قرار يدعم الاستيطان في قلب الخليل

الطريق الترابي الذي شرّع القضاء إقامته في أراضي السكان

الطريق الترابي الذي شرّع القضاء الإسرائيلي إقامته في أراضي الفلسطينيين (الجزيرة نت)

عوض الرجوب-الخليل

أثار قرار قضائي إسرائيلي بقانونية امتلاك أراض فلسطينية وسط مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية لصالح المستوطنين قلق السكان والمؤسسات الرسمية، لاسيما أن قضايا عدة ما زالت منظورة أمام محاكم الاحتلال وتتعلق بأراض وعقارات يمنع أصحابها من التصرف فيها خدمة للمستوطنين.

وكانت المحكمة العليا الإسرائيلية ردت أمس -لاعتبارات أمنية- التماسا تقدمت به لجنة إعمار الخليل، وهي هيئة رسمية فلسطينية تعنى بإعمار البلدة القديمة من المدينة، طالبة إلغاء الأمر العسكري باستملاك أراض فلسطينية استولى عليها المستوطنون وحولوها إلى شارع يربط مستوطنة كريات أربع، بشارع واد النصارى الموصل إلى المسجد الإبراهيمي في قلب الخليل.

ويقدر عدد المستوطنين في قلب الخليل بنحو خمسمائة مستوطن، يتوزعون على أربع بؤر استيطانية أقيمت في عقارات ومبان صودرت من أصحابها الفلسطينيين، فيما يقطن المئات في مستوطنتيْ خارصينا وكريات أربع القريبتين من وسط المدينة.

تهويد بالقضاء
ويقول مدير لجنة إعمار الخليل عماد حمدان إن قضية الشارع الاستيطاني منظورة أمام المحاكم الإسرائيلية منذ ما يزيد على عامين، مشيرا إلى أن الجلسة الأخيرة عقدت قبل أسبوعين وجاء قرار ردّها الأربعاء.

مستوطنون في حماية الشرطة والجيش الإسرائيلييْن وسط الخليل (الجزيرة نت)
مستوطنون في حماية الشرطة والجيش الإسرائيلييْن وسط الخليل (الجزيرة نت)

ووصف حمدان -في حديث للجزيرة نت- القرار بأنه "مجحف بحق الجانب الفلسطيني وأصحاب الممتلكات الفلسطينيين"، مضيفا أنه يعد بمثابة "تسهيل لمهمة المستوطنين والاستيطان في قلب الخليل، ودعوة باتجاه مصادرة الأراضي والممتلكات ووضع اليد عليها".

وأشار إلى أن الشارع الاستيطاني الذي ردّ الالتماس بشأنه استحدثه المستوطنون على حساب أراضي المواطنين ومنعوا من استخدامها واستغلالها رغم وجود شارع آخر يستخدمونه، بحجة أن الشارع الجديد يختصر الطريق. مشددا على أن الهدف من القرار القضائي هو إفساح المجال لمزيد من المصادرة وابتلاع الأراضي والممتلكات في تلك المنطقة.

وأشار حمدان إلى وجود 25 قضية قيد المتابعة من لجنة الإعمار أمام المحاكم الإسرائيلية، موضحا أن معظم القضايا تنتهي بنتائج سلبية لصالح المستوطنين، في حين حقق الفلسطينيون نجاحات محدودة في عدد قليل منها.

ومن جهته، يوضح الناشط في مناهضة الاستيطان ورئيس تجمع شباب ضد الاستيطان في الخليل عيسى عمرو أن المستوطنين أسسوا في الطريق البالغ طولها نحو 300 متر شبكة كهرباء ووضعوا فيها كاميرات مراقبة، ورغم حصول أصحابها على قرار عام 2009 باستعادتها وإزالة الكهرباء والكاميرات منها، فإن القرار لم ينفذ.

ويقول عمرو إن جيش الاحتلال سارع إلى إصدار قرار عسكري جديد بمصادرة نفس المساحة بحجة إقامة طريق ترابي أمني، محذرا من نتائج سلبية للقرار القضائي الأخير وباقي القضايا المنظورة أمام المحاكم الإسرائيلية.

وأكد عمرو وجود عشرة قرارات غير منفذة صادرة عن المحكمة العليا الإسرائيلية لصالح السكان، معتبرا أن انحياز القضاء والمؤسسات الإسرائيلية للمستوطنين "جزء من محاولات التهويد التي يمارسها الاحتلال في قلب مدينة الخليل".

إمكانيات المواجهة
ومن جهته، أوضح وزير الدولة لشؤون الاستيطان ماهر غنيم أن القضاء الإسرائيلي غير نزيه، ولم ينصف الفلسطينيين في أغلب القضايا التي لجؤوا إليه بشأنها.

ماهر غنيم: القرار الإسرائيلي يكرس شرعنة السياسات الاستيطانية (الجزيرة نت)
ماهر غنيم: القرار الإسرائيلي يكرس شرعنة السياسات الاستيطانية (الجزيرة نت)

وأضاف -في حديث للجزيرة نت- أن القرار الأخير يعد خطوة جديدة في طريق شرعنة استمرار السياسات الاستيطانية، وسياسة العزل للمواطنين والتجمعات الفلسطينية، مقابل استمرار الاهتمام والدعم للمستوطنات والمستوطنين.

وأشار إلى إعلان إسرائيل مؤخرا قائمة من 70 مستوطنة ستحظى بالأفضلية والتسهيلات خلال المرحلة المقبلة، بينها 57 مستوطنة مقامة على أراضي الضفة الغريبة.

ولم يستبعد المسؤول الفلسطيني أن تنتهي القضايا المنظورة أمام المحاكم الإسرائيلية والمتعلقة بالخليل وغيرها لصالح المستوطنين، موضحا أن القضايا التي انتهت لصالح الفلسطينيين قليلة، وأغلبها لم ينفذ تحت حجج ومبررات أمنية.

وحول كيفية مواجهة هذا التحدي، أشار غنيم إلى ثلاث وسائل أولاها لجوء المواطنين للقضاء الإسرائيلي، وثانيتها المستوى الرسمي برفض الاستيطان والاحتجاج عليه لكنه معطل الآن، فيبقى الخيار الثالث وهو الجهد الدبلوماسي والسياسي، وتسليط الضوء على هذه السياسات وفضحها إعلاميا في المحافل الدولية، وبالتالي الضغط على الاحتلال لوقف سياساته.

المصدر : الجزيرة