دون منازع"، لافتة إلى أن "العناصر متشابكة جدا وأن الخاسر هو المواطن التونسي الذي كانت اهتماماته في المدة الأخيرة موجهة نحو تحقيق أهداف الثورة وتحقيق مطالبه الاقتصادية والاجتماعية".

قصور في الفهم
وبينت ميعادي أن من يربط الأحداث الأخيرة بالمعرض الفني لقصر "العبدلية" الذي اعتبر "مسيئا للإسلام"، يعاني "إما قصورا لفهم الواقع أو هو بصدد وضع مبررات لعدم تحديد موضع الداء".

‪‬ ميعادي: ربط الأحداث الأخيرة بالمعرض الفني قصور في فهم الواقع(الجزيرة نت)
‪‬ ميعادي: ربط الأحداث الأخيرة بالمعرض الفني قصور في فهم الواقع(الجزيرة نت)

واعتبرت أن من اختلق هذه المشكلة هو من بقايا حزب التجمع الدستوري المنحل، قائلة "من قام بهذا أخذته الحميّة الدينية" ليدخل البلاد والعباد في بؤر ممنهجة من الفوضى".

من جهته قال عضو المكتب التنفيذي المكلف بالإعلام لحركة وفاء -الطرف المنشق عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية- سليم بوخذير "إن هذه الأحداث تماثل أحداثا أخرى، إذ إن هناك تكرارا للظاهرة، التي تبدأ بعنف لفظي ثم تتحول إلى عنف مادي منظم".

وذكر أن هناك لغزا لا بد من فك شفراته "فهذا التزامن ليس عاديا". وأشار إلى وجود أطراف داخلية تقف وراء هذه الأحداث "التي لا تتم فقط من قبل سلفيين بل من قبل بعض المتورطين في خرق القانون ومجرمي الحق العام".

تورط الحكومة
كما يرى بوخذير أن الحكومة متورطة كذلك في هذه الأحداث لأنها لم ترد منذ البداية، على بعض الاعتداءات، موضحا أن الأمر هو وليد "انفلات سابق".

ويتفق الناشط الحقوقي زهير مخلوف مع بوخذير في هذه النقطة، بل إنه يذهب إلى أبعد من ذلك لتحديد الأطراف المسؤولة عن أحداث العنف الأخيرة، مبينا أن الحكومة والمعارضة والسلفيين وبقايا حزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي هم الأطراف المتسببة فيما حدث.

زهير مخلوف:
إن الحكومة والمعارضة والسلفيين وبقايا حزب الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي هم الأطراف المتسببة فيما حدث

وفي سياق تحليله للوضع يعتبر مخلوف أن الحدث الأخير "هو تلهية عن ما يمكن أن يبرز في عرض الحكومة لأدائها التنموي المخفق، الذي لم يكن في مستوى التوقعات وهو كذلك محاولة لغض الطرف عن هذا العجز". وأوضح أن المعارضة استثمرت هذا الوضع لتأكيد أن الحكومة عاجزة، ولتجدد مطالبتها بحكومة وحدة وطنية.

وبيّن أن هناك تدافعا بين عجز الحكومة واستثمار المعارضة لهذا الوضع، وأضاف أن "الأطراف السلفية والأيديولوجية المستندة للفكرة الدينية العقدية شعرت بأنها مستهدفة من قبل قوات الأمن والإعلام، فافتعلت هذه المشكلة لتثبت أن الإدانة ليست موجهة لها بل للإسلام بصفة عامة".

مشكلة مفتعلة
كما أكد مخلوف على أن التجمعيين -نسبة لحزب التجمع- كانوا طرفا فيما يحدث لأنهم يشعرون بأنهم مستهدفون وأن المحاسبة ستشملهم، مبينا "أن هذه المشكلة مفتعلة بكل المعايير، وكذلك الأزمة مفتعلة بحبكة كبيرة جدا".

ودعا كل من ميعادي وبوخذير ومخلوف إلى ضرورة الاتفاق والالتقاء على طاولة الحوار الوطني البناء.

وقالت ميعادي "الوضوح ووضع كل المشاكل على الطاولة وفتح حوار وطني تعد خطوات أساسية للخروج من الوضع الحالي".

وأكدت أن البلاد لا يمكن أن تخرج "من الأزمة الاقتصادية الخانقة والأزمة الاجتماعية وأزمة العنف دون برنامج واضح للفترة الانتقالية وعلى الحكومة أن تضع برنامجا للشعب بمشاركة كل الأطياف السياسية".

المصدر : الجزيرة