احتقان سياسي بالسودان

تقرير الطاهر المرضي

أسعار السلع الغذائية في السودان بلغت مستويات قياسية مع احتقان سياسي (الجزيرة نت)

عماد عبد الهادي-الخرطوم


يواجه السودان حاليا توترات داخلية غير مسبوقة على المستويين السياسي والاقتصادي وعدم استقرار في علاقاته مع بعض جيرانه الأمر الذي يدفع بالكثير من التساؤلات عن مستقبل البلاد. 
 
ففي الوقت الذي  تعاني فيه البلاد من أزمة مع دولة جنوب السودان، بما يهدد بحرب قادمة بين الدولتين، أدارت الأزمة الاقتصادية والخلافات السياسية عجلة السودان خطوات للخلف.
 

الساعوري: الاحتقان لم يبلغ ذروته بعد
الساعوري: الاحتقان لم يبلغ ذروته بعد

وتشهد البلاد بالإضافة إلى التمرد في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، خلافات حقيقية بين المؤتمر الوطني الحاكم وبعض قوى المعارضة مما قاده لشن حملة من الاتهامات ضدها.


أزمات متلاحقة
وفيما تعددت الاحتمالات حول مآلات الواقع وما إذا كان ذلك بداية لمرحلة جديدة من مراحل الأزمات المتلاحقة، يرى محللون سياسيون أن هذا الاحتقان، ورغم أنه غير مسبوق، إلا أنه لم يصل لدرجة استحالة محاصرته. 
 
أستاذ العلوم السياسية بجامعة النيلين حسن الساعوري وصف الحالة السودانية بالنوع المتوسط، مشيرا إلى أنها لم تبلغ ذروتها بعد. 

الحكومة لم تفقد أعصابها أو الهدوء بعد رغم تصاعد وتيرة الاحتقان

وقال للجزيرة نت إن ذروة الاحتقان بدأت تتشكل برفض الحركات المسلحة أي تفاوض مع الحكومة بجانب رفض القوى السياسية المشاركة بالحكومة العريضة التي أعلن عنها المؤتمر الوطني عقب اكتمال انفصال الجنوب.
 
ورأى أن الحراك السياسي العسكري المدني في تصاعد "وهذا يعني أن الاحتقان السياسي في تنام مستمر" منبها للتحركات الطلابية التي أدت لإغلاق عدد من الجامعات بالبلاد.
 
وأكد أن الحكومة لم تفقد أعصابها أو الهدوء بعد رغم تصاعد وتيرة الاحتقان، مشيرا إلى أنه في حال عدم معالجة بعض المشكلات "فإن اكتمال الدرجات العليا من الاحتقان ستكون مؤكدة بشكل كبير". 

زين العابدين: الفساد والنزاعات الداخلية أكبر العوامل المسببة للاحتقان (الجزيرة نت)
زين العابدين: الفساد والنزاعات الداخلية أكبر العوامل المسببة للاحتقان (الجزيرة نت)

وربط الساعوري بين ارتفاع درجات الاحتقان السياسي وبين تردي الاقتصاد الذي تعانيه الدولة السودانية، مشيرا إلى ارتفاع درجة الاحتقان داخل الحزب الحاكم "مما أسفر عن رفع عدد من المذكرات المنادية بالإصلاح السياسي والتنظيمي". 

أما أستاذ العلوم السياسية أسامة زين العابدين فأشار إلى أن المواقف السياسية تعكس مستوى الاحتقان الذي وصلت إليه الحياة السياسية السودانية، مشيرا إلى أن الفساد والنزاع في بعض الولايات السودانية ومع دولة الجنوب من أكبر العوامل التي رفعت درجة الاحتقان السياسي. 

وقال للجزيرة نت إن الشارع  السوداني يواجه احتقانا كبيرا "لكنني متوجس من حدوث فوضى أمنية بالبلاد" وأشار إلى أن الاحتقان السياسي يصطدم بقوى سياسية محطمة وإصلاح داخلي تعلن عنه الحكومة يوما بعد.

 

أبو الحسن يتوقع أن يتطور الاحتقان إلى أزمة (الجزيرة نت)
أبو الحسن يتوقع أن يتطور الاحتقان إلى أزمة (الجزيرة نت)

انفصال الجنوب
من جهته ربط أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية المشارك ياسر أبو الحسن بين هذا الاحتقان السياسي وانفصال الجنوب وتدهور الاقتصاد والحرب في جنوب كردفان والنيل الأزرق، متوقعا أن يتطور الاحتقان الحالي إلى أزمة، وقال "لكنها لن تكون كالربيع العربي نظرا للتعقيدات التي يعيشها السودان".
 
ورأى أن الأحزاب المعارضة يعاني كل منها أزمة داخلية بسبب غياب الممارسة الديمقراطية بداخلها "كما هو الحال داخل الحزب الحاكم الذي عبرت قواعده عن ذلك بعدد من المذكرات الداخلية".
 
وقال للجزيرة نت إن هناك بوادر للانفراج والتغيير السياسي "لكنه لن يكون جذريا وجوهريا" مشيرا إلى الانتخابات المبكرة "هي الحل الأمثل للأزمة المتنامية الآن".

المصدر : الجزيرة