تقرير يستبعد رفع الحصار عن غزة قريبا

مجموع من الفلسطينيين يحتجون في وقت سابق- في مارس- بالقرب من معبر رفح للمطالبة بدخول الوقود لغزة عبر الأنفاق.
undefined

استبعد تقرير فلسطيني إمكانية خروج قطاع غزة من أسر الحصار الإسرائيلي خلال المرحلة المقبلة، بسبب تعقيدات المواقف السياسية على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، فضلاً عن اعتبارات قانونية تضع كوابح عملية في طريق رفع الحصار.

ولفت التقرير -الذي أصدره مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات بعنوان "مستقبل حصار قطاع غزة في ضوء المعابر والأنفاق والمنطقة التجارية"- إلى أن القطاع يعيش تحت سطوة الحصار المفروض منذ نحو ست سنوات، حيث تعتمد غزة بدرجة كبيرة في توفير الاحتياجات الأساسية على الأنفاق المحفورة أسفل الحدود المصرية.

وبالرغم من إقدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي على تخصيص معبر كرم أبوسالم لإدخال البضائع إلى القطاع في الفترة الأخيرة فإن قائمة المحظورات والممنوعات التي كرستها إسرائيل على المعبر اضطرت أهالي القطاع إلى استمرار الاعتماد على الأنفاق الحدودية في إدخال البضائع المصرية بعيدًا عن المنع الإسرائيلي.

يوجد قرابة 1200 نفق يستخدم لإدخال البضائع من مصر إلى قطاع غزة (الجزيرة)
يوجد قرابة 1200 نفق يستخدم لإدخال البضائع من مصر إلى قطاع غزة (الجزيرة)

وتساءل التقرير عن مستقبل الحصار المفروض على القطاع، خصوصا في ظل المشروعات التي تقدمت بها حكومة غزة إلى القيادة المصرية مؤخرا حول فتح معبر رفح بشكل كامل، وإقامة منطقة تجارية حرة على الحدود بين البلدين، وهو ما يعني طيّا كاملا لصفحة الحصار.

واقع الحصار
وتحدث تقرير مركز الزيتونة -الذي حرره مؤمن بسيسو- عن معاناة قطاع غزة جراء الحصار، حيث بلغت معدلات البطالة عام 2011 نحو 30% وبلغت نسبة من يقل دخلهم الشهري عن خط الفقر الوطني 67%، كما يعتمد 85% من أهالي القطاع بدرجات متفاوتة على المساعدات الإنسانية المقدمة من مؤسسات إغاثية دولية وعربية.

مواقف متباينة
وخلال فترة الحصار تباينت المواقف، فالسلطة الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) تشعران -حسب التقرير- بأن رفع الحصار عن غزة بعيدًا عن إنجاز المصالحة الفلسطينية قد يجعل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أكثر زهدًا في المصالحة، وقد يحرمهما من بسط النفوذ على غزة من جديد.

وزادت حدة وسخونة هذا الموقف مؤخرا عقب المشروع الذي تقدمت به حكومة رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية لإقامة منطقة تجارية حرة على الحدود المصرية مع القطاع.

في المقابل حرصت حماس وحكومتها على فتح ثغرات في جُدُر الحصار المضروب على القطاع عبر حشد الدعم العربي والإسلامي وتعزيز حضور الوفود السياسية والبرلمانية إلى القطاع واستثمار وجود قيادة مصرية جديدة.

لكن الموقف المصري في ظل القيادة المصرية الجديدة يبدو ملتبسا بكثير من الصعوبات والتعقيدات، فمن جهة أطلق الرئيس محمد مرسي وعودا إبان حملته الانتخابية برفع الحصار عن القطاع، كما قدَّم طمأنات لدى لقاءاته بمسؤولي حماس بالرفع التدريجي للحصار، وقدم جملة من التسهيلات بخصوص معبر رفح وتزويد القطاع بالوقود والكهرباء.

السلطة الفلسطينية وحركة فتح تشعران -حسب التقرير- بأن رفع الحصار عن غزة بعيدا عن إنجاز المصالحة قد يجعل حماس أكثر زهدا فيها، وقد يحرمهما من بسط النفوذ على غزة من جديد

لكن مصر عجزت حتى الآن عن تنفيذ وعود مرسي لعوامل عدة أهمها الضغط الدولي ممثلا بالموقف الأميركي، ومعارضة جهات نافذة داخل الدولة المصرية لذلك مثل جهاز المخابرات ومفاصل أساسية في الدولة العميقة احتجاجًا باعتبارات قانونية ذات علاقة باتفاقية كامب ديفد وأخرى سياسية تخشى نفض يد إسرائيل من مسؤولية غزة وإلقائها في الحضن المصري، وكذلك معارضة السلطة الفلسطينية وحركة فتح، إضافة إلى عدم رغبة الرئيس المصري في إحداث قفزة نوعية في ظل قسوة التحديات الداخلية والأوراق السياسية المبعثرة التي يُعاد ترتيبها تدريجيًّا.

آليات اختراق الحصار
ويرى التقرير أن الحكومة المقالة لا تعوّل على حدوث أي اختراق سياسي في العلاقات مع المنظومة الإقليمية والدولية الراعية للحصار المفروض على القطاع، لكنها تراهن على التغيرات التي شهدها العالم العربي وما تحمله من آمال. كما لا تجد بُدًّا من التركيز على الدورين المصري والقطري لإنقاذ القطاع من مآزقه المختلفة.

ومن جهة أخرى، فإن هناك مخاوف من تضاؤل الدعم الإيراني الكبير للقطاع سواء بسبب معاناة إيران نفسها من العقوبات الغربية، أو بسبب الاختلاف تجاه التعامل مع الملف السوري. غير أنه في المقابل فإن هناك تعويلاً أكبر على تصاعد الدور التركي في دعم القضية الفلسطينية ودعم رفع الحصار عن قطاع غزة.

سيناريوهات المستقبل
وبحسب التقرير فإن الأشهر القليلة القادمة تحمل أحد السيناريوهات الأربعة التالية:

السيناريو الأول: وهو سيناريو الجمود، ويفترض استمرار وضع الحصار القائم على ما هو عليه دون حدوث أي تحسن في الأوضاع الاقتصادية.

مظاهرة رمزية في غزة لمطالبة مصر بفتح معبر رفح بصورة دائمة (الجزيرة)
مظاهرة رمزية في غزة لمطالبة مصر بفتح معبر رفح بصورة دائمة (الجزيرة)

السيناريو الثاني: وهو السيناريو المتفائل، ويفترض حدوث تحسن ملحوظ في الوضع الاقتصادي والمعيشي لأهالي القطاع، وبناء عليه سيحدث تحسن في حركة البضائع عبر معبر كرم أبوسالم، وتحسن في العلاقات الاقتصادية مع مصر سواء عبر التسهيلات في معبر رفح أو الشروع في إرساء منطقة التجارة الحرة بين الجانبين، مع تحسن ملحوظ في البنية التحتية وخدمات الوقود والكهرباء والمياه والاتصالات.

السيناريو الثالث: وهو السيناريو المتشائم، ويفترض استمرار الحصار على قطاع غزة وتشديده، وعدم القدرة على تطبيق مشروع المنطقة التجارية الحرة مع تجميد ملف المصالحة الفلسطينية الداخلية. وبحسب هذا السيناريو سيزداد الوضع الاقتصادي سوءًا، وترتفع نسبة الفقر والبطالة.

السيناريو الرابع: وهو السيناريو النموذجي، ويفترض انتهاء الانقسام الفلسطيني وتشكيل حكومة توافق وطني، ورفع الحصار عن القطاع بشكل كامل. وبحسب هذا السيناريو فقد توافق الدول المانحة على دعم حكومة التوافق ماليا وسياسيا، وضمان حرية حركة البضائع عبر المعابر المختلفة وتوقيع اتفاقية تجارية خاصة بمعبر رفح.

المصدر : الجزيرة