سلوان حرب استنزاف بالهدم والحرمان

بلدة سلوان المجاورة للحرم القدسي الشريف
undefined
 
وديع عواودة-القدس المحتلة
 
بلدة سلوان في القدس جارة قريبة جدا  للمسجد الأقصى مما يجعلها هدفا للاحتلال الإسرائيلي الذي لا يدخر وسيلة لتهويدها وتهجير أهلها الذين يخوضون معركة البقاء وحدهم وسط عتب على العرب والمسلمين والسلطة الفلسطينية.

بلدة سلوان -جزء من القدس الشرقية- تحرم من البناء رغم أنها تمتد على 5640 دونما ويقيم فيها خمسون ألف نسمة حاز 67 منهم فقط على تراخيص بناء منذ 1967 فيما ترفض المئات من طلبات الترخيص وهناك 88 بيتا فيها صدرت بحقها أوامر هدم. يشار إلى أن الاحتلال الذي يسعى لتبرير جرائمه بزعم البناء غير المرخص أتاح للمستوطنين بناء 56 بيتا جديدا في قلب الحي فيما يخالف الأهالي العرب على بيوت بنيت قبل 1967 أو حتى 1948.

ويتعرض حي البستان الأقرب للأقصى لتصعيد غير مسبوق من قبل الاحتلال الذي أصدر أوامر هدم لعشرات من منازله بموازاة استماتته في الاستيلاء على كل شبر فيه لاستكمال مشروع الحديقة التوراتية.

‪‬ أبو دياب: الأهالي لا يحظون بالراحة داخل منازلهم ويسكنهم هاجس المداهمة والهدم(الجزيرة نت)
‪‬ أبو دياب: الأهالي لا يحظون بالراحة داخل منازلهم ويسكنهم هاجس المداهمة والهدم(الجزيرة نت)

قلق ورعب
وفي حديث للجزيرة نت يستعرض رئيس اللجنة الشعبية للدفاع عن سلوان فخري أبو دياب مأساة أهالي البلدة الذين تهدد جرافات الاحتلال العشرات من منازلهم بالهدم.

ويقول أبو دياب إن الأهالي لا يحظون بالراحة داخل منازلهم ويسكنهم هاجس المداهمة والهدم ويتابع "نحن نعيش صراعا نفسيا مقيتا فنتناول طعامنا نقول في سرنا هل تكون هذه آخر وجبة طعام في بيتنا".

أبو دياب المقيم في حي البستان داخل منزل متواضع في صدره علقت رسمة سيدة بالسواد تسير في الصحراء في إشارة للسير بالمجهول كما يقول مشيرا إلى حرمان أهالي الحي من الحياة الطبيعية البسيطة وعيشهم الدائم في حالة رعب وقلق دائمين من احتمال مداهمتهم بالجرافات.

حديقة توراتية
ويوضح أنه ظل يقيم في منزل العائلة الذي بني قبل 1967 فبادر لتوسيعه بعدما رزق بخمسة أولاد بدون ترخيص لأن البلدية رفضت كل طلباته بذريعة أن حي البستان منطقة تاريخية وأثرية.

ويضيف "بسخرية أجابني مهندس بلدية الاحتلال أن الملكين داهود وسليمان تجولا في البستان وأنه معد ليكون حديقة توراتية".

أبو دياب الذي اعتقل وزوجته وأولاده بحجة البناء غير المرخص وتعرض للاعتداءات أمام أسرته عدة مرات يشدد أن الأهالي يبنون بلا تراخيص لا لحبهم مخالفة القانون -الذي يفرض عليهم غرامات باهظة جدا- إنما لأنهم مضطرون لذاك، ولعدم وجود بديل آخر سوى التهجير.

‪‬ أبو سند: بإعادة بناء ما يهدمه الاحتلال رسالة بقاء وصمود(الجزيرة نت)
‪‬ أبو سند: بإعادة بناء ما يهدمه الاحتلال رسالة بقاء وصمود(الجزيرة نت)

صدمة الأطفال
ويضيف "الأهالي في سلوان كلهم مصممون على البقاء فهذه عقيدتنا وهنا ماضينا ومستقبلنا رغم محاولات الاحتلال بتجريمهم وتحويل حياتهم إلى جحيم".

وينقل أبو دياب عن زوجته، أخصائية نفسية، أن عددا كبيرا من الأطفال في حي البستان يكابدون حالة نفسية خطيرة ويتابع "اجتمعت قبل شهرين بنحو سبعين طفلا من الحي ومنحتهم فرصة للرسم فرسموا جرافات وجنودا أو جرحى ومسعفين دون أن يرسم أحدهم منظرا طبيعيا جميلا لشجرة أو بحر… إلخ".

وخلال زيارة الجزيرة نت الحي الفقير والمهمل -الذي تبلغ نسبة الرجال العاطلين عن العمل فيه 48% جراء التمييز وممارسات بلدية الاحتلال- شكا الأهالي ممن يسلط سيف الهدم على رقابهم أنهم لا يجدون من يسعفهم.

غرامات باهظة
الحاج سعيد راضي أبو سند (74 عاما) أعاد بناء بيته في حي البستان أربع مرات بعد هدمه كل مرة من جديد بدءا من 1991 ويطالب اليوم بتسديد غرامة بقيمة عشرين ألف دولار.

ويقول أبو سند للجزيرة نت إنه بإعادة بناء ما يهدمه الاحتلال رسالة بقاء وصمود مشيرا إلى أن ما فعله شجع بقية الأهالي على التعاون وإعادة بناء ما يهدمه الاحتلال, "وليس لنا مفر سوى الثبات فالقضية تتعدى بيتا ونحن بصدد المحافظة على وطن وعلى القدس وواجباتنا تجاهها كبيرة".

‪‬ أبو خلدون هدم منزله ثلاث مرات وتلاحقه بلدية الاحتلال بأوامر هدم جديدة وبغرامات عالية جدا(الجزيرة نت)
‪‬ أبو خلدون هدم منزله ثلاث مرات وتلاحقه بلدية الاحتلال بأوامر هدم جديدة وبغرامات عالية جدا(الجزيرة نت)

العرب والمسلمون
وهذا ما يؤكده ماهر سرحان (أبو خلدون) الذي استشهد شقيقه سامر في 2010 خلال دفاعه عن منزل العائلة من جرافات الهدم وهو الآخر يشكو إهمال القدس من قبل العرب والمسلمين أيضا.

أبو خلدون (53 عاما) المريض والذي يضطر لإعالة خمسة أبناء, شقيقه أيضا لم يتوقف عن التدخين خلال استعراضه مأساته بعدما هدم منزله ثلاث مرات وتلاحقه بلدية الاحتلال بأوامر هدم جديدة وبغرامات عالية جدا وبإقالة بعض أبنائه من أماكن عملهم انتقاما منه.

السلطة الفلسطينية
ويروي أهالي سلوان لنا فصول التنكيل والإهانات المتواصلة التي يمارسها الاحتلال للضغط عليهم, ويشير أبو مفلح اللفتاوي (75 عاما) -المهجر من قريته لفتا في نكبة 48 ويقيم لاجئا في سلوان- إلى أن الأهالي هنا يخوضون حرب استنزاف.

ويشير لظاهرة المداهمات الليلية لافتا إلى أن النساء والأطفال لا ينجون من الاعتقال والتنكيل والإهانات, مضيفا "لك أن تتخيل مداهمة الجنود بيتك واعتقال أحد أبنائك وحينما تهب لمساعدته يشتمك ولا يتورع عن الاعتداء عليك أمام زوجتك وبناتك".

ويوجه الكثير من أهالي الحي الانتقادات للسلطة الفلسطينية ووسائل إعلامها لإهمالها ملف القدس ولمحنة سلوان ويشيرون لغياب كل أشكال الدعم والتثقيف والتوعية أمام مخاطر التهويد والاقتلاع.

المصدر : الجزيرة