أزمة اليونان إلى أين؟

نصب العملة اليونانية القديمة الدراخما في سوط أثينا حيث يمر مواطنون أمامه
undefined

شادي الأيوبي-أثينا 

فيما دخلت اليونان في سباق الانتخابات من جديد، برز تطوران يضعان البلد في أزمة اقتصادية وأخرى سياسية.

التطور الأول كان حالة العجز التي وصلت إليها صناديق التأمين الاجتماعي الرئيسة، إذ استهلكت ما يقارب نصف المبلغ السنوي الذي تدعمها به الدولة اليونانية، وهو ما يضع الدولة اليونانية أمام تحديات مالية جديدة.

التطور الثاني كان إعلان رئاسة الجمهورية اليونانية أن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل اقترحت عليها إجراء استفتاء بالتوازي مع الانتخابات المقبلة حول رغبة اليونانيين في البقاء أو الخروج من حزمة اليورو، الأمر الذي استدعى ردود فعل عنيفة من قادة الأحزاب اليونانية، رغم نفي المستشارة الألمانية له، وتأكيدها على دعم الاتحاد الأوروبي لمحاولات اليونان تجاوز أزمتها.

وفي ظل هذه الأجواء طلب وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال يورغوس زانياس، من مصالح الضرائب العمل ساعات إضافية وتقليص النفقات إلى الحد الأقصى، وذلك لتحصيل أكبر قدر من الضرائب خلال الثلاثين يوماً التي تسبق الانتخابات القادمة، فيما دفع مناخ انعدام الثقة المزيد من اليونانيين إلى تأجيل تسديد المستحقات الضريبية المتوجبة عليهم إلى صناديق الدولة.

مطالب الصناعيين
وقال رئيس غرفة صناعة أثينا كوستاندينوس ميخالوس، إن عالم الأعمال في اليونان ينتظر من الانتخابات القادمة تشكيل حكومة ائتلافية تنقذ البلد من حالة انعدام القيادة التي تعيشها، لأن بعض السياسيين اختاروا أن يلعبوا لعبة خطيرة عرضت البعد الأوروبي للبلد للأخطار، معتبراً أنهم سيدفعون ثمن خياراتهم من خلال الانتخابات القادمة.

ميخالوس أكد أن الوضع الحالي يزيد من حدة مشكلات اليونان الاقتصادية (الجزيرة نت)
ميخالوس أكد أن الوضع الحالي يزيد من حدة مشكلات اليونان الاقتصادية (الجزيرة نت)

وعن تأثير الوضع على الاقتصاد، قال ميخالوس للجزيرة نت إنه يزيد حدة المشكلات الاقتصادية ويجعل حلها أكثر صعوبة، آملاً أن لا يؤثر كذلك على مسيرة البلد الأوروبية، كما تمنى أن يصوّت اليونانيون في 17 يونيو/حزيران القادم تبعاً للمنطق والتوجه الأوروبي لليونان، لا الغضب والعقاب، كما جرى في الانتخابات الأخيرة.

وقال إن المشكلة اليونانية هي مشكلة لعموم أوروبا، وهو الأمر الذي يعمق الحاجة لحكومة ائتلافية في اليونان تكون قد قررت سلفا الأجندة السياسية التي ستتبعها، وتقرر بمشاركة الأوروبيين السياسة الاقتصادية لأوروبا، بحيث تتوقف اليونان عن هزّ النسيج الأوروبي.

معركة شديدة
أما الكاتب في صحيفة "إيثنوس" اليومية يورغوس ديلاستيك، فتوقع أن تكون المعركة الانتخابية شديدة للغاية، كما توقع حصول حزب التجمع الاشتراكي "سيريزا" على 120 أو 130 مقعدا نيابياً، وحينها ستكون هناك ضغوط شعبية كبيرة للغاية على الأحزاب اليسارية -بما فيها الحزب الاشتراكي باسوك- أو الأحزاب المعارضة لاتفاقية الدين، للمشاركة في الحكومة.

وقال ديلاستيك للجزيرة نت إن "سيريزا" لن يحصل على الأغلبية المطلقة، ولن يحظى بدعم الحزب الشيوعي، وهذا يعني أن حكومته الائتلافية لن تكون معارضة تماماً لاتفاقية الدين لأن مشاركة الأحزاب الأخرى ستجعل منه "أسيراً" في عمليات التصويت الحرجة، مما يعني أنه سيضطر للتخفيف من حدّة مواقفه، لكنها ستكون أفضل لليونانيين من الحكومات التي تمَّ تشكيلها مؤخراً.

واعتبر أن حكومة بهذه المعايير ستنجح في تحقيق أمور مثل استعادة بعض حقوق العمال والموظفين ورفع المعاشات التقاعدية والرواتب، كما سيكون الأوروبيون مضطرين لاحترام قراراتهم، مضيفاً أن تصريحات المسؤولين الألمان حول خروج اليونان من حزمة اليورو ليست سوى عملية تخويف لليونانيين لدفعهم لانتخاب أحزاب مؤيدة لاتفاقية الدين، لا سيما "الديمقراطية الجديدة" الحزب الوحيد القادر على تشكيل حكومة من بين الأحزاب المؤيدة لتلك الاتفاقية.

وتوقع ديلاستيك أن الحزب الاشتراكي "باسوك" سيشهد تغييرات جذرية بعد الانتخابات، وقد يغير زعيمه واسمه وبرنامجه ليظهر بشكل حزب جديد في منطقة الوسط اليساري.

وأظهر استطلاع للرأي نشر نهاية الأسبوع الجاري، حزب التجمع اليساري "سيريزا" كقوة أولى في الانتخابات المقبلة بنسبة 21.7%، فيما جاء حزب اليمين الوسطي "الديمقراطية الجديدة" ثانياً بنسبة 20.2%، وحلّ الحزب الاشتراكي "باسوك" في المرتبة الثالثة بنسبة 11.7%، وأظهر الاستطلاع دخول الحزب النازي المتطرف البرلمان بنسبة تصل إلى 3.7% مقابل 6.8% كان حصل عليها في الانتخابات الأخيرة.

المصدر : الجزيرة