مرشحو الرئاسة بمصر.. حرب الوعود
ولم تكن مبادئ الحرية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان بعيدة عن نطاق وعود المتنافسين، كما كان للسياسة الخارجية نصيب في هذه الوعود، حيث تحدث كل المرشحين عن ضرورة استعادة مصر لمكانتها ودورها الإستراتيجي في الساحات العربية والأفريقية والآسيوية، وحتى الدولية.
لكن وعود المرشحين التي دغدغت مشاعر المصريين لفترة من الوقت باتت تقلق الكثيرين، ليثور التساؤل حول حجم هذه الوعود وواقعيتها، وما إذا كان المرشح قادرا على الوفاء بها، وهل ستكون الظروف الراهنة عاملا مساعدا على الإنجاز أو حائلا دونه؟
فضفاضة ومتشابهة
المحلل السياسي عمار علي حسن قال للجزيرة نت إن نظرة إلى البرامج التي قدمها المرشحون والتصريحات التي صدرت عنهم تؤكد أنهم عمدوا إلى تبني برامج فضفاضة ومتشابهة إلى حد كبير رغم ما يبدو من اختلافات بين المرشحين، كما أن هذه البرامج جاءت مغرقة في التفاؤل.
واعتبر حسن أن الوضع الذي تمر به مصر حاليا كان حافزا على تقديم الكثير من الوعود، لأن المشكلات التي تعاني منها كبيرة وعميقة، وفي المقابل هناك ثورة تطلعات أعقبت التخلص من نظام مبارك، وهو ما لعب عليه المرشحون للرئاسة فوعدوا المصريين بالكثير دون أن يتأكدوا من قدرتهم على الوفاء بهذه الوعود.
ومع كثرة التعهدات يتحول التساؤل إلى ضمانات الوفاء بها، وهو ما رد عليه أستاذ القانون العام بجامعة عين شمس رمضان بطيخ الذي قال للجزيرة نت إنه لا توجد أي ضمانة قانونية أو دستورية في هذا الشأن.
لكن بطيخ يعتقد بأن هناك رقابة أقوى من ذلك وهي رقابة الشعب، مؤكدا أن أي مرشح للانتخابات بات يعلم يقينا أنه إذا أخل بالتزاماته وتنكر لوعوده فسيلقى مصير الرئيس المخلوع الذي يخضع الآن للمحاكمة، لأن الشعب المصري تحرر من الخوف بعد الثورة التي قام بها.
كما يؤكد حسن أن هناك ضمانات أخرى تتمثل في أن الرئيس المقبل سيواجه كل أنواع الاحتجاج من مظاهرات واعتصامات وغيرها إذا تقاعس عن الوفاء بوعوده، إضافة إلى أن الدستور الجديد سيهتم بتحديد صلاحيات الرئيس والرقابة على أدائه، وبالتالي فمن غير المستبعد أن نجد مواد دستورية تعنى بكبح جماح الرئيس وتخضعه للمحاسبة إذا أخطأ.
ومع ذلك فإن حسن يشير إلى أن من الأمور التي لفتت انتباهه في الفترة الماضية، أن أيا من المرشحين لم يصل إلى حد التعهد بأنه إذا أصبح رئيسا ولم يتمكن من تنفيذ برنامجه فسيتقدم باستقالته.
شباب الثورة
أما القيادي في ائتلاف شباب الثورة إسلام لطفي فيؤكد للجزيرة نت أن أهم ضمانة لعدم استبداد الرئيس أو أي سلطة جديدة هي الضغط الشعبي، وأن تظل هناك مجموعات ضاغطة تلعب دور الضمير الذي يقاوم الفساد ويشجع ويدعم النجاحات والإنجازات.
ويضيف لطفي أن الحركات الشبابية التي ظهرت قبل الثورة وأثناءها وبعدها، ستواصل القيام بدورها وستحاول الضغط من أجل ضبط وتوجيه بوصلة الرئيس المقبل أيا كان.
ويشرح الأمر بأن الرئيس المقبل لو كان واحدا من فلول النظام السابق، فإن شباب الثورة سيلاحقون كل تصرفاته ولن يسمحوا له بأي تجاوز. أما إن كان من المحسوبين على الثورة أو المؤيدين لها، فسيتراوح التعامل معه بين الدعم والتشجيع أو الضغط لتصحيح المسار.
ومع اتفاقه مع من يعتقدون بأن الرقابة الشعبية هي الضمانة الكبرى لإلزام الرئيس المقبل بتنفيذ وعوده، فإن لطفي يؤكد أن البرلمان يجب أن يكون له دور مهم في هذا الشأن، كما أنه يلفت النظر إلى ضرورة التحلي بالإنصاف في تقييم الرئيس المقبل، وتقصي ما إذا كان عدم الوفاء ببعض الوعود راجعا لتقاعسه أم خارجا عن إرادته.