هل توفّق مصر بين الخرطوم وجوبا?

الرئيس السوداني عمر البشير يلتقي وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو في الخرطوم ضمن جهود مصرية لحل الأزمة مع جنوب السودان
undefined

عماد عبد الهادي-الخرطوم

في وقت أبدت فيه مصر استعدادها الكامل للعب دور الوسيط بين الخرطوم وجوبا لمعالجة الأزمة القائمة بينهما، رهن السودان أي معالجة مع الدولة الوليدة بخروج قواتها من منطقة هجليج أولا ووقف دعم متمردي السودان ثانيا.

ويبدو أن إدانة المجتمع الدولي لخطوة دولة جنوب السودان ومطالبته إياها بسحب قواتها من هجليج قد منحا الخرطوم مبررات كافية للتمسك بكافة مواقفها المتعلقة بالقضايا الأخرى كترسيم الحدود وأوضاع المواطنين في الدولتين وحقوق البترول وغيرها.

لكن مع ذلك تبدو القاهرة مصرة بل ملحة على ضرورة إيجاد حلول للأزمة التي ترى أنها ستقف أمام بناء علاقات طيبة بين السودان وجارته الجديدة، داعية إلى حقن الدماء وصون ممتلكات الشعبين.

وكان الرئيس السوداني عمر البشير تلقى رسالة شفهية من رئيس المجلس العسكري المصري محمد حسين طنطاوي عبر وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو عارضا من خلالها استعداد مصر للعب دور الوسيط من أجل احتواء الأزمة التي فجرها احتلال دولة الجنوب لمنطقة هجليج السودانية مؤخراً.

محمد كامل عمرو أكد من جوبا اهتمام مصر الكامل بحل الأزمة (الجزيرة نت)
محمد كامل عمرو أكد من جوبا اهتمام مصر الكامل بحل الأزمة (الجزيرة نت)

لكن البشير أبلغ المبعوث المصري أن السودان فقد جزءا عزيزا من أراضيه (بانفصال الجنوب) من أجل السلام وخلق علاقات طبيعية مع جوبا "لكن حكومة الجنوب ظلت تقابل الإحسان بالعدوان وآخره اعتداؤها السافر على هجليج (المنطقة التي لم تكن من المناطق المختلف عليها) وعلى مرأى ومسمع العالم".

واعتبر البشير -بحسب ما قال وزير الدولة بالخارجية السودانية صلاح ونسي للصحفيين- العدوان الجنوبي سافرا وغير مبرر، مشيرا إلى أنه وجد الرفض الكامل إقليميا ودوليا.

استعداد مصري
من جهته أكد وزير الخارجية المصري -الذي وصل العاصمة الجنوبية جوبا وبدأ لقاءات مع مسؤوليها اليوم الاثنين- اهتمام بلاده الكامل بالأزمة، مشيرا إلى أن القاهرة أجرت اتصالات عدة مع المسؤولين في الخرطوم ونظرائهم في جوبا وعدد من دول الجوار "بهدف نزع فتيل الأزمة".

وقال للصحفيين إن القاهرة مستعدة للتوسط بين الطرفين "وسنطرح في جوبا ذات الرغبة مع الاستعداد للتوسط والعمل من أجل تحقيق علاقات طبيعية بين السودان وجنوب السودان"، مطالبا بوقف الحرب حقنا للدماء وصونا للممتلكات.

وأكد أنه يسعى لاستكشاف الدور الذي يمكن أن تقوم به القاهرة لنزع فتيل الأزمة، مشيرا إلى أنه من المبكر تسمية ما تقوم به بلاده بالوساطة، وقال "نحن هنا للاستماع ومعرفة الحقائق ومن ثم بلورة مقترحات ورؤى يمكن أن تساعد في الحل وترد الحقوق".

من ناحيته قال وزير الإعلام في دولة الجنوب برنابا بنجامين إن جوبا ترحب بالدور المصري الذي وصفه بالمهم، وعبر عن أمله في أن تكلل جهود مصر بالنجاح.

استبعاد
غير أن محللين سياسيين استبعدوا نجاح القاهرة في تليين مواقف الطرفين على الأقل في الوقت الراهن، مشيرين إلى تمسك كل طرف بموقفه. فقد استبعد المحلل السياسي محمد علي سعيد نجاح الجهد المصري في نزع فتيل الأزمة. ورأى أن هناك جهات -لم يسمها- لها المصلحة في استمرار التوتر بين جوبا والخرطوم.

 الساعوري توقع حسم الأزمة عبر القوة العسكرية (الجزيرة نت-أرشيف)
 الساعوري توقع حسم الأزمة عبر القوة العسكرية (الجزيرة نت-أرشيف)

لكنه لم يستبعد كذلك في حديثه للجزيرة نت إمكانية نجاح مصر في إقناع الطرفين "على الأقل" بوقف المواجهات العسكرية الحالية والوصول لهدنة أو الجلوس للتفاوض بشأن ترسيم الحدود، مشيرا إلى تشدد كل طرف في موقفه.

أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين حسن الساعوري فقد أكد أن الطرفين غير مستعدين لقبول أية دعوة دولية، متوقعا أن "تحسم الأزمة عبر القوة العسكرية"، وموضحا أن جوبا منحت الخرطوم فرصة كبيرة لحسم كافة مواقع الاختلاف.

وتوقع أن ينتقل السودان بعد تحرير هجليج إلى مواقع أخرى يجد المتمردون فيها دعما من جوبا لتأمين كل حدوده مع الدولة الوليدة، مشيرا إلى أن الاستنفار الذي أعلنته الحكومة السودانية لم يجد الرفض من كافة قوى المعارضة "وبالتالي فإنها ربما لن تتوقف إلا بحسم كل الأمر".

المصدر : الجزيرة