قراءة في نتائج الانتخابات السنغالية

egalese President Abdoulaye Wade (C) arrives on February 27, 2012 for a public declaration at the presidential palace in Dakar.
undefined

سيدي ولد عبد المالك-دكار

يحلو للكثير من المراقبين والمهتمين بالشأن السياسي السنغالي وصف الانتخابات الرئاسية الأخيرة بأنها استفتاء، وذلك نتيجة الجدل الدستوري الذي شاب ترشح الرئيس المنتهية ولايته عبد الله واد لولاية ثالثة، وما لعبه هذا الجدل من أدوار حاسمة في نسج خارطة التحالفات السياسية التي أدت إلى خسارة واد للانتخابات.

ويعتقد مراقبون أن نتائج الانتخابات الأخيرة شكلت اختبارا حقيقيا  لقياس مدى حيوية وفاعلية التجربة الديمقراطية السنغالية وقابليتها للاستمرار، رغم حملات التشكيك في قدرة النظام على تنظيم انتخابات حرة ونزيهة قد تأتي بالمعارضة إلى السلطة، وهزات العنف التي عاشتها البلاد في الأشهر الأخيرة احتجاجا على مشاركة الرئيس المنتهية ولايته في السباق الرئاسي.

واعتبر الكاتب السنغالي محمد سعيد باه أن ثمة عوامل رئيسية لعبت دورا كبيرا في إسقاط واد الذي سخر موارد الدولة في شراء الذمم والتأثير على اقتناعات الناخبين من أجل ضمان فوزه، وفق قوله.

ورأى في حديث للجزيرة نت أن من أهم هذه العوامل، وعي الشعب السنغالي ونضج طبقته السياسية ومجتمعه المدني، مشيرا إلى أن لحمة المعارضة في وجه الرئيس واد، رغم تبايناتها الفكرية وحساباتها السياسية المختلفة، كان العامل الرئيسي و المباشر في خسارة واد للانتخابات.

وأضاف باه أن هناك خيبة أمل في الشارع السنغالي تجاه المشروع السياسي للرئيس واد، الذي لم يستجب لتطلعاتهم خاصة في المجال الاجتماعي، إضافة إلى محاولاته إجهاض الديمقراطية السنغالية بمشروع التوريث الذي سوّق له وسعيه إلى تمديد عمر نظامه السياسي في السلطة من خلال اللجوء لبعض التعديلات الدستورية التي تنافي روح الديمقراطية، بحسب قوله.

‪باه قال إن الرئيس واد قضى على مستقبل حزبه السياسي لتفرده بالقرارات‬ (الجزيرة نت)
‪باه قال إن الرئيس واد قضى على مستقبل حزبه السياسي لتفرده بالقرارات‬ (الجزيرة نت)

وربط أسباب نجاح التجربة السياسية السنغالية قياسا ببعض التجارب المتعثرة على المستويين الإقليمي والقاري (موريتانيا وساحل العاج ومالي وكينيا) بسبب الانقلابات العسكرية في الغالب- بخصوصية المجتمع السنغالي الذي يمتلك خلفية ثقافية ومدنية جيدة مقارنة بالمجتمعات الأفريقية الأخرى.

الشعب مصدر الشرعية
ولفت إلى أن هذه الخصوصية مكنت الشعب السنغالي من تجاوز بعض الحواجز التي لا تزال تنخر النسيج الاجتماعي لبعض المجتمعات الأفريقية كقضايا الإثنية والهوية والجهوية، هذا بالإضافة إلى التاريخ الطويل والمتراكم للسنغاليين مع الممارسة الانتخابية.

وأضاف أن الميزة الإضافية التي عززت هذه التجربة تكمن في حياد المؤسسة العسكرية بالسنغال، التي ظلت تمارس وظائفها الدستورية، واستطاعت أن تنأى بنفسها عن السجال السياسي.

في المقابل دافع الحسن غالو -القيادي باتحاد الشباب الليبرالي الداعم لواد- عن موقف الأخير بالقول إن موقفه جاء ليؤكد على تعهداته بقبول نتائج الانتخابات والتنازل عن السلطة إذا كان هذا هو خيار الشعب السنغالي.

وأضاف غالو في تصريح للجزيرة نت أنه ليس في تصرف الرئيس واد ما يثير الغرابة، معتبرا أن  موقفه سيقوي من اقتناع السنغاليين بمؤسساتهم الدستورية، ويعزز من احترامهم لنظامهم الانتخابي، كما سيجسد مبدأ "الشعب.. مصدر الشرعية" في مخيلة المجتمع السنغالي.

وعن إقرار الرئيس واد بهزيمته وتهنئته لمنافسه ماكي سال، رأى باه أنه لم يعد أمام واد من خيار سوى الاعتراف بفشله لصون ماء وجهه بعد أن استنفد كل المناورات والمراوغات، معتبرا أن واد قضى على المستقبل السياسي للحزب الديمقراطي السنغالي الحاكم من خلال  انفراده بتسيير شؤون الحزب وحصر القرارات السياسية للحزب في يده.

المصدر : الجزيرة