حكومات إقليمية بالصومال بقرارات ذاتية

صورة لحفل إعلان ميلاد ولاية خاتمة في تليح في يناير من العام الجاري
undefined

عبد الفتاح نور أشكر-بوصاصو

بعد تأسيس حكومة بونتلاند الإقليمية في الصومال عام 1998، وحصولها على مكاسب سياسية من مؤتمر السلام والمصالحة المنعقد في كينيا عام 2004 بدأت الصومال تشهد قيام حكومات إقليمية بقرارات ذاتية صارت حاليا موجودة بجميع أنحاء البلاد في ظل استمرار الحرب الأهلية.

ويقول الباحث في مركز بونتلاند للدراسات والبحوث برهان أحمد طاهر إن الدافع لقيام حكومات إقليمية هو أن يفرض كل إقليم نفسه والبحث عن موطئ قدم له في هذا المسرح السياسي المضطرب.

ويقول وزير الدولة بوزارة الشؤون الدستورية والفدرالية والحكم الرشيد حسن محمد جمعالي للجزيرة نت إن عدد الحكومات الإقليمية وصل حاليا إلى عشرين حكومة إقليمية، تعترف حكومة الصومال الفدرالية باثنتين فقط منها وهما حكومة بونتلاند وولاية غلمدج.

محمود: لم يتحقق لمنطقتنا أي إنجاز منذ الاستقلال إلا في ظل الحكومة الإقليمية الحالية (الجزيرة)
محمود: لم يتحقق لمنطقتنا أي إنجاز منذ الاستقلال إلا في ظل الحكومة الإقليمية الحالية (الجزيرة)

وذكر جمعالي أن الحكومة الصومالية الفدرالية ترحب بأي خطوة في اتجاه تأسيس كيانات إقليمية تحت مظلة جمهورية الصومال الفدرالية "لأن ذلك يساهم في تعزيز مفهوم الدولة ويصب في مصلحة الشعب الصومالي".

وأوضح أن "الحكومة الصومالية الفدرالية ترحب بقيام حكومات إقليمية شريطة الالتزام ببنود الدستور الذي يقتضي قيام أي حكومة إقليمية في مساحة جغرافية تشمل أكثر من محافظتين ويرى أهلها ضرورة تمتعهم بالحكم الذاتي، مع الالتزام بتنفيذ السياسات التي ترسمها الحكومة على الصعيد الفدرالي".

وأشار الوزير إلى أن ما يحدث حاليا في الصومال بتأسيس حكومات إقليمية غير معترف بها من قبل الحكومة الفدرالية هي "فوضى يُقصد منها  تفكيك أواصر المجتمع الصومالي، وتتنافى بصورة مباشرة مع بنود الدستور الفدرالي".

وذكر الوزير أن الحكومة الصومالية الفدرالية لا تشجع قيام حكومات إقليمية بهذا الشكل الذي وصفه بأنه "عشوائي يتعارض مع ما تطمح إليه الحكومة الفدرالية لتكامل الأقاليم، مع المحافظة على خصوصية الحكم لكل إقليم في إطار دولة صومالية فدرالية ذات سيادة قومية تضمن لمواطنيها توفير الراحة والرفاهية".

وامتدح الوزير حكومة بونتلاند الصومالية، حيث قال "لقد قطعت هذه الحكومة مشوارا في مضمار توفير الأمن للمواطن، وفي طريقها إلى الديمقراطية والتعددية الحزبية".

الكاتب والمؤرخ الصومالي صادق محمد (الجزيرة نت)
الكاتب والمؤرخ الصومالي صادق محمد (الجزيرة نت)

استنزاف للطاقات
ويرى الباحث في مركز بونتلاند للدراسات والبحوث برهان أحمد طاهر أن الحكومات الإقليمية لا تهدف إلى توفير ضمانات الراحة للشعب الصومالي المنضوي تحت إدارتها، بل تهدف فقط إلى الحصول على مكاسب سياسية آنية على حساب البؤساء.

 
ويقول برهان إن الحكومات الإقليمية التي بدأت تتشكل مؤخرا في دول المنفى، تستنزف طاقات شبابها حيث يتم زجهم في أتون حروب أهلية لا طائل منها "ويحركها صوماليون مغتربون لديهم أجندات خفية".

وأضاف برهان معربا عن قلقه "لا يُنتظر أن تقوم تلك الحكومات الإقليمية التي يقيم مؤسسوها في خارج الصومال أن تغير من الوضع المعيشي والسياسي والاجتماعي للشعب، ولا شك أنها تتحول إلى معاول لهدم المجتمع بدل تحقيق الرفاهية والحياة الكريمة".

أما الكاتب والمؤرخ الصومالي صادق محمد أحمد فيقول "انتشار الحكومات الإقليمية بهذا الشكل لا يعني سوى مزيد من استمرار دوامة العنف في الصومال".

وذكر صادق "الهدف من قيام أي حكومة مهما كانت هو تغيير مستوى معيشة شعبها إلى الأفضل، من حيث توفير ضمانات الراحة والرفاهية، وهذه ما تفتقده الحكومات الإقليمية التي قامت على أساس جهوي".

 

برهان: الدافع لقيام حكومات إقليمية هو الحصول على موطئ قدم في هذا المسرح المضطرب(الجزيرة)
برهان: الدافع لقيام حكومات إقليمية هو الحصول على موطئ قدم في هذا المسرح المضطرب(الجزيرة)

وقلل صادق من نجاح هذه الحكومات الإقليمية المنتشرة في الصومال لعدة عوامل من بينها أنها حكومات لا تتمتع بشرعية قانونية من قبل الحكومة الفدرالية، وأنها تفتقر لكادر قيادي واع يفهم رغبات الشعب، ويعطي الأولوية للأمن وتحسين مستوى المعيشة.

إنجاز
من جهة أخرى يقول المتحدث باسم ولاية غلمدج الإقليمية أحمد محمود حسن للجزيرة نت إنه لم يتحقق أي إنجاز لمنطقتهم منذ استقلال الصومال في الستينيات فيما عدا ما قامت به حكومة غلمدج الإقليمية الحالية خلال عدة سنوات.

وأوضح محمود "السر في ذلك هو النظام الفدرالي الذي انتهجته الصومال مؤخرا، والذي يعطي للأطراف مساحة واسعة للحكم شبه الذاتي، ومن خلال منح ولاية غلمدج هذه المساحة من الاستقلالية نجحنا في معرفة احتياجات شعبنا من مشاريع التنمية التي تساهم برفاهية المواطن والمنطقة".

وأشار المتحدث باسم ولاية غلمدج إلى أن تأسيس حكم شبه ذاتي للإقليم عام 2006 أصبح حافزا لشعب غلمدج للمساهمة الفعّالة في بناء مؤسسات الحكم في الولاية، مما أثر إيجابا في توفير ضمانات الرفاهية لمواطني الولاية".

المصدر : الجزيرة