"السلفية الجهادية" بالمغرب تعود للواجهة

وقفة احتجاجية تنظمها اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين
undefined

عمر العمري-المغرب

تعد قضية الإسلاميين المعتقلين في سجون المغرب أو ما بات يعرف داخل الأوساط الإعلامية والأمنية بملف "السلفية الجهادية" من أكثر القضايا المعقدة التي تواجهها الدولة المغربية منذ تفجيرات الدار البيضاء يوم 16 مايو/أيار 2003.

وأعطى اعتراف ملك المغرب محمد السادس -في حوار له مع صحيفة إلبايس الإسبانية يوم 16 يناير/كانون الثاني 2005- بوجود "تجاوزات" في محاكمة المعتقلين الإسلاميين الضوء الأخضر لانطلاق مسلسل طويل وشاق لتسوية هذا الملف الحساس والمرتبط بأجندة دولية لمحاربة ما يسمى بالإرهاب.

هذه الإشارة أدت فيما بعد إلى إبرام اتفاق شهير يوم 25 مارس/آذار2011 مع السجناء أنفسهم ينص على إطلاق سراح بعضهم على دفعات، لكن سرعان ما تم التراجع عن ذلك الاتفاق مباشرة بعد الإفراج عن أول دفعة يوم 14 أبريل/نيسان 2011.

وفي الوقت الراهن يعلق "السلفيون الجهاديون" -كما تسميهم جهات أمنية وإعلامية ويسمون أنفسهم "سجناء الرأي والعقيدة"- آمالا عريضة على الإفراج عنهم في ظل الحكومة الجديدة التي يقودها حزب العدالة والتنمية الإسلامي، وذلك بعد أن توسطت هذه الحكومة بداية العام الجاري لدى الملك لإطلاق سراح ثلاثة سجناء يوصفون بأنهم "شيوخ السلفية الجهادية"، وهم حسن الكتاني وعمر الحدوشي ومحمد عبد الوهاب رفيقي الملقب بأبو حفص.

أنس الحلوي قال إن اللجنة ترحب بأي مبادرة لحل ملف المعتقلين الإسلاميين (الجزيرة نت)
أنس الحلوي قال إن اللجنة ترحب بأي مبادرة لحل ملف المعتقلين الإسلاميين (الجزيرة نت)

لجان ووسطاء
لكن مراقبين يرون أن قضية "السلفية الجهادية" تتجاذبها أطراف عديدة، منها القائمون على ملف الأمن بالمغرب والجمعيات الحقوقية ولجان المساندة التي أسسها المعتقلون وعائلاتهم، وأيضا وسطاء ينتمون إلى بعض الأحزاب السياسية.

لكن هذه الوساطات السياسية تجد من يعترض عليها ويريدها أن تبقى مجرد مبادرات ذات طابع مدني، حتى لا يستغلها من يرغب في تحسين وضعه السياسي على حساب معاناة المعتقلين.

الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة (إسلامي) محمد خليدي، وهو أحد هذه الشخصيات السياسية التي عرضت وساطتها لحل مشكل المعتقلين السلفيين، قال في تصريح للجزيرة نت إن مبادرته نابعة من رسائل تلقاها من المعتقلين، وإنه أجرى بالفعل حوارات مكثفة معهم وصفها بـ"الإيجابية والمثمرة".

وأضاف أن هؤلاء وصلوا إلى "درجة كبيرة من اليأس" أصبحت تتطلب تدخلا عاجلا من الدولة لفك هذا الاحتقان المتنامي لديهم، وأن بعضهم عبروا له عن أملهم في أن يحرك الملك من جديد اختصاصه في الإفراج الفوري عنهم.

وأشار إلى أن هؤلاء المعتقلين عرفوا "تحولات إيجابية" وقام بعضهم بمراجعات فكرية عميقة، و"على الدولة أن تلتقط هذه الإشارات من أجل وضع حل نهائي لهذا المشكل".

ويدافع خليدي، وهو الآن بصدد إعداد تقرير عن لقاءاته الأخيرة مع السجناء، عن فكرة إجراء "مصالحة وطنية شاملة" لحل قضية هؤلاء المعتقلين، على غرار التسوية التي قامت بها الدولة مع اليساريين عندما كانوا في السجن أيام الراحل الحسن الثاني.

الكثيرون يرون أن حل ملف المعتقلين الإسلاميين بيد الملك محمد السادس (الفرنسية)
الكثيرون يرون أن حل ملف المعتقلين الإسلاميين بيد الملك محمد السادس (الفرنسية)

الحل بيد الملك
من جهته رحب المتحدث باسم اللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين الإسلاميين أنس الحلوي -في حديث للجزيرة نت- بأي وساطة تسعى لوضع حد لمعاناة هؤلاء السجناء، البالغ عددهم نحو ستمائة سجين، إلا أن هذه الوساطات، في نظره، تبقى "غير مجدية ما دامت غير مدعومة رسميا من الدولة".

واقترح، إضافة إلى سلطة الملك في اتخاذ قرارات العفو، أن يبادر البرلمان المغربي إلى إصدار قانون عفو شامل من شأنه أن يحل ملف المعتقلين الإسلاميين حلا جذريا.

وذكر الحلوي أن اللجنة التي يتحدث باسمها -والتي تأسست يوم 14 مايو/أيار 2011- تتشبث بالاتفاق الذي أبرمته الدولة مع السجناء يوم 25 مارس/آذار 2011، لكن هذا لا يمنعها من أن تتبنى أي شكل من الحلول في المستقبل بشرط أن يكون "حلا شاملا وعادلا لكل المعتقلين دون تجزيء أو تخصيص".

ويسود حاليا صمت رسمي إزاء هذه القضية، خصوصا بعدما صرح وزير العدل والحريات مصطفى الرميد في وقت سابق داخل البرلمان بأن مسألة العفو عن المعتقلين الإسلاميين هي بيد الملك، وأن هذا الملف سيباشر فور الانتهاء من صياغة الميثاق الوطني لإصلاح العدالة الذي يوجد الآن قيد الإعداد.

غير أن حدثا وقع منتصف هذا الأسبوع ببلدة "بني مكادة" قرب مدينة طنجة (شمال)، حيث أعلن منتسبون إلى التيار السلفي حالة من "التمرد" بعد اعتقال أحد متزعميهم، سيعجل بإعادة القضية إلى واجهة الأحداث وقد يعطيها أبعادا جديدة.

ومع مرور الوقت تحولت قضية "السلفية الجهادية" إلى قنبلة موقوتة تهاب كل جهة أن تمسكها خشية الانفجار في أي لحظة، ومما جعلها أكثر حساسية تزايد نفوذ السلفيين في كل من تونس ومصر بعد أن أعادتهم موجة الربيع العربي إلى الواجهة.

المصدر : الجزيرة