مساع صومالية لمكافحة القرصنة البحرية

الاستعراض العسكري لقوات البحرية الصومالية في فبراير الماضي من عام2012
undefined

عبد الفتاح نور أشكر-بوصاصو

على الرغم من المحاولات الحثيثة التي يبذلها العالم من أجل تطويق مشكلة القرصنة البحرية بالتعاون مع الحكومة الصومالية، فإنه لا يبدو في الأفق أية بادرة تشير إلى نجاح الخطط الرامية لاحتواء المشكلة وسلامة الممر المائي من عصابات القرصنة.

وتكثف الحكومة الصومالية الجهود من أجل مكافحة القرصنة البحرية التي تهدد الأساطيل العابرة لخليج عدن ومضيق باب المندب منذ أول ظهور لها عام 2008، لتطرح مشكلة عالمية وضعت الاقتصاد الدولي على المحك.

ويشير قائد قوات البحرية الصومالية اللواء الركن فارح أحمد عمر في حديث للجزيرة نت إلى أن الحكومة الصومالية قررت مكافحة جميع أوجه عمليات القرصنة البحرية المعترضة على الأساطيل البحرية العابرة بالمياه الدولية للصومال.

‪فارح: تم تدريب فوجين من المشاة البحرية للقيام بعمليات عسكرية ضد القراصنة‬ (الجزيرة نت)
‪فارح: تم تدريب فوجين من المشاة البحرية للقيام بعمليات عسكرية ضد القراصنة‬ (الجزيرة نت)

وذكر فارح أنه على مدار السنتين الأخيرتين تم تدريب فوجين من المشاة البحرية الصومالية، بهدف القيام بعمليات عسكرية ضد القراصنة الذين يجوبون البحر لاختطاف السفن المحملة بالبضائع التجارية.

وأضاف فارح "لكن قواتنا ما زالت بحاجة إلى عتاد وأسلحة تمكنها من ردع القراصنة ومنعهم من اختطاف السفن، وهناك حظر للأسلحة مفروض على الصومال، مما يجعل جهود مكافحة القرصنة غير ناجحة بالصورة المطلوبة".

وأشار إلى أن القوات البحرية حققت الكثير من الإنجازات طيلة فترة عملها في مجال مكافحة القرصنة رغم المعوقات الفنية التي تواجهها أثناء تأدية واجبها الذي وصفه "بمهمة شاقة" في ظل غياب تسليح عسكري فائق الجودة لقواته البحرية.

تطويق
وتعتبر مناطق بونتلاند -شمال شرق الصومال- إحدى أكثر المناطق التي يوجد بها القراصنة، وتتمركز عصابات القراصنة في كل من أيل وجرعد وجريبن ولاسقوري، وهي قرى محاذية للشريط الساحلي، وتمثل مراكز انطلاق عمليات القرصنة التي تستهدف السفن التجارية والأساطيل البحرية العابرة في خليج عدن ومضيق باب المندب.

من جانبه يشير وزير الموانئ والنقل البحري ومكافحة القرصنة بحكومة بونتلاند سعيد محمد راجي إلى أن حكومته كثفت جهودها الرامية لتطويق القراصنة وفرض العزلة عليهم بغية تخليهم عن الأنشطة الإجرامية التي يمارسونها والتي من بينها اختطاف السفن والمطالبة بفدية مقابل الإفراج عنها.

راجي: اتخذنا إجراءات صارمة ضد القراصنة (الجزيرة نت)
راجي: اتخذنا إجراءات صارمة ضد القراصنة (الجزيرة نت)

وأضاف راجي للجزيرة نت "منذ سنتين بدأت حكومة بونتلاند اتخاذ إجراءات صارمة ضد القراصنة، وتم تدريب ألف وخمسمائة شرطي لمطاردة القراصنة".

ولفت إلى أن نقاط انطلاق القراصنة في السابق أصبحت الآن تحت سيطرة قوات تابعة لشرطة بونتلاند.

تأهيل
أما حكومة غلمدج -بوسط الصومال- فلجأت إلى وسيلة تأهيل القراصنة وإعادة دمجهم بالمجتمع، كإستراتيجية للحد من ظاهرة انتشار القرصنة.

ويقول رئيس هيئة غلمدج لمكافحة القرصنة البحرية تهليل موسى أحمد للجزيرة نت إنها "الوسيلة الأضمن لوقف ظاهرة القرصنة وما يرافقها من مشاكل اجتماعية خطيرة على المجتمع الصومالي".

ويضيف موسى "منذ تأسيس الهيئة قبل سنتين تمكنا من فتح مركز لتأهيل القراصنة وإعادة دمجهم في المجتمع في جالكعيو -حاضرة ولاية غلمدج- وذلك عبر إخضاعهم لبرامج دراسية وتثقيفية، وتعليمهم مهارات حرفية كالنجارة وصيانة العربات. وقد تخرج من المركز حتى الآن مائة من القراصنة".

وذكر موسى بأن الخيار العسكري ضد القراصنة ليس مضمون العواقب، وقد يؤدي إلى تكثيف هجماتهم على السفن العابرة. وربما ينشب صراع عسكري بين الحكومة وعصابات القراصنة ويكون الشعب الصومالي المنكوب الخاسر فيها.

من جانبه يرى مدير مركز شرق أفريقيا للدراسات والبحوث عمر الفاروق الشيخ عبد العزيز أن استخدام الحل العسكري لإيقاف عمليات القرصنة البحرية ليس وسيلة ناجحة لتفادي تداعيات ظاهرة القرصنة.

الفاروق: يتحتم على المجتمع الدولي مساعدة الصومال في بناء كيان فاعل (الجزيرة نت)
الفاروق: يتحتم على المجتمع الدولي مساعدة الصومال في بناء كيان فاعل (الجزيرة نت)

وأضاف للجزيرة نت "إذا أراد المجتمع الدولي إيقاف ظاهرة القرصنة فإنه يتحتم عليه مساعدة الصومال في بناء كيان صومالي فاعل يفرض سيطرته على المناطق الصومالية، وخلق فرص العمل للشباب العاطلين عن العمل، والتصدي لعمليات الصيد غير الشرعي الذي تمارسه أساطيل أجنبية على المياه الصومالية، ويقدر الأرباح التي تجنيها هذه السفن من خلال نهب ثروة الصومال السمكية بسبعمائة مليون دولار أميركي".

وأكد الفاروق أن التدخل الأجنبي في المياه الصومالية بحجة مكافحة القرصنة لا يؤدي إلى اختفاء ظاهرة القرصنة بقدر ما يعطي القراصنة مسوغاً بتكثيف هجماتهم على السفن العابرة، وتضعهم في موقف المدافع عن حقوقه الوطنية.

يُذكر أن الولايات المتحدة الأميركية وإيران والناتو وروسيا والصين والهند واليابان أنشؤوا قوة مهمة خاصة مؤلفة من عدة سفن حربية باشرت أعمالها لمطاردة القراصنة في المحيط الهندي وخليج عدن.

المصدر : الجزيرة