الشتاء يضاعف معاناة اللاجئين بالزعتري

السيدة السوري زهور تجلس على امتعتها بعد أن قررت الرحيل عن المخيم والعودة لسوريا بعد 20 يوما من وصولها له بسبب ما قالت انه معاناتها من الجوع والبرد
undefined
محمد النجار-مخيم الزعتري
ينشغل عبد الله وشقيقه بعمل ساتر ترابي حول خيمتهم على طرف مخيم الزعتري للاجئين السوريين على الحدود الأردنية السورية، بعد أن خلعتها الرياح قبل أيام إثر العواصف التي تهب على المخيم الصحراوي في الشتاء القارس الذي يشهده الأردن هذه الأيام.
 
يتحدث عبد الله عن عمل يومي لإعادة تثبيت الخيمة وتفقد جوانبها بعد أن اقتلعتها الرياح العاتية أكثر من مرة خلال الشتاء الحالي، وعمل ممرات للمياه بعيدا عنها في أيام المطر الذي داهم خيمته وخياما مجاورة.

وتظهر جولة في شوارع المخيم الذي يقطنه اليوم نحو 47 ألف لاجئ سوري، مدى انشغال اللاجئين بالوقاية من الشتاء الذي باتوا يعتبرونهم عدوهم الأول، حيث يقوم لاجئون بوضع بلاستيك يقي خيامهم من المطر، فيما يضع آخرون البطانيات على جوانب الخيمة الداخلية للتخفيف من برد الليل حيث تنخفض درجات الحرارة إلى الصفر المئوي أو ما دونه.

‪لاجئ سوري يحمل بطانيات استلمها لأسرته‬ (الجزيرة نت)
‪لاجئ سوري يحمل بطانيات استلمها لأسرته‬ (الجزيرة نت)

شبح المطر
في إحدى الخيم تحدثت "أم شادي" -وهي سيدة سورية من اللجاة في درعا- للجزيرة نت عن تدبر أمورها في شتاء اللجوء بمخيم الزعتري. قالت إنها لا تجد سبيلا لوقاية نفسها وأطفالها من البرد الشديد، فضلا عن المطر الذي قالت إنها وأطفالها باتوا يخافون قدومه.

تروي السيدة الثلاثينية والأم لخمسة أطفال قصتها مع إحدى الليالي التي شهدت رياحا شديدة، قائلة إن خيمتها وعددا من الخيام المجاورة اقتلعت خلالها من جذورها واضطرت وأطفالها لقضاء بقية الليلة في خيمة أخرى، حيث أجرى السكان تبديلات بينهم جرى خلالها تجميع الرجال في خيام والنساء والأطفال في أخرى.

في مكان آخر في المخيم جلس أبو خالد مع ثلاثة رجال آخرين من جيرانه في خيمة مفروشة من بطانيات داكنة اللون، وأمامه تلفاز صغير كانوا يشاهدون فيه قناة الجيش السوري الحر.

يقارن أبو خالد بين حبه للشتاء في سنوات خلت ودعائه بأن ينتهي الشتاء الحالي بسرعة. قائلا إنه لا يستطيع التعامل مع الشتاء في المخيم الصحراوي، وإنه لا ينام الليل وهو يتفقد أطفاله الذين قال إن بعضهم يظل يرتجف من البرد رغم أنه مغطى بأكثر من بطانية.

في العيادات الطبية والمستشفيات الميدانية المنتشرة في الشارع الرئيس للمخيم، والتابعة لدول منها الأردن والمغرب والإمارات وفرنسا وإيطاليا وغيرها، يلاحظ الزائر طول الطوابير أمامها، لكن اللافت أن غالبية المرضى أطفال يعانون من أمراض الشتاء.

‪الشارع الرئيس بمخيم الزعتري‬ الشارع الرئيس بمخيم الزعتري  (الجزيرة نت)
‪الشارع الرئيس بمخيم الزعتري‬ الشارع الرئيس بمخيم الزعتري  (الجزيرة نت)

مدافئ
ومنذ أيام بدأت هيئة الإغاثة النرويجية عملية توزيع مدافئ غاز بواقع مدفأة للعائلة الواحدة، على أن تستخدم داخل مكان مبني من الصفيح بجانب الخيمة، ويمنح اللاجئ أسطوانة غاز يتم تبديلها كل 14 يوم، أي بواقع استعمال لا يتجاوز الساعتين يوميا.

وقال المسؤولون في الهيئة التي باتت مسؤولة عن عملية تدفئة اللاجئين خلال الشتاء، إنهم يعرفون أن مدة استخدام الأسطوانات غير كافية "لكن الميزانية لا تسمح بأكثر من ذلك حاليا".

وتوزع الهيئة على اللاجئين المدافئ والبطانيات وغرف الصفيح الملحقة بالخيم، فضلا عن إرشادات السلامة العامة والتحذير من استعمال المدفأة داخل الخيم المكونة من القماش.

ورغم التحذيرات من كوارث قد يحدثها استعمال المدافئ في الخيم، سجل أمس السبت أول حريق بسبب المدافئ في المخيم، حيث احترقت 14 خيمة وأصيب لاجئ واحد بحروق بيده جراء انقلاب مدفأة داخل خيمة.

ويتخوف لاجئون من حوادث أخطر في ثنائية الخيمة والمدفأة مع الهبوط المتوالي في درجات الحرارة في شتاء الزعتري الذي يتمنى اللاجئون أن لا يطول، وأن يكتب لهم عودة قريبة لوطنهم بعد سقوط نظام يقولون إنهم فروا من بطشه.

المصدر : الجزيرة