جدل في التحرير بشأن جدوى الاعتصام

حلقات نقاشية بالميدان
undefined

مصطفى رزق-القاهرة

بعد موافقة جبهة الإنقاذ الوطني وقوى المعارضة في مصر على المشاركة في الاستفتاء على الدستور الجديد المقرر أن يبدأ السبت المقبل، سيطرت حالة من النقاش الحاد على المعتصمين في ميدان التحرير، الذين تجمعوا في حلقات نقاشية لتبادل وجهات النظر بشأن جدوى الاعتصام المستمر منذ نحو عشرين يوما.

أصوات مرتفعة تصدر من هنا وهناك. يتساءل المار بجوار هذه الحلقات المتواصلة كيف يستمعون لبعضهم بعضا وسط هذا الضجيج؟ لكن لا يبدو أن لهذا الضجيج تأثيرا فالجميع اعتاد خلال العامين الماضيين، على الضجيج من مصادره المختلفة ومن بينها وسائل الإعلام.

في وسط الميدان وقف نحو مائة شخص مقسمين إلى ما يقرب من عشرين مجموعة، كل منها يتحدث في نقاش بشأن جدوى الاستمرار في الاعتصام طالما وافقت القوى المدنية والسياسية المعارضة للرئيس محمد مرسي على المشاركة في الاستفتاء على الدستور.

وسيلة ضغط
ويبرر بعضهم ذلك بأنه وسيلة ضغط على مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين لعدم التغول أكثر على السلطة، بحسب قولهم.

مجموعة أخرى وقف في منتصفها شاب ثلاثيني مهندم وأخذ يتحدث مع من حوله عن الأخطاء التي وقعت فيها المعارضة برفضها الجلوس على طاولة الحوار مع الرئيس وجماعته، يرد عليه أحد الواقفين بجواره بأن الأمر لم يكن حوارا، بل كان الرئيس يتحدث مع نفسه والمعارضة تعلم أن الحوار مجرد مناورة جديدة في محاولة لكسب الرأي العام والظهور كرئيس يحاول الوصول لتوافق مع معارضيه.

وفي زاوية أخرى تجمع آخرون يتحدثون عن مسودة الدستور وما تسببت فيه من خلاف بين القوى السياسية، وأيضا كان هناك من يحاول إقناعهم بأن مشروع الدستور هو الأفضل بين دساتير مصر على مر التاريخ، وأن ما به من مواد خلافية يمكن التوصل فيه إلى حل، لا يشترط أن يكون إعادة كتابة الدستور كاملا.

‪المرأة أيضا وجدت بميدان التحرير وخاضت في النقاش الدائر‬ (الجزيرة)
‪المرأة أيضا وجدت بميدان التحرير وخاضت في النقاش الدائر‬ (الجزيرة)

المرأة أيضا كان لها وجود في هذا النقاش، فأمام إحدى خيام الاعتصام جلست سيدتان تتحاوران حول "أخونة الدولة". بدت على ملامح إحداهما علامات الغضب وهي تتحدث عن الرئيس السابق حسني مبارك وتشيد بما قالت إنه حققه لمصر خلال عهده، وفي الوقت نفسه تنتقد بشده الرئيس مرسي والإخوان المسلمين، وتتحدث عن مؤامرة على مصر نتيجتها هو احتلال سيناء مقابل ترك الإخوان في الحكم، على حد قولها.

السيدة الأخرى، بدت أكثر هدوء وأخذت تتحدث عن ضرورة الصبر على الرئيس حتى يتمكن من إصلاح ما أفسده مبارك، لكن يبدو أن حدة السيدة الأخرى عمقت من مخاوفها من وصول الحوار لاشتباك لفظي أو جسدي ففضلت الصمت.

حالة ارتباك
وفي طريق الخروج من الميدان جلس رجلان وقد علا صوتهما في نقاش حول الأزمة السياسية في مصر، قال الأول -وهو عامل في مقهى- إنه انتخب الرئيس مرسي لثقته في خلقه ودينه ورغبته في الإصلاح، لكن ما يحدث من انقسامات بسبب الإعلان الدستوري ومشروع الدستور الجديد جعله مرتبكا ولا يعلم هل اتخذ القرار الصحيح بانتخاب مرسي أم لا.

تحدث الثاني مقترحا حلا من وجهة نظره للأزمة القائمة بين مؤسسة الرئاسة وقوى المعارضة، قائلا "لو تولى الجيش المسؤولية في هذه المرحلة سيحل الأزمة بين الجانبين لأنه قادر عن التعامل مع كافة هذه القوى، وكذلك الحفاظ على الأمن القومي لمصر من كل من يريد العبث بأمنها.

قبل يومين من موعد الاستفتاء على الدستور لا يزال المعتصمون في ميدان التحرير منقسمين على أنفسهم بشأن الهدف من الاعتصام وجدوى استمراره، في الوقت الذي غاب فيه عن المشهد رموز القوى التي دعت في الأساس لهذا الاعتصام، في انتظار ضوء في نهاية نفق مظلم تعيش فيه مصر منذ عامين.

المصدر : الجزيرة