معاناة الحوامل في جنوب الصومال

النساء الحوامل يعتمدن على الطرق التقليدية في الولادة
undefined

عبد الرحمن سهل-كيسمايو

تعاني المرأة الصومالية أثناء فترتي الحمل والولادة بمدينة كيسمايو وبقية المدن في جنوبي الصومال حيث تطغى وسائل الولادة التقليدية على الوسائل الحديثة وتكاد تنعدم الرعاية الصحية الضرورية للأم ووليدها، بحسب أطباء في كيسمايو.

السيدة حريدة محمد واحدة من هذه الأمهات حيث أنجبت تسعة أطفال قبل أن تلد العاشر في بيتها ميتا قبل خمسة أيام، وتقول للجزيرة نت إنها واجهت صعوبات جمة أثناء فترة الحمل بسبب الضائقة المعيشية وفقر الدم، وقد أوشكت على الموت عند الولادة، وما زالت تخشى مع زوجها الذي يعمل سائق حافلة على أطفالهما التسعة من صعوبات الحياة.

فرحية خليف عانت خلال الحمل بسبب فقر الدم (الجزيرة)
فرحية خليف عانت خلال الحمل بسبب فقر الدم (الجزيرة)

أما السيدة فرحية خليف فقد وضعت طفلها الثالث قبل سبعة أيام في بيتها، وهي تشتكي بطبيعة الحال من الأمراض الناجمة عن سوء التغذية وفقر الدم، وتؤكد وهي تحمد الله أنها مرت بأوضاع مرعبة أثناء فترة الحمل.

ويعمل زوجها محمد حسن إبراهيم في قطع الأشجار لاستخراج الفحم وبيعه، إلا أنه لا يخفي قلقه من صعوبة تأمين طلبات عائلته وشراء الأدوية الضرورية لزوجته.

ومع أن مستوى المعيشة للسيدة حليمة طاهر -وهي أم لطفلين- أفضل مما هو متوفر للسيدة فرحية، فإن هذا لم يقف حائلا دون إصابتها بأورام في معظم جسدها نتيجة فقر الدم حتى عجزت عن المشي.

غياب التوعية
وقد يكون من الصعب إحصاء وحصر قصص معاناة الأمهات التي تمتلئ بها المناطق الجنوبية، حيث تعاني غالبية الحوامل من فقر الدم وغياب التوعية والرعاية الصحية، كما تقول الممرضة شكري عبده غيدي.

وتحذر الممرضة غيدي من الآثار الصحية القاتلة بسبب الاعتماد على الوسائل التقليدية في الولادة، وتناول الحامل أدوية بدعوى أنها تسرع وتسهل عملية الولادة غير أنها تؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل تمزق الرحم أو حتى وفاة الأم ووليدها.

وفي هذا السياق يؤكد الدكتور محمد يوسف ارتفاع حالات الوفاة وسط النساء أثناء الولادة، حيث تتوفى 60% من النساء مع مواليدهن أثناء الولادة، في حين تنجو 30% من النساء مع المواليد، ويموت نحو 10% من المواليد دون الأم.

عبد الصمد: نسبة الأمية وسط الأمهات تصل إلى 80% (الجزيرة)
عبد الصمد: نسبة الأمية وسط الأمهات تصل إلى 80% (الجزيرة)

ويعبر يوسف عن قلقه إزاء افتقار المستشفيات للطبيبات المتخصصات في إسعاف الحوامل عند الحاجة، وذلك بسبب هيمنة العادات والتقاليد على المجتمع، حسب قوله.

ويرى مدير مركز شفا الصحي الدكتور فارح بقورو أن ارتفاع نسبة الوفيات أثناء الولادة يعود إلى تناول الأدوية دون وصفة طبية، والتأخر في نقل الحامل إلى المراكز الصحية عند اقتراب موعد الولادة.

أما عميد كلية التمريض لجامعة كيسمايو الدكتور عبد الصمد أبو بكر فيعتقد أن 99% من الحوامل في مناطق جوبا يعتمدن على الطرق التقليدية حيث تتم الولادة في بيوتهن وتحت إشراف الأمهات المفتقرات للخبرة، ويقول إن المرأة الصومالية تعاني مع أطفالها بسبب هيمنة التقاليد والأمية والفقر حيث تصل نسبة الأمية وسط الأمهات إلى 80%.

تواضع الإمكانيات
وفي السياق نفسه، أكد أخصائي الجراحة العامة الدكتور محمد يوسف أبو بكر وجود هذه الصعوبات، وأشار إلى أن المشكلة لا تقتصر على صعوبة نقل المرأة الحامل إلى المراكز الصحية في الوقت المناسب، بل إن هذه المراكز تفتقر أصلا للمعدات الطبية الحديثة.

ولا يتجاوز عدد المستشفيات والمراكز الصحية في مدينة كيسمايو أصابع اليد، وأبرزها مركز شفا الصحي والمستشفى العام لكيسمايو ومركز مسلم إيد الصحي، الذي يقدم الخدمات للأمهات والأطفال، ومستشفى البحرين العام الذي افتتح مؤخرا بتمويل من جمعية التربية الإسلامية في البحرين.

وتحاول إحدى عشرة ممرضة فقط القيام برعاية الأمهات وأطفالهن في المدينة كلها، إلى جانب تسعة أخريات تلقين التدريب لملء الفراغ في هذه المراكز.

المصدر : الجزيرة