المحكمة الدستورية والمحتجون.. حماسة واضطرار

Cairo, -, EGYPT : Hundreds of supporters of Egypt's president Mohammed Morsi protest outside a top Egyptian court on December 2, 2012 in Cairo, forcing judges to postpone a hearing on a constitutional panel at the heart of a deepening political crisis. The Supreme Constitutional Court had not even begun sitting when it called an "administrative delay" to the session that would have also looked into the status of the Islamist-dominated senate. Any rulings would have escalated a crisis with Islamist President Morsi, who in a decree barred the court from examining the case, before the panel adopted the constitution two days ago. AFP
undefined

أنس زكي-القاهرة

يواصل مئات المصريين اعتصامهم حول مقر المحكمة الدستورية العليا بالقاهرة، في خطوة أثارت الكثير من الجدل ونالت الكثير من الانتقاد، بينما يبدو المعتصمون أنفسهم منقسمين بين فئتين: إحداهما متحمسة ومقتنعة بما تفعل، والأخرى ترى أنها تخوض -وهي كارهة- معركة فرضت عليها من الآخرين.

وتوافد معظم المعتصمين إلى مقر المحكمة الواقع في ضاحية المعادي، بعدما شاركوا في مظاهرة مليونية جرت السبت الماضي بميدان النهضة الواقع أمام جامعة القاهرة، ونظمها مؤيدو الرئيس محمد مرسي وغالبيتهم من التيار الإسلامي، ردا على مظاهرة لمعارضيه جرت بميدان التحرير في اليوم السابق.

وكان مقررا أن تنظر المحكمة الدستورية الأحد الماضي في دعوات تطالب بإبطال مجلس الشورى وكذلك الجمعية التأسيسية للدستور، وهو ما اعتبره مؤيدو مرسي تحديا للإعلان الدستوري الذي أصدره مؤخرا وتضمنت إحدى مواده تحصين قرارات الرئيس وكذلك مجلس الشورى وجمعية الدستور من أي قرارات بالإلغاء أو الوقف من جانب أي جهة.

أحد المشاركين وهو محمود محمد بدا متحمسا وهو يؤكد للجزيرة نت أن المحكمة الدستورية ظهرت في الفترة الأخيرة كأنها "رأس الحربة" للفريق الراغب في عرقلة الرئيس مرسي وجهوده نحو العبور بمصر إلى مستقبل أفضل بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك.

انتهاك القانون
وقال محمود إن المحكمة التي يدافع عنها البعض حاليا كانت السباقة إلى انتهاك القانون عندما قررت حل مجلس الشعب (البرلمان) الذي كان أول مؤسسة منتخبة بعد الثورة، مع أن اختصاصها -وفقا للقانون- ينحصر في أن تقرر دستورية قانون الانتخابات من عدمها، على أن ترسل قرارها إلى القضاء الإداري الذي كان يتولى نظر القضية المرفوعة ضد الانتخابات.

‪قوات الأمن شددت من إجراءاتها‬  (الجزيرة)
‪قوات الأمن شددت من إجراءاتها‬ (الجزيرة)

وتصاعد غضب محمود وهو يقول إن معارضي الرئيس يصفون هذه المحكمة بأنها الأعلى في مصر وذلك لأغراض سياسية في نفوسهم، مع أنهم يعرفون جيدا أن قضاتها معينون بالاسم في زمن مبارك ويحصلون على رواتب خيالية مقارنة ببقية القضاة، كل ذلك من أجل خدمة النظام السابق.

والتقط معتصم آخر هو إبراهيم طرف الحديث، وقال للجزيرة نت إن الإعلام المحلي في معظمه يحجب الحقيقة عن الشعب، ويدلل على ذلك بأن كثيرا من المصريين لا يعرفون أن القاضية بالمحكمة تهاني الجبالي لا تمتلك تاريخا قضائيا يمكنها من شغل هذا المنصب، بل إنها لم تكن قاضية من الأساس وإنما كانت تعمل بالمحاماة عندما تم اختيارها لعضوية المحكمة "بضغط من زوجة الرئيس المخلوع".

وتوقف إبراهيم عن الحديث ليشارك بقية المعتصمين في هتافات كان أبرزها "عيش.. حرية.. حل الدستورية" و"مليونية ضد الدستورية.. من أسوان لاسكندرية" و"بنحبك يا مرسي" و"الله أكبر رغم كيد الظالمين".

رسالة غضب
تحولت الجزيرة نت إلى معتصم آخر هو درويش مرسي الذي قال إنه يدرك أن الاعتصام أمام المحكمة ليس أمرا محمودا، لكنه أقسم أنه أقدم على ذلك مضطرا بعدما شعر بالخوف على مستقبل مصر بسبب الصراع السياسي، محملا المحكمة الدستورية ونادي القضاة المسؤولية لتورطهم في الصراع السياسي.

وأضاف أن المعتصمين أرادوا توصيل رسالة غضب واعتراض على اعتزام المحكمة تحدي الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس، وقال إنه يؤكد مع ذلك أن أحدا لم يمنع قضاة المحكمة من الدخول، والدليل هو أن من جاء منهم إلى المحكمة صباح الأحد نجح في الدخول، خاصة أن الأمن تواجد بكثافة لتأمين المحكمة.

وحول اتهام المعتصمين بالاعتداء على القانون ومحاولة عرقلته، رد درويش بهدوء قائلا "أرجو من أصحاب هذه الاتهامات أن يفسروا لنا سبب تجاهل المحكمة الدستورية للفصل في مدى دستورية محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية على مدى 17 عاما، في حين أنها لا تحتاج إلا أسابيع لإصدار قرارات بهدم المؤسسات التي بدأ المصريون في بنائها بعد الثورة.

وأضاف درويش أن قياديين بحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، أكدوا أن الحزب لم يطلب من أنصاره محاصرة المحكمة، وأن من شارك من شباب الحزب أو الجماعة في الاعتصام أقدم على ذلك بإرادته الخاصة، كما أن رئيس الحزب سعد الكتاتني طالب المتظاهرين بالتزام قواعد التظاهر السلمي وعدم الاعتداء على المنشآت أو تعطيل الأعمال.

لكن على الجهة الأخرى، فإن كثيرا من القوى المعارضة قالت إنها لا تثق في ذلك خصوصا مع كون أغلب المعتصمين من المنتمين إلى التيار الإسلامي، وذهبت هذه القوى إلى وصف الاعتصام بأنه سابقة خطيرة واعتداء صريح على القضاء وسيادة القانون.

المصدر : الجزيرة