هل حُسم استفتاء دستور مصر مبكرا؟

r : A man marks "disagree" on his ballot while voting during a referendum on the new Egyptian constitution, at a polling station in Cairo December 15, 2012. Egyptians voted on Saturday on a constitution promoted by its Islamist backers as the way out of a prolonged political crisis and rejected by opponents as a recipe for further divisions in the Arab world's biggest nation. REUTERS/Amr Abdallah Dalsh  (EGYPT - Tags: POLITICS ELECTIONS)
undefined

أنس زكي-القاهرة

بعد انتهاء المرحلة الأولى من الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد لمصر وموافقة نحو 57% في عشر محافظات تتقدمها القاهرة والإسكندرية، بات السؤال المطروح إزاء اتجاهات التصويت في المرحلة الثانية السبت المقبل يدور عن إمكانية القول بانتهاء المعركة وحسمها بالفعل قبل فصلها الثاني الأخير.

ومع اشتداد حالة الاستقطاب السياسي على خلفية مشروع الدستور بشكل أساسي, اصطفت القوى الإسلامية وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين مع السلفيين إلى جانب الدستور، في حين رفضته التيارات غير الإسلامية سواء أكانت ليبرالية أم يسارية أو حتى من المنتمين إلى النظام السابق.

وباستقراء النتائج التي أعلنت في الساعات الماضية وتبقى غير رسمية حتى إعلانها من جانب اللجنة العليا للانتخابات، يبدو الدستور الجديد في طريقه للإقرار ليس فقط بسبب حصوله على تأييد نحو 57% من المشاركين وإنما أيضا لأن المرحلة شملت كثيرا من المناطق التي لم تظهر تأييدا كبيرا للرئيس في الانتخابات الرئاسية.

وعلى حد تعبير مؤيدين للدستور، فإن الوضع بعد المرحلة الأولى يمكن توصيفه باستخدام لغة الرياضة عبر القول بأن مؤيدي الدستور "فازوا بمباراة الذهاب التي أقيمت خارج ملعبهم" وبالتالي تبقى فرصتهم كبيرة في مباراة الإياب التي ستقام على ملعبهم.

ويبدو أن التصويت المكثف بنعم في محافظات أسيوط وسوهاج وأسوان وشمال سيناء متوقع بالنظر إلى أن هذه المحافظات كانت قد صوتت بكثافة للرئيس محمد مرسي في انتخابات الرئاسة الأخيرة سواء في جولتها الأولى أو جولة الإعادة.

لكن الدستور حصل على تأييد 55% في الإسكندرية التي لم يحقق فيها مرسي إلا المركز الثالث في الجولة الأولى بانتخابات الرئاسة، كما نال تأييد نحو 66% من ناخبي الشرقية التي كانت قد صوتت للمرشح الخاسر أحمد شفيق في انتخابات الرئاسة، و55% بالدقهلية التي كان مرسي قد حل فيها ثالثا بعد شفيق وحمدين صباحي.

وحتى في المحافظتين اللتين رفضتا بأغلبية مشروع الدستور وهما القاهرة بنسبة 56% والغربية بنسبة 52%، فإن النتيجة لم تكن مفاجئة بالنظر إلى أن مرسي كان قد حل ثالثا فيهما في الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة، بل إن البعض يرى في هذه النتيجة نصرا لمؤيدي الدستور بالنظر إلى تقارب النتيجة مع المعارضين.
 يسري العزباوي:  معظم المحافظات المتبقية خصوصا في الصعيد تمثل قوى نفوذ طبيعية للتيار الإسلامي بشقيه الإخواني والسلفي، فضلا عن الطابع المحافظ لهذه المناطق بشكل عام

المرحلة المقبلة
في الوقت نفسه فإن المقارنة مع الانتخابات الرئاسية تشير إلى أن فرصة تفوق التيار المؤيد للدستور تبدو أكبر بكثير من التيارات المعارضة، خصوصا مع التصويت في محافظات مثل بني سويف والمنيا والفيوم والبحيرة ومرسى مطروح والوادي الجديد وبدرجة أقل الجيزة والإسماعيلية والسويس وكفر الشيخ.

وحسب هذه المقارنة قد تكون حظوظ الموافقة على الدستور الجديد أقل في محافظات القليوبية وبورسعيد والمنوفية، لكن هذا لن يكون كافيا لقلب الموازين، مما يعني أن مشروع الدستور سيحظى في النهاية بموافقة ما يزيد على 60% من الناخبين المصريين.

في هذا السياق ذهب المحلل السياسي يسري العزباوي إلى أن معظم المحافظات المتبقية خصوصا في الصعيد تمثل قوى نفوذ طبيعية للتيار الإسلامي بشقيه الإخواني والسلفي، فضلا عن الطابع المحافظ لهذه المناطق بشكل عام.

كما ذهب إلى أنه حتى في محافظات المنوفية والقليوبية وبورسعيد التي صوتت ضد مرسي في انتخابات الرئاسة قد يتغير الأمر هذه المرة، خاصة أن فلول النظام السابق الذين كان لهم الدور الأكبر في هذه النتائج ربما أصبحوا أقل حماسا سواء من ناحية الحشد أو الإنفاق المادي.

وتوقع العزباوي أن تؤثر المرحلة الأولى على أداء الناخبين في المرحلة الثانية، "فالأغلبية التي نالها المؤيدون ستزيدهم حماسا وتدفعهم للأمام، في حين أن الأقلية التي كانت من نصيب المعارضين ستدفع في المقابل إلى نوع من اليأس والإحباط".

في المقابل فإن المحللة السياسية أماني الطويل ترى أن الأمر لم يحسم، وتقول إن الشعب المصري اعتاد على تقديم المفاجآت التي كان منها إقباله الكبير على المشاركة في المرحلة الأولى للاستفتاء على عكس ما توقع الكثيرون.

ورأت الطويل أن الفارق الضئيل الذي تحقق لصالح مؤيدي الدستور لن يكون كافيا لإعطاء زخم في الاتجاه نفسه أثناء المرحلة الثانية، بل إن الفارق البسيط بين التأييد والرفض والذي لم يعتده المصريون ربما يشجع الكثيرين على الرفض أو على الأقل يدفعهم للتفكير مليا قبل التصويت بالموافقة.

المصدر : الجزيرة