بوادر أزمة غذائية وتموينية بتمبكتو

من سوق المواد الغذائية
undefined

أمين محمد-تمبكتو

يجلس الشيخان الطاعنان في السن زيني ولد عالي وابن عمه منذ أيام عدة أمام أحد الأسواق الشعبية في مدينة تمبكتو، ينتظران حصولهما على كميات من الزرع لإعاشة ذويهما في قرية الأطوال التي تبعد نحو 60 كلم عن المدينة.

يقول ولد عالي إن قريته الريفية تعاني حاليا من شح غذائي غير مسبوق بسبب تداعيات القحط والجفاف الذي ضرب عموم منطقة الساحل هذا العام، وإنه وصل قبل أيام إلى تمبكتو ليشتري حاجيات أسرته من الزرع، ولكنه تفاجأ باختفاء هذه المادة من الأسواق المحلية، ولسوء الحظ فقد فاتته حملة لتوزيع الحبوب والمواد الغذائية قامت بها حركة أنصار الدين خلال الأيام الماضية.

حال الرجلين كحال الكثيرين هذه الأيام في تلك المدينة التاريخية التي سيطر على الجزء الأهم منها مقاتلو حركة أنصار الدين قبل أيام وتمكنوا من توفير قدر جيد من الاستقرار الأمني والعسكري بها، إلا أن هذا الاستقرار لا يصاحبه بالضرورة استقرار في الوضع الغذائي والمعيشي للناس، وهو الوضع الذي قد يتجه نحو الأسوأ إن لم يتم القيام بخطوات عاجلة تعيد ضبط موازين السوق لحركيتها المعتادة.

أسواق تمبكتو تعاني نقصافي كميات الحبوب المتوفرة (الجزيرة نت)
أسواق تمبكتو تعاني نقصافي كميات الحبوب المتوفرة (الجزيرة نت)

البقاء أفضل
صحيح أن أعدادا كبيرة من السكان غادروا المدينة في الأسابيع الماضية هجرة ولجوءا، إما نحو الدول المجاورة أو حتى في اتجاه الجنوب المالي الأكثر استقرارا في الوقت الحالي، ولكن نسبة معتبرة من السكان ما زالت تفضل البقاء في المدينة على مواجهة ويلات التشرد والضياع.

وليس خافيا أن ما بقي في المدينة من سكانها يعيشون اليوم حالة من الخوف والقلق على مستقبلهم، ليس بسبب نذر الحرب وطبولها التي بدأت تقرع من قبل الحكام الماليين الجدد ومن طرف قادة دول الجوار فقط، ولكن أيضا بسبب الوضع الغذائي والتمويني الذي يواجه مصاعب حقيقية.

ويهدد الرئيس المالي الجديد ديونكوندا تراوري بشن حرب شاملة وحاسمة في الشمال لاستعادة أقاليم الشمال التي يسيطر عليها المقاتلون الطوارق من حركتي أنصار الدين والحركة الوطنية لتحرير أزواد، كما توعدت دول الجوار باللجوء إلى الخيار العسكري لحسم الموقف إن لم تعد الحركات الأزوادية الأمور إلى سابق عهدها.

وتسيطر حركة أنصار الدين بقوة على مقاليد الأمور داخل المدينة، في حين يتمركز مقاتلو الحركة الوطنية لتحرير أزواد في مطارها وعلى مشارفها القريبة من المطار.

ويشكو تجار وموردون في تمبكتو من عجزهم عن استيراد الحاجات الغذائية الأساسية للسكان بسبب الأوضاع الحالية في الإقليم، علما بأن أغلب المواد الغذائية كانت تستورد سابقا إما من موريتانيا أو من العاصمة المالية باماكو.

تبكتو أضحت تحت سيطرة كاملةمن مقاتلي الطوارق (الجزيرة نت)
تبكتو أضحت تحت سيطرة كاملةمن مقاتلي الطوارق (الجزيرة نت)

حصار اقتصادي
ويقول هؤلاء الموردون إن موريتانيا أصدرت قبل يومين قرارا بمنع تصدير بضائعها نحو الأقاليم الأزوادية، وإن الجيش الموريتاني المنتشر على الحدود بين البلدين منع المصدرين والمهربين من إخراج أي مواد غذائية أو بضائع نحو مناطق الشمال المالي.

وبينما أغلقت موريتانيا حدودها أمام تصدير البضائع، تعتبر الحدود مع جنوب مالي مغلقة عمليا بحكم عزوف التجار والموردين عن استيراد أي بضائع من هناك خوفا من تعريض أموالهم وأرواحهم للخطر، حيث أعاد الجيش المالي تمركزه في ولاية موبتي المحاذية للأقاليم الأزوادية الثلاثة، ويقول هؤلاء إن كل من تشتم فيهم رائحة الولاء للمقاتلين الطوارق يعاملون بقسوة.

وارتفعت في اليومين الأخيرين بأسواق تمبكتو أسعار السكر والزيوت التي تستورد أساسا من موريتانيا، وأسعار الزرع والأعلاف التي تستورد من الجنوب المالي، ولكن المواد الغذائية القادمة من الجزائر (المعجنات والوقود) ما زالت تحافظ على أسعارها المعتادة بسبب انسيابية عملية التوريد من الجزائر كما يقول أحد تجار تمبكتو.

ويقول أحد موردي المواد الغذائية والكهربائية من باماكو يدعى سيدي محمد جيكو إن جميع الشحنات القادمة من باماكو توقفت بشكل نهائي منذ فرار الجيش المالي من المدينة، مشيرا إلى أن المحال التي تباع فيه مستوردات تمبكتو ستتوقف بشكل نهائي وتغلق أبوابها فور انتهاء موجوداتها الحالية.

ويقول سيدنا عالي ولد سيدي -وهو من عرب تمبكتو الذين ترفض الغالبية الساحقة منهم فكرة الاستقلال عن مالي- إن الجيش المالي احتجز له بضائع في محافظة موبتي ومنع دخولها نحو الأقاليم الأزوادية.

المصدر : الجزيرة