مرشح لرئاسة مصر ببرنامجه لا بشخصه
أنس زكي-القاهرة
قال د. محمد فوزي عيسى المرشح لانتخابات الرئاسة في مصر إنه لا يسعى لتحقيق الفوز بقدر ما يريد نشر أفكاره وبرامجه، مشيرا إلى ضرورة البدء في سلسلة مشروعات عملاقة مع ضرورة فرض الانضباط ولو بالقوة، ومؤكدا أنه لا ينبغي الحديث عن محاسبة للمجلس العسكري عن إدارته للفترة الانتقالية لأن التاريخ فقط هو ما يمكنه ذلك.
وفي حوار مع الجزيرة نت، قال عيسى إن مصر شهدت ثورة أسقطت الرئيس السابق حسني مبارك ثم دخلت في فوضى لم تواجهها السلطة بالحسم المطلوب وهو ما سيصعب مهمة الرئيس المقبل ويجعله مخيّرا بين مواجهة قد تكون دامية ومهادنة قد تؤدي لانهيار الدولة.
وفيما يلي تفاصيل الحوار:
لست من المرشحين أصحاب الشهرة الكبيرة، فلماذا أقدمت على الترشح؟
ج/ الحقيقة أنني لاحظت أن من سبقوني في الترشح يتقدمون بأشخاصهم فاستفزني ذلك لأنني أعتقد أن المنافسة يجب أن تكون بين أفكار لا أشخاص، لذلك عكفت على إعداد برنامج تحت عنوان "ماذا تريد مصر من رئيسها المقبل" وبعد انتهائي منه تقدمت لخوض السباق لا لكي أفوز ولكن كي أطرح فكري ويطبقه من يكتب له الوصول إلى منصب الرئاسة.
البعض يتخوف من إقدام المجلس العسكري على تأجيل الانتخابات الرئاسية، فهل لديك مثل هذه المخاوف؟
ج/ بالنسبة لي لم أهتم بالتفكير في هذا الموضوع ولا أفضل إساءة الظن.
هل تؤيد ما يطالب به البعض من ضرورة محاسبة المجلس العسكري على أخطاء الفترة الانتقالية؟
ج/ أولا لا بد من التأكيد على أن القوات المسلحة المصرية وعلى رأسها المجلس الأعلى هي أحد أركان الكرامة الوطنية، وثانيا فأنا أعتقد أنه لا يصح الحديث عن محاسبة المجلس العسكري على الطريقة التي أدار بها المرحلة الانتقالية لأنه اجتهد فيما فعل والتاريخ فقط هو الذي له الحق في ذلك، وإذا كنت تقصد بسؤالك تلميحا إلى أمور قد تكون صدرت من أعضاء المجلس العسكري كأشخاص وقبل الفترة الانتقالية فأنا شخصيا لن أفكر في نبش الماضي.
وماذا عن الرئيس المخلوع حسني مبارك ورموز نظامه، هل أنت راض عن المحاكمات الجارية لهم حاليا؟
ج/ طالما أوكلت المحاكمات إلى القضاء الطبيعي فيجب تركها للسير في مسارها الطبيعي، وأنا شخصيا لا أؤيد من يتحدثون عن تباطؤ في محاكمة مبارك لأن هذا راجع إلى التزام المحكمة بالاستجابة لطلبات المحامين، وفي كل الأحوال فالقضاء الطبيعي والأحكام المتأنية العادلة أفضل من الأحكام الثورية السريعة.
هذا ينقلنا إلى التساؤل عن العزل السياسي لمبارك ورموز حكمه، فهل تؤيد ذلك؟
ج/ أنا ضد قوانين العزل السياسي لأن الأمر يجب أن يترك لإرادة الشعب، ولا يجوز منع أحد من طرح نفسه على إرادة الناخبين، خاصة أن من يتصدى للعمل العام سيكون معرضا للكشف عن عيوبه وأخطائه من جانب الخصوم وعندها يكون الحكم للشعب دون حاجة إلى عزل سياسي.
في ظل جدل تشهده مصر حول طبيعة النظام السياسي، أي الأنظمة تراها أفضل لمصر في الفترة المقبلة؟
ج/ أرى أن مصر في أمس الحاجة إلى نظام رئاسي كي يمتلك الرئيس الصلاحيات الكاملة لوضع أفكاره وبرامجه موضع التطبيق، ومن يطالبون بالنظام البرلماني أدعوهم لتقييم أداء البرلمان في الأشهر الماضية ليجدوا أنه لم يقدم إنجازات مقارنة بما شهده من جدل عبثي.
إذا وصلت إلى كرسي الرئاسة في مصر فما أول ما ستهتم به؟
ج/ قبل كل شيء لا بد من فرض الانضباط بشكل فوري وفي كل المجالات باستخدام القوة اللازمة لذلك، ويلي ذلك البدء في سلسلة من المشروعات القومية التي تستطيع تقديم إضافة حقيقية لمصر علما بأن مقومات هذه المشروعات متوفرة بالفعل.
وماذا عن رؤاك في مجالات الاقتصاد والأمن والقضاء والخدمات؟
ج/ في مجال الاقتصاد لا بد من مشروعات عملاقة للتعمير سواء في شرق مصر أو غربها أو في شبه جزيرة سيناء لتخفيف الضغط على وادي النيل، ولديّ مشروع لإقامة واد مواز للنيل يمتد في الصحراء الغربية فوق مصادر المياه المرصودة، فضلا عن الاهتمام الضروري بالزراعة وبتنمية الثروات الموجودة من بترول وذهب ومناجم وغيرها.
وفي مجال الأمن، أؤكد بحكم خبرتي كرجل شرطة سابق أن الشرطة لا بد أن تعود إلى الأداء الذي كان سائدا حتى أوائل الثمانينيات وكان عنوانه الهيبة وقوة الأداء وفي الوقت نفسه الحفاظ على علاقة طيبة مع المواطنين، لأن تطبيق القانون بكل حسم لا يتعارض مع الحرص على التعامل الإنساني، وهذه هي نقطة الانطلاق في إعادة الأمن قبل الحديث عن هيكلة وزارة أو تغيير قيادات.
وبالنسبة للقضاء، فأنا أعتقد أن القضاء في مصر مستقل تماما ومن أفضل مؤسسات القضاء في العالمين الثاني والثالث وهذا لا يمنع من وجود أخطاء يتم علاجها أولا بأول عن طريق المجلس الأعلى للقضاء.
أما بالنسبة للخدمات، فسأعطي اهتماما كبيرة للتعليم وكذلك الرعاية الصحية حيث لا بد من تقديمهما لكل المواطنين في مصر وأن يكون ذلك على نفقة الدولة بالنسبة لغير القادرين.
نتحول إلى مجال السياسية الخارجية، لنسأل عما يجب البدء فيه بهذا الشأن من جانب الرئيس المقبل لمصر؟
ج/ يجب أن تكون الأولوية هنا لاستعادة المكانة الطبيعية لمصر على الصعيدين العربي والأفريقي وبأسرع ما يمكن لأنها تراجعت كثيرا في عهد مبارك، وأنا أعتقد هنا أن الاهتمام بالداخل عبر ما ذكرته من تحقيق الانضباط ثم البدء في إقامة المشروعات القومية سيساعد في ذلك، وفي هذا المجال أعتقد أن من المناسب أن نفكر في تصدير الغاز الذي كنا نبيعه لإسرائيل إلى الدول الأفريقية خصوصا القريبة من مصر والمرتبطة بمصالح معها.
وماذا عن تصورك لموقف مصر من إسرائيل والقضية الفلسطينية؟
ج/ بالنسبة للقضية الفلسطينية سيظل موقفنا منها موقفا وطنيا وعربيا، أما العلاقة بإسرائيل فيجب أن تظل محكومة باتفاقية السلام القائمة حتى تستعيد مصر قوتها على الصعيدين الاقتصادي والعسكري، ولا أقصد هنا التهديد بالحرب ولكن أعني أن استعادة مصر لقوتها ستفرض بالضرورة على الطرف الآخر سواء كان إسرائيل أو حتى الولايات المتحدة تغييرا في المواقف والسياسات.
هل تعتقد أن لديك فرصة كبرى للفوز بالانتخابات في مواجهة مرشحين أكثر شهرة؟
ج/ كما ذكرت في البداية، فهدفي الأساسي هو نشر أفكاري وبرامجي، خاصة أني أمتلك خبرة كونتها من العمل في الشرطة ثم الحكم المحلي فضلا عن حصولي على الدكتوراه في القانون والعمل بالمحاماة. وإذا لم أوفق فسأكون مستعدا لمعاونة من يتولى قيادة مؤسسة الرئاسة، ومع ذلك فأنا أقوم بنشاط مكثف لدرجة أني عقدت 3 مؤتمرات انتخابية بثلاث محافظات مختلفة في يوم واحد.
لكن ما أود التأكيد عليه أني أرى الفرصة غير عادلة بين المرشحين لأنه لم يتم إلزام المرشح بالإفصاح عن مصدر إنفاقه، كما أن الإعلام ليس محايدا بين المرشحين فضلا عن أن القنوات الخاصة كانت تطلب مبالغ باهظة مقابل ظهور المرشح في برامجها وهو ما يمثل جريمة قانونية فضلا عن كونه يصب في مصلحة المرشحين الذين يحظون بتمويل ضخم وغير معلوم المصدر.
أخيرا هل تعتقد أن الثورة المصرية ستكتمل بانتخاب الرئيس؟
ج/ أعتقد أن مصر شهدت ثورة أسقطت نظام مبارك، لكن ما تلا ذلك هو نوع من الفوضى ولا يمكن تحقيق أي مطالب للشعب في ظل الفوضى التي أرى أنها تفشت بسبب عدم مواجهتها بحسم من قبل السلطة الحاكمة، وهو ما يصعب الأمر كثيرا على الرئيس المقبل حيث أعتقد أنه سيكون بين أحد خيارين إما المواجهة وهي قد تكون دامية وإما المهادنة التي تعني في رأيي انهيار الدولة بل وقد يصل الأمر إلى تقسيم مصر.