اتهامات وتراشق إعلامي داخل فتح

Palestinian president Mahmud Abbas gestures during a meeting of the Fatah Central Committee in the West Bank city of Ramallah on January 29, 2012.

محمود عباس خلال اجتماع للجنة المركزية لفتح بالضفة الغربية نهاية الشهر المنصرم (الفرنسية)

عوض الرجوب-الخليل

تشهد حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) مجددا موجة من الاتهامات والتراشق الإعلامي الداخلي، إذ شنت قيادات من الحركة هجوما على رئيسها محمود عباس، في حين فصلت اللجنة المركزية للحركة عضو المجلس الثوري سمير مشهراوي.

وتنفي قيادة الحركة وجود أبعاد جغرافية أو تفضيل الضفة على غزة في الخلافات المتصاعدة وعمليات الفصل الأخيرة، وتؤكد أن القضية لها علاقة بأشخاص يريدون أن يبقوا فوق القانون، وبلوائح وتنظيمات داخل الحركة لم يلتزم البعض بها.

لكن محللين يرون أن الخلاف والمخاض الذي تعيشه الحركة نابع من مجموعة تحديات، ومن تناقض الرؤى والأجندات الداخلية، لكنهم يستبعدون أي انشقاق، نظرا لعدم وجود حاضنة للتشكيلات الجديدة كما هي الحال في الماضي.

أسامة القواسمي: البعض يحاول خلق بلبلات داخلية (الجزيرة نت)
أسامة القواسمي: البعض يحاول خلق بلبلات داخلية (الجزيرة نت)

هجوم إلكتروني
وكانت حركة فتح قد حذرت في بيان سابق لها من مخاطر ما سمته حملة الأكاذيب والإشاعات المغرضة التي تقوم بها مجموعة وصفتها بالمرتزقة والمارقين من خلال مواقع إلكترونية تحمل شعارات ورموز حركة فتح وهي لا تمت للحركة بأي صلة.

في المقابل فإن قيادات في الحركة -بينها سمير مشهراوي وأبو علي شاهين- هاجمت رئيس الحركة ورئيس السلطة محمود عباس على مواقع إلكترونية، حتى وصل الأمر بشاهين إلى القول إن عباس وصل لموقع رئيس فتح بالتصفيق وليس بالتصويت.

وفي الوقت نفسه تناقلت مواقع إلكترونية محسوبة على تيار عضو اللجنة المركزية المفصول محمد دحلان أنباء عن اعتقال ضباط في الضفة متهمين بالقرب من دحلان.

وينفي الناطق باسم حركة فتح أسامة القواسمي، أي بعد جغرافي للخلاف المتزايد داخل الحركة، مؤكدا أن هذه النزعة (الضفة وغزة) غير موجودة على الإطلاق، "فغزة جزء أصيل من الوطن الفلسطيني ومن حركة فتح".

وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن اتخاذ أي إجراء ضد أي فرد يتم بغض النظر عن المكان الجغرافي، وهو شيء طبيعي في أطر الحركة وضمن لوائحها وتعليماتها الداخلية، "لذلك لا توجد محاولة لإقصاء قيادات حركة فتح في غزة".

وقال القواسمي إن اللجنة المركزية للحركة قررت فصل عضو المجلس الثوري سمير مشهراوي "بسبب عدم حضوره اجتماعات المجلس لأكثر من ثلاث جلسات متتالية دون عذر، وهجومه على قيادة الحركة عبر وسائل الإعلام دون مبرر وبشكل مخالف للوائح الداخلية".

وشدد على أن "الاختلاف مكانه الأطر التنظيمية والمجلس الثوري واللجنة المركزية وليس وسائل الإعلام"، مؤكدا أن حركة فتح من خلال سياسة المحاسبة والمعاقبة باتت "تحظى بثقة الشارع الفلسطيني، وهي الآن أكثر توحدا من أي فترة سابقة".

ونفى القواسمي وجود تشكيلات داخل الحركة وإمكانية الانشقاق في صفوفها، مؤكدا أن "الكل ملتف حول القيادة الشرعية بقيادة الرئيس محمود عباس".

وأرجع هجوم بعض القيادات على الرئيس إلى تعوّد البعض "على أن يكون فوق القانون وأن لا يُحاسب على الإطلاق"، مضيفا أن السياسة الجديدة التي تنتهجها القيادة الفلسطينية وقيادة حركة فتح فيما يتعلق بالمحاسبة والمعاقبة لن تكون مرضية للبعض.

وأعرب القواسمي عن اعتقاده بأن الأغلبية العظمى من كوادر الحركة راضون عن القرارات الجديدة وعن مبدأ المحاسبة والمكاشفة والعقاب، في حين يحاول البعض خلق بلبلة داخلية "لن تكون أكثر من زوبعة في فنجان".

الأستاذ أحمد رفيق عوض: لا يوجد من يفكر في الانشقاق في الوقت الراهن (الجزيرة نت)
الأستاذ أحمد رفيق عوض: لا يوجد من يفكر في الانشقاق في الوقت الراهن (الجزيرة نت)

تناقضات
من جهته، يرى المحلل السياسي وأستاذ الإعلام بجامعة القدس أحمد رفيق عوض أن حركة فتح تشهد كثيرا من الجدل والتحديات لعدم توصلها إلى تسوية نهائية مقبولة وشعبية من جهة، ولعدم الفصل بين كونها حركة ثورية لم تنجز بعدُ أهدافها، وبين دعمها لسلطة لديها التزامات دولية.

وأشار إلى أن حركة فتح تضم أجنحة اقتصادية واجتماعية وسياسية مختلفة، وتعيش الآن حالة تجاذب ومرحلة تناقض في الرؤى والأجندات، وعليها أن ترد على أسئلة كثيرة تتعلق خاصة بالاحتلال.

وأوضح أن الحركة -التي انطلقت عام 1965- سبق أن عانت من الانقسام في الثمانينيات بسبب التدخلات والإجابات التي لم تحظ بقبول الكثيرين، مشيرا إلى تدخلات مشابهة في الوقت الراهن، لكنه استبعد وجود أي جهة في الوقت الراهن تدعم وتحتوي من يفكر في الانشقاق أو يشجعه.

المصدر : الجزيرة