مقاتلو مورو يلقون السلاح ليحرثوا الأرض

Army troops are deployed during heavy fighting against Muslim separatist rebels belonging to the Moro Islamic Liberation Front, in Rangaban village in southern Philippines island of Mindanao, 28 January 2007. MILF rebels agreed 29 January 2007 to end three days of hostilities and reposition its forces away from the farming village to prevent further clashes while the military had agreed to pull out.
undefined

بعد أربعة عقود من صراع دام خلف مئات الآلاف من القتلى والمشردين في جزيرة ميندناو جنوبي الفلبين، أعلنت الحكومة الفلبينية أنها توصلت لاتفاق "تاريخي" مع جبهة تحرير مورو الإسلامية لإحلال السلام هناك حيث تخوض الجبهة قتالا منذ عام 1978 من أجل إقامة دولة إسلامية مستقلة.  

ويتضمن الاتفاق -الذي تم التوصل إليه برعاية ماليزيا ورحبت به الولايات المتحدة وبريطانيا اللتين تعهدتا بدعمه- إقامة منطقة حكم ذاتي يطلق عليها اسم "بانغسامور" التي تشير إلى المسلمين والأقلية غير المسلمة التي تعيش في جنوب الفلبين، تحل محل المنطقة الموجودة حاليا في ميندناو التي أقيمت عام 1989 وتشمل خمس مناطق تقطنها أغلبية مسلمة يبلغ عدد سكانها أربعة ملايين نسمة.

هذه التجربة التي مضى عليها 23 عاما اعتبرها الرئيس الفلبيني بنيونو أكينو لدى إعلان الاتفاق الأحد الماضي "تجربة فاشلة"، معللا ذلك بأنها أدت إلى "استمرار الشعور بالغربة لدى كثير من الناس  لم يجدوا وسيلة للتعبير عن حزنهم إلا عبر فوهة البندقية".

ونبه أكينو إلى أن هذا الكيان الجديد (بانغسامور) سيلتزم بالدستور "لضمان أن البلاد ستظل دولة واحدة وشعبا واحدا وستواصل الحكومة الوطنية ممارسة الاختصاصات الحصرية بشأن الدفاع والأمن والسياسة الخارجية والسياسة النقدية والعملة والجنسية والتجنس". وأضاف "سيحصل المواطنون الفلبينيون في بانغسامور على حصة عادلة من "الضرائب والعائدات وثمار الإرث الوطني". 


الرئيس الفلبيني:
الأيدي التي حملت البنادق في الماضي ستلقيها من أجل حرث الأرض وبيع المحصول وإدارة محطات العمل وإتاحة الفرصة لمواطنين آخرين.

التخلي عن السلاح
ويشمل الاتفاق المنتظر توقيعه في مانيلا خلال الأيام القليلة المقبلة كل المجموعات الانفصالية السابقة، وأكد أكينو أن "جبهة مورو الإسلامية لم تعد تطالب بدولة منفصلة، وهذا يعني أن الأيدي التي حملت البنادق في الماضي ستلقيها من أجل حرث الأرض وبيع المحصول وإدارة محطات العمل وإتاحة الفرصة لمواطنين آخرين".

وينص الاتفاق أيضا على تكوين لجنة انتقالية من 15عضوا تكلف بتذليل العقبات وإنهاء التفاصيل التي تبقى عالقة في الاتفاق المبدئي، وأن تضع مشروع قانون يقضي بإقامة المنطقة الإسلامية في غضون عامين. وحسب نص الانفاق سيقوم المقاتلون المسلحون باتباع برنامج لتفكيك مليشياتهم المسلحة بحيث تصبح غير قابلة للعمل، لكن الاتفاق لم يحدد جدولا زمنيا لذلك.

ترحيب وإشادة 
وحظي الاتفاق بإشادة جبهة مورو، وقال غزالي جعفر نائب رئيس الجبهة "إن الجماعة تشعر بالسعادة لأن هذا الاتفاق قدم حلا للصراع، الذي أعاق النمو الاقتصادي والتنمية الاجتماعية في ميندناو، وهذا أمر طيب، انتظرنا هذا لسنوات طويلة".

من جهته، قال رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق في كوالالمبور حيث عقدت محادثات السلام "أنا سعيد بأنه عبر هذا الاتفاق التاريخي سيجري حماية حقوق وكرامة وازدهار مستقبل شعب بانغسامورو، في حين يتم في الوقت نفسه الحفاظ على سيادة ودستور الفلبين".

أما السفير الأميركي لدى مانيلا هاري توماس فقال إنه "يتبقى عمل كثير، إلا أن التنفيذ الناجح لهذا الاتفاق سيحسن الأمن والاستقرار والتنمية لشعب ميندناو". ومن جهته قال نظيره البريطاني ستيفن ليلي "نقدم دعمنا وسنواصل الدعم".

مندبو الحكومة الفلبينية تحدثوا في العاصمة الماليزية عن بنود الاتفاق (الفرنسية)
مندبو الحكومة الفلبينية تحدثوا في العاصمة الماليزية عن بنود الاتفاق (الفرنسية)

محاذير
وعلى الرغم من الترحيب بالاتفاق فإن يواجه عددا من التحديات، أولها شبح الفشل الذي مني به اتفاق عام 2008 في عهد الرئيسة السابقة غلوريا أرويو والذي تم التخلي عنه في اللحظة الأخيرة بسبب المعارضة الفلبينية الداخلية القوية له في ذلك الوقت، والخوف من تكراره مع الاتفاق الحالي إذا ما عرض للاستفتاء في هذا البلد ذي الأغلبية المسيحية الكاثوليكية.

ويرى المراقبون أن هناك خطرا آخر يتمثل في احتمال انفصال بعض الفصائل عن جبهة مورو وتواصل القتال في المنطقة، ويستشهدون بانفصال أحد قادة المقاتلين ويدعى أمريل أومبرا كاتو عن الجبهة عام 2011 وتشكيله فريقا يرفض المفاوضات، كما شنت قوات كاتو هجمات على عدة معسكرات للجيش في أغسطس/آب الماضي مما أدى إلى رد القوات النظامية ووقوع أكثر من 50 قتيلا من مجموعة كاتو التي تضم 200 مقاتل.

اختبار هذه المحاذير ستجيب عنه الأيام المقبلة، لكن المأمول أن تسير الأمور على نحو إيجابي لأن هذا من شأنه أن يقود الأطراف إلى اتفاق سلام بحلول عام 2016، أي العام الذي تنتهي فيه السنوات الست لولاية الرئيس أكينو.

المصدر : الجزيرة + وكالات