تزايد الضغوط لتطبيق الشريعة بمصر
أنس زكي-القاهرة
جاءت المظاهرة الضخمة التي شارك فيها عشرات الآلاف من المصريين في ميدان التحرير الجمعة لتضيف حلقة جديدة من الضغوط السياسية والشعبية في اتجاه تطبيق الشريعة الإسلامية، في مواجهة نخب سياسية ترى الاكتفاء بما ينص عليه الدستور السابق من اعتبار مبادئ الشريعة المصدر الرئيسي للتشريع.
وحسب القيادي بحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية الدكتور محمد الصغير فإن الحشود الكبيرة التي تجمعت في ميدان التحرير رغم إعلان كل من جماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي عدم مشاركتهما في المظاهرة، تؤكد رغبة الشعب المصري في تطبيق الشريعة.
وأعرب الصغير عن اعتقاده بأن الغالبية الساحقة من المصريين مع النص صراحة في الدستور الجديد على جعل الشريعة هي المصدر الرئيسي للتشريع، في مواجهة "نخبة عالية الصوت قليلة التأثير" ترفض ذلك بل وتسعى للتفزيع منه دون مبرر حقيقي.
وكان الصغير هو من أم المشاركين في المظاهرة في صلاة الجمعة، حيث أكد أنهم جاؤوا لمطالبة الرئيس محمد مرسي بتطبيق شرع الله في مصر "التي هي قلب الأمة الإسلامية ولن تكون أبدا حكرا للعلمانيين والليبراليين الذين يدعون أن تحكيم الشريعة عودة إلى الوراء".
وقال الصغير إنه من غير الطبيعي أن يحصل الأقباط وأصحاب الديانات الأخرى على حق الاحتكام إلى شرائعهم في حين لا يسمح للمسلمين الذين يمثلون الغالبية الساحقة لشعب مصر بالاحتكام إلى شريعتهم.
مرجعية الشريعة
ولم يذهب المحلل السياسي محمد جمال عرفة بعيدا، إذ قال للجزيرة نت إن هذا الحشد الكبير -الذي قدره بمئات الآلاف- يعني أن الشعب المصري في معظمه راغب في تطبيق الشريعة فضلا عن الاستناد إليها كمرجعية.
وعن عدم مشاركة الإخوان وحزب النور الذي يعد أكبر الأحزاب السلفية، يرى عرفة أن الإخوان ربما خشوا أن تفسر مشاركتهم على أنها نوع من الضغط على الجمعية التأسيسية للدستور التي تستعد لوضع اللمسات النهائية على الدستور الجديد قبل طرحه للاستفتاء العام، في حين أن حزب النور ربما تأثر بتداعيات الخلافات الداخلية التي شهدها في الفترة الأخيرة.
وكانت الجماعة الإسلامية في مقدمة القوى الإسلامية التي شاركت في المظاهرة ومعها الجبهة السلفية، وائتلاف الشريعة، وأحزاب الفضيلة، والأصالة، والشعب، والسلامة والتنمية، والتوحيد العربي والعمل الجديد، حيث ردد المشاركون هتافات تطالب بتطبيق الشريعة وأخرى تندد بـ"مخططات الليبراليين" لعلمنة مصر.
كما أعطت مشاركة الداعية حازم أبو إسماعيل المرشح المستبعد من الانتخابات الرئاسية الأخيرة زخما واضحا للمظاهرة، حيث ألقى كلمة أكد فيها العودة للتظاهر مجددا الجمعة المقبل والدخول في اعتصام حتى تطبيق الشريعة.
قضية عادلة
وقد تحدثت الجزيرة نت إلى جمال صابر منسق حملة "لازم حازم" التي كانت تدعم أبو إسماعيل في سباق الرئاسة، فأكد أن البعض يريد التشويش على القضية العادلة المتمثلة في أن المسلمين يريدون تطبيق شريعتهم، مؤكدا أن هذا التطبيق سيساعد في القضاء على الفساد المنتشر في ربوع مصر.
وأضاف صابر أن هذه المظاهرة مجرد حلقة في سلسلة فعاليات ستقام حتى ترضخ الجمعية التأسيسية للمطالب الشعبية بتطبيق الشريعة الإسلامية.
وشدد على ضرورة أن يتضمن الدستور الجديد نصا صريحا وواضحا بعدم جواز مخالفة الشريعة الإسلامية.
من جهته انتقد خالد سعيد المتحدث باسم الجبهة السلفية في حديث للجزيرة نت محاولات البعض التقليل من شأن مظاهرة الجمعة.
وأشار إلى أن هناك عددا من المنتمين لجماعة الإخوان وحزب النور السلفي كانوا حاضرين في المظاهرة رغم قرارات قادتهم بعدم المشاركة.
وعما إذا كانت الرسالة من وراء هذه المظاهرة قد وصلت، يقول جمال عرفة إن الرسالة كانت واضحة، لكن المشكلة أن التيارات الليبرالية واليسارية ما زالت تصر على الاستخفاف بالآراء الأخرى مهما كانت الشريحة التي تعتنقها كبيرة ومؤثرة، وهذا ما يجعل هذه التيارات بعيدة عن التأثير الشعبي مكتفية بالتواجد الإعلامي.
وأشار إلى أن هذه الحقيقة اتضحت في كل الانتخابات التي جرت بعد الثورة، ومن المرجح أن تستمر في الانتخابات البرلمانية المقبلة.