شيوخ سيناء يستبشرون بزيارة مرسي

عدد من أبناء شمال سيناء يستعرضون مشاكلهم قبل لقاء الرئيس
undefined

 أنس زكي-العريش

عدة ساعات قضاها الرئيس المصري محمد مرسي في مدينة العريش عاصمة محافظة شمال سيناء، كانت كافية لخلق حالة واضحة من التفاؤل والاستبشار بمستقبل أفضل لدى غالبية من حضروا اللقاء الجماهيري الذي عقده الرئيس عقب أدائه صلاة الجمعة بمسجد المدينة الشبابية الواقعة على أطراف العريش.

هذا التفاؤل كان باديا حتى قبل عقد اللقاء الذي حضرته الجزيرة نت، ووصفه سليم دهمش أحد شيوخ القبائل بشمال سيناء ونحن في طريقنا إلى المدينة الشبابية، بأنه أمر طال انتظاره حيث لم يسبق أن قام به رئيس مصري، بل إن الرئيس المخلوع حسني مبارك -على حد قول دهمش- لم يزر سيناء إلا مرتين طوال حكمه الذي امتد ثلاثة عقود كاملة.

أما الشيخ مرضي محمد فريج فقال للجزيرة نت إن مرسي يزور شمال سيناء للمرة الثالثة في غضون الأشهر الثلاثة الأولى من حكمه، وهو أمر يبشر بأن الرئيس جاد في تنفيذ ما سبق أن وعد به أهل سيناء خلال حملة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، من قضاء على ما يعانونه من ظلم وتهميش وإقصاء.

وانضمت الجزيرة نت إلى حلقة من شيوخ القبائل الذين افترشوا الأرض قريبا من المسجد الذي شهد أداء صلاة الجمعة بحضور الرئيس، حيث تركز النقاش حول ما يطلبه أهل سيناء من أول رئيس مصري منتخب بعد الثورة، وبدا واضحا أن تنمية سيناء ورفع المظالم عن أهلها هو المطلب الرئيسي الذي يرون فيه حلا لكل المشكلات الأخرى. 

الشيخ مرضي: الرئيس جاد في تنفيذ ما سبقأن وعد به أهل سيناء (الجزيرة نت)
الشيخ مرضي: الرئيس جاد في تنفيذ ما سبقأن وعد به أهل سيناء (الجزيرة نت)

التنمية والأمن
الشيخ مرضي أكد أن البدء بتنمية سيناء يقتضي قرارا سريعا باستكمال "ترعة السلام" بحيث تصل بمياه النيل إلى كل المناطق الصالحة للزراعة في شمال ووسط سيناء، مع تدخل الدولة للقيام بأعمال البنية الأساسية التي تتيح الفرصة لإنشاء مشروعات زراعية وصناعية وخدمية، وتيسير الإجراءات أمام القطاع الخاص الراغب في المشاركة بمسيرة التنمية المنشودة.

وأجمع المشاركون في النقاش على أن استتباب الأمن هو البداية الحقيقية لأي تنمية، وأشاروا إلى وجود تحسن نسبي في الوضع الأمني، لكنهم عبروا عن الأمل في أن يولي الرئيس اهتماما خاصا لهذا الملف وما يرتبط به من مظالم نتجت عن سوء المعاملة من جانب الأمن طوال سنوات حكم النظام السابق.

وقبل أن يبدأ اللقاء مع الرئيس كان إمام مسجد المدينة الشبابية قد أعاد نفس المطالب على مسامع الرئيس خلال خطبة الجمعة، كما تكرر الأمر في سلسلة من الكلمات سبقت خطاب الرئيس وألقاها عدد من ممثلي القوى السياسية والشبابية والقبلية بسيناء.

وقال ممثل مجاهدي سيناء الشيخ عواد حسان إن تنمية المنطقة قضية أمن قومي لمصر كلها، مؤكدا أن سيناء تحتاج -فضلا عن التنمية- إلى زرعها بالبشر لأن هذا هو السبيل الرئيسي لحمايتها من الأعداء الطامعين.

إجراءات أمنية مشددة رافقت زيارةالرئيس مرسي إلى شمال سيناء (الجزيرة نت)
إجراءات أمنية مشددة رافقت زيارةالرئيس مرسي إلى شمال سيناء (الجزيرة نت)

العبور الثالث
وجاء الدور على الرئيس مرسي الذي حرص على توصيل رسالة واضحة بأنه يعي مشكلات أهل سيناء ويسعى لحلها، حيث أكد أن مصر تحتاج إلى ما وصفه بالعبور الثالث الذي يتمثل في تنمية سيناء بعدما نجحت من قبل في عبور قناة السويس وخط بارليف الحصين خلال نصر أكتوبر 1973، ثم في العبور الثاني الذي تمثل في الثورة الشعبية على النظام السابق.

لكن الرئيس حرص أيضا على التأكيد أن العبور الثالث لن يتم إلا كسابقيه، عبر التكاتف بين الشعب المصري وجيشه الباسل، وعبر اللحمة الحقيقية بين كل أطياف الشعب المصري، سواء في وادي النيل أو في سيناء التي قال إنها "جزء من مصر يسري عليه ما يسري على كل مصر أرضا وبشرا".

وبادر مرسي الحاضرين بأرقام دقيقة عن المحكومين غيابيا ليؤكد أنه جاء مدركا لمعاناة أهل سيناء، وكشف عن قرار بإعادة محاكمتهم ووقف ملاحقتهم، كما أكد بوضوح أن عهد الفساد والتفرقة والإقصاء والتهميش لن يعود مرة أخرى، "وإذا كان هناك طفل صغير في رفح (بأقصى شرق سيناء) يئن ويبكي فهو مسؤوليتي الشخصية".

وكما أرضى الرئيس أهل سيناء بالكثير من الوعود، فقد بدا حريصا على عدم التورط في وعود بشأن أمور تجري دراستها كما في ملف تملك الأراضي في سيناء، وعندما قاطعه بعض الحضور وطالبوا بقرارات فورية، قال بحسم إنه جاء لبحث حلول جادة وليس لمجرد تقديم وعود كلامية أو مسكنات مؤقتة.

ولعل هذه اللهجة الحاسمة هي ما دفع الشيخ محمد علي ليؤكد للجزيرة نت عقب انتهاء اللقاء أن خطاب الرئيس رفع من معنويات أهل سيناء دون أن يشهد قرارات فعلية تلبي الكثير من مطالبهم، وهو ما اختلف معه الشيخ زايد الهشة الذي رأى أن خطاب الرئيس كان موضوعيا وواعدا، وأنه من غير الطبيعي التوقع بأن تتغير الأحوال بين عشية وضحاها.

ووسط ما لمسه أهل سيناء من إيجابيات وراء زيارة الرئيس، أكد عدد من النشطاء أن الأمر لم يخلُ من سلبيات، وضربوا مثلا بما رافق الزيارة من إجراءات أمنية مشددة قال البعض إنها تذكر بما كان يحدث في عهد مبارك، بينما اعتبر آخرون أن المشكلة تكمن في العقلية التي ما زال الأمن يعمل بها، فضلا عن استمرار العديد من رموز العهد السابق سواء بين قيادات الأمن أو القيادات التنفيذية في المحافظات وبينها سيناء.

المصدر : الجزيرة