مخاوف من صدام متطرفين ألمان بالسلفيين

-
undefined

خالد شمت-برلين

رفعت منظمة إسلامية ألمانية بارزة دعوى قضائية لمعاقبة حزب يميني متطرف، ومنعه من مواصلة استخدام الرسوم الكاريكاتيرية الدانماركية المسيئة للرسول الكريم محمد (صلى الله عليه وسلم)، في دعايته بحملة الانتخابات المحلية التي ستجرى الأحد القادم بولاية شمال الراين غربي ألمانيا.

وتسبب رفع أعضاء حزب "برو أن أر دبليو" ذي التوجهات المعادية للإسلام شعارات مسيئة للإسلام -بمظاهرات نظموها الأسبوع الماضي أمام مساجد مدينتين بولاية شمال الراين- في حدوث مواجهات دامية بينهم وبين سلفيين تظاهروا ضدهم، مما أدى لوقوع إصابات في صفوف المارة والشرطة التي اعتقلت عشرات المتظاهرين السلفيين.

واستند المجلس الأعلى للمسلمين في دعواه ضد الحزب اليميني المتطرف المعروف باسم "من أجل شمال الراين" إلى ممارسة هذا الحزب التحريض العنصري وإعاقة أداء الشعائر الدينية، وتحقير المسلمين والحط من كرامة رواد المساجد.

إلياس: تصرفات حزب برو المنبوذ استدعت اتخاذ إجراءات ضده (الجزيرة)
إلياس: تصرفات حزب برو المنبوذ استدعت اتخاذ إجراءات ضده (الجزيرة)

أضرار وتدمير
وأوضح المجلس في بيان صحفي -تلقت الجزيرة نت نسخة منه- أن استمرار رفع حزب برو شمال الراين للرسوم المسيئة والشعارات المعادية للإسلام في المظاهرات أمام المساجد كأحد وسائل دعايته الانتخابية، "قد ألحق أضرارا نفسية فادحة بالأطفال المسلمين، ومن شأنه تدمير جهود ناجحة بذلتها الأقلية المسلمة طوال سنوات للاندماج في المجتمع الألماني".

وأوضح رئيس مجلس أمناء المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا نديم إلياس أن المجلس لجأ إلى رفع الدعوى القانونية لإيقاف الحزب اليميني المتطرف عند حدوده، بعد تعرضه للإسلام ومقام الرسول (صلى الله عليه وسلم) بشكل مستهجن من المسلمين وغير المسلمين.

وقال إلياس -في تصريح للجزيرة نت- "إن تصرفات حزب برو الصغير المنبوذ شعبيا، استدعت اتخاذ إجراءات حازمة ضده منذ فترة طويلة، وهو ما تأخرت فيه السلطات السياسية والأمنية".

وكان الحزب المعادي للمسلمين قد أطلق حملة بعنوان (للحرية ولا للإسلام) للتظاهر أمام 25 مسجدا بمدن دسلدورف وكولونيا وآخن وبون وفوبرتال وسولينغن، طوال حملة الانتخابات بولاية شمال الراين حيث تقع ست مدن ضمن نطاقها الجغرافي.

وأعلن الحزب عبر موقعه على شبكة الإنترنت أن حملته تتضمن رفع الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة وتنظيم مسابقة باسم الرسام الدانماركي كورت فيسترغارد تخصص جائزتها المالية لأفضل رسم كاريكاتيري يسخر مما أسماه بمحاولات أسلمة ألمانيا ورموزها كالمساجد والمآذن والحجاب.

وقال منظم هذه الحملة لارس زايدن شتيكر "إن حملته موجهة للمساجد الممثلة لنواة حرب أهلية ينبغي منع حدوثها، واقتلاع الأصولية الإسلامية الشريرة من جذورها".

شيفر: حزب برو هو حزب صغير لا يعبر عن جموع الألمان المدافعين (الجزيرة)
شيفر: حزب برو هو حزب صغير لا يعبر عن جموع الألمان المدافعين (الجزيرة)
مصادمات بون
وكانت مظاهرة نظمها ثلاثون عضوا بالحزب اليميني يوم السبت الماضي أمام أكاديمية الملك فهد ببون، قد شهدت صدامات عنيفة أسفرت عن إصابة 99 شرطيا بإصابات مختلفة، وجرح ثلاثة آخرين بطعنات سكين قالت الشرطة إنها جاءت من شاب تركي سلفي.
 
وألقت الشرطة عقب هذه المظاهرة القبض على 109 سلفيين اتهمتهم برشق النازيين الجدد بالحجارة، وإلقاء حجارة على رجال الأمن عند محاولة منعهم من إلقاء الحجارة على المتظاهرين اليمينيين بعد رفعهم الرسوم الكاريكاتيرية.

واتهم وزير داخلية ولاية شمال الراين رالف ييغر أعضاء حزب "من أجل شمال الراين" باستفزاز ما بين 400 و600 مسلم شاركوا في المظاهرة بشكل متعمد ومخطط، وقال، في مقابلة مع قناة دبليو دي أر "إن العنف الذي مارسه السلفيون ضد رجال الشرطة باستخدام الحجارة والسلاح الأبيض كان صادما وغير مسبوق أو مبرر".

وقال وزير داخلية شمال الراين إنه يأمل في الحصول على تأييد القضاء لحظر أصدره على استخدام حزب برو شمال الراين الرسوم المسيئة في دعايته الانتخابية.

ولقيت اشتباكات بون إدانة من المجلس الأعلى للمسلمين الذي نأى بنفسه عن ما قام به السلفيون الذين شاركوا بالمظاهرة المضادة لمظاهرة النازيين الجدد، وقال رئيس مجلس أمناء المجلس نديم إلياس إن هجوم السلفيين على الشرطة التي جاءت لمواجهة اليمينيين المتطرفين لا يتفق مع الإسلام ويسيء إلى صورة مسلمي البلاد.

انتقاد للسلفيين
ومن جانبها ثمنت مديرة معهد المسؤولية الإعلامية زابينا شيفر إلياس ما وصفته بالموقف المتزن لرئيسة حكومة شمال الراين هانولورا كرافت ووزير داخليتها رالف ييغر مما جرى في بون، وقيامهم بزيارة عدد من مساجد الولاية للتعبير عن تضامنهم مع المسلمين.

واعتبرت شيفر -المتخصصة بإعلام اليمين المتطرف، في تصريح للجزيرة نت- أن هجوم السلفيين على الشرطة كرس الصورة النمطية السلبية السائدة عنهم، وأظهر أن اليمينيين المتطرفين استدرجوهم بتخطيط بسيط لممارسة العنف.

ورأت الباحثة الإعلامية أن المشكلة القائمة في ألمانيا الآن هي تساهل السلطات لفترة طويلة مع التيارات العنصرية واليمينية المتطرفة التي تتحرك محتمية بحرية الرأي، وأكدت على الحاجة لوضع حدود لحرية الرأي إذا تحولت لوسيلة تحريض ضد الحرية الدينية مثلما جرى باستخدام النازيين الجدد الرسوم المسيئة بدعايتهم الانتخابية.

وشددت شيفر على أهمية إدراك الرأي العام بالعالم الإسلامي أن حزب برو شمال الراين هو حزب صغير ملفوظ لا يعبر عن جموع الألمان المدافعين عن الحرية الدينية لمواطنيهم المسلمين.

المصدر : الجزيرة