العيادات المتنقلة ملاذ المعزولين بجدار الفصل
ويقول منسق الإغاثة الطبية والعيادات المتنقلة في محافظة جنين محمد أبو الهيجاء، إن السكان ينتظرون بفارغ الصبر دورهم لتصل إليهم قوافل العيادات الطبية المتنقلة التي تسيرها جمعية أطباء لحقوق الإنسان بالمناطق الفلسطينية المحتلة.
وللتصدي لهذه المشكلة يشير إلى أن الجمعية وسعت نشاطها بأوساط التجمعات السكنية التي حال الجدار دون حصول أهلها على العلاج والخدمات الطبية من مستشفيات الضفة الغربية بسبب ممارسات وتضييق الاحتلال.
وأكد للجزيرة نت أن إسرائيل تواصل إحكام قبضتها على الضفة الغربية بنشرها الحواجز العسكرية والحد من حرية التنقل حتى للطواقم الطبية وسيارات الإسعاف، مما تسبب بشلل تام للخدمات الصحية في الأرياف والقرى ومخيمات اللاجئين، إلى جانب عشرات آلاف السكان ممن بقوا بالجهة الغربية من الجدار العنصري الذي عزلهم عن المستشفيات الفلسطينية.
وبين أن إجراءات الاحتلال تحول دون متابعة الكثير من المرضى للفحوصات والمراجعات الطبية، وبالتالي تتعمق معاناتهم اليومية، ويمنعون حتى في حالات الطوارئ من السفر للمستشفيات الإسرائيلية لتلقي العلاج على حسابهم الشخصي بذريعة الهواجس الأمنية، وكثيرا ما سجلت حالات وفاة قبالة البوابة العسكرية خلال إجراء التنسيق مع ما يسمى بالإدارة المدنية وتواصل مسلسل التفتيش الذي يستغرق ساعات.
معبر الموت
ووصف عضو مجلس برطعة القروي توفيق كبها الوضع الصحي في قريته والمناطق غرب الجدار بالكارثي، لافتا إلى أن سكان قريته كغيرهم ممن منعهم الجدار من التواصل مع مختلف المحافظات الفلسطينية يعيشون في سجن كبير دون خدمات تحت رحمة جندي، حيث يحظر عليهم التنقل والحركة إلا بموجب تصاريح خاصة لدخول المعبر العسكري الذي يعلق نشاطه عند التاسعة مساء ليقطع أي تنقل حتى الصباح.
وسرد كبها للجزيرة نت معاناته الشخصية في "هذا الواقع المحفوف بالمخاطر"، فقد أصيبت والدته المسنة بجلطة دماغية وسافر بها بسيارته نحو المعبر العسكري لكنه منع من العبور بحجة عدم وجود تنسيق وتصريح، فتحدث هاتفيا إلى الإدارة المدنية لاستصدار الترخيص اللازم وحاول الحديث إلى الجندي ليعجل بالإجراءات، لكنه واصل لثلاث ساعات تفتيش المركبة والفحوصات الجسدية لتلفظ المسنة روحها بين يدي ابنها بمعبر الموت.
صمت دولي
وانتقد مدير العيادات المتنقلة بجمعية أطباء لحقوق الإنسان صلاح حاج يحيى المجتمع الدولي لصمته حيال ممارسات حكومات الاحتلال المتعاقبة بحرمان المواطن الفلسطيني من الخدمات الصحية والطبية مما ساهم بتفشي وانتشار العديد من الأمراض خصوصا بأوساط الأطفال والنساء والشيوخ.
وذكر حاج يحيى للجزيرة نت أن إسرائيل، ورغم توقيعها على اتفاقيات أوسلو وتعهدها بنقل الصلاحيات الطبية والصحية للسلطة الفلسطينية، إلا أنها بممارساتها الاحتلالية منعت انتظام العلاج للفلسطيني ومواصلتها استهداف العيادات الطبية والمستشفيات وعدم تطويرها وتزوديها بالمعدات والآليات الحديثة.
ويحمل حاج يحيى إسرائيل كاملة المسؤولية الأخلاقية عن الأوضاع الصحية للمواطنين الفلسطينيين، خصوصا أنها وضعت العراقيل أمام السلطة الفلسطينية لتطوير جهاز صحي مستقل، مما ينذر بانهيار كلي لخدمات الصحة بالضفة الغربية كونها رهينة للاحتلال الذي يبقيها تحت التبعية.
رهائن للاحتلال
واتهم مدير عام جمعية أطباء لحقوق الإنسان ران كوهين سلطات الاحتلال بتعمد حرمان الفلسطينيين العلاج والخدمات الصحية والإبقاء عليهم رهائن لسياساتها وأهوائها، مؤكدة ضرورة فضح هذا النهج وما يترتب عليه من تداعيات سلبية على حياة وصحة المجتمع الفلسطيني وعدم الاكتفاء بحملات الإغاثة وتقديم العلاج للمحتاجين.
ورفض كوهين في حديثه للجزيرة نت الادعاءات التي تبررها إسرائيل بالتذرع بالجانب الأمني خلال تحديد معايير تنقل وتحرك الطواقم الطبية الفلسطينية، داعيا المجتمع الدولي للضغط على إسرائيل وإلزامها بإحداث تغييرات جوهرية في نهجها وتعاملها مع الفلسطينيين بكل ما يتعلق بحقهم بالحصول على مختلف الخدمات.
وعن نظرة المجتمع الإسرائيلي لنشاط أطباء يهود وقدومهم للتطوع وتقديم العلاج للفلسطينيين، تحدث قائلا "قلائل يتضامنون معنا ويباركون ما نقوم به، لكن يتم وصفنا بالخونة تحديدا من قبل القيادات السياسية والحزبية، خصوصا أن عملنا لا يقتصر على علاج المرضى وتضميد الجراح بل على فضح المسبب لهذه الجراح النازفة وهو الاحتلال".