حكومة ليبية جامعة.. أكبر تحد لزيدان

علي زيدان مندوب المجلس الوطني في أوروبا بيدي تفاؤله بأعمال المجلس الوطني الانتقالي الليبي
undefined

بعد أن لعبت مصداقيته وتاريخه النضالي في اختياره بالأغلبية رئيسا للحكومة الليبية من قبل المؤتمر الوطني العام، يبدو أن علي زيدان -الذي يسعى لبناء دولة حديثة واحتواء فوضى السلاح- يواجه تحديا كبيرا يتمثل في تشكيل حكومة تضم أطياف المجتمع الليبي دون إقصاء أو تهميش.

فقد تمكن زيدان من الحصول على 93 من الأصوات من أصل مائتي صوت أمام منافسه الحراري من حزب العدالة والبناء المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين الليبية.

مصداقية
ولعبت مصداقية علي زيدان وتاريخه دورا مهما في اختياره من قبل أغلبية المؤتمر الوطني للمنصب الجديد. ذلك لأن زيدان يعد من الأوائل الذين انشقوا عن نظام العقيد الراحل معمر القذافي، حيث تخلى عام 1980 عن منصبه كسفير، وعاش منذ ذلك الوقت في المنفى في ألمانيا.

وسخر زيدان حياته بعدها للكفاح من أجل حقوق الإنسان في وطنه، الأمر الذي ساعده في كسب تأييد الكثير من الليبيين، وخاصة أولئك الذين لديهم تحفظات إزاء السياسيين الذين عاشوا أيام القذافي.

ويرى أندرياس ديتمان، أستاذ علوم الجغرافيا والإثنيات في جامعة بون الألمانية، أن الرغبة الملحة لدى الكثير من الليبيين في أن يتمتع السياسيون بالمصداقية "يتسبب لهؤلاء في الشعور بالحرج".

ويوضح أن في عهد القذافي لم يكن للسياسيين سوى خيارين "إما أن يعيشوا في ليبيا ويتقلدوا مناصب مهمة، وبالتالي فهم مشكوك فيهم اليوم بأنهم انتهازيون، وإلا أن يعيشوا في المنفى لفترة طويلة".

‪زيدان حصل على أغلبية أصوات المؤتمر الوطني الليبي العام‬ (الجزيرة)
‪زيدان حصل على أغلبية أصوات المؤتمر الوطني الليبي العام‬ (الجزيرة)

المهمة الصعبة
لكن التحدي الأكبر لرئيس الحكومة الجديد فيتمثل في تمثيل جميع الليبيين في الحكومة، وفي الوقت ذاته يتعين على زيدان اقناع أبناء جلدته بقدرته على تشكيل حكومة تحوز على اعتراف جميع الليبيين.

ويقول الخبير الليبي في الشؤون السياسية علي الغباشي إن "المشكلة تكمن في أنه حتى الآن لم يكن هناك أي حزب سياسي قادر أو مستعد لإيجاد حلول توافقية".

ويضيف "وهذا ما تحتاجه ليبيا في هذا الوقت بالذات، لأن الصعوبات هناك لا تزال كبيرة، ومنها المشكلة الأمنية التي يتعين حلها في أقرب وقت ممكن، وكذلك ملء الفراغ السياسي الذي تسبب فيه انهيار النظام السابق، فضلا عن عدم إقصاء الجماعات الإسلامية والحيلولة دون تنامي نفوذها".

غير أن ديتمان يرى أن الأمر المهم للحصول على الاعتراف بالحكومة الجديدة هو "إلى أي مدى سيتمكن السياسيون من إدماج مختلف الجهات في ليبيا والفئات الاجتماعية واللغوية في البرلمان الجديد بصفة تجعلهم يشعرون بأنهم ممثلون".

ويلفت إلى أن هناك مهمة أخرى لرئيس الحكومة وهي إرضاء جميع التيارات الإسلامية القوية. ويقول "فمن جهة يجب عدم إقصاء هذه المجموعة، ومن جهة أخرى يتعين الحيلولة دون إعطائها الكثير من السلطة".

ولكن علي الغباشي يؤكد أن الحكومة بإمكانها الاعتماد على الشعب في هذه النقطة بالذات، لافتا إلى أن "الليبيين لن يقبلوا مرة أخرى أن تحاول بعض الجماعات تحقيق أهدافها بقوة السلاح". ويقول "المواطنون يريدون رؤية الأسلحة فقط بأيدي رجال الشرطة والجيش".

وكان زيدان اكتفى -خلال تصريحات صحفية نشرت اليوم- بالقول إن هناك اتفاقا بينه وبين المؤتمر الوطني يقضي بعدم الإدلاء بأي أحاديث إعلامية لحين الانتهاء من تشكيل الحكومة.

وأعرب زيدان عن تفاؤله بأن ينتهي من تشكيل حكومته الانتقالية المرتقبة خلال المهلة التي منحها له المؤتمر الوطني العام (البرلمان) خلال أسبوعين، لكنه رفض في المقابل الإدلاء بأي معلومات عن المشاورات التي بدأ إجراءها بشأن تشكيلة حكومته مع مختلف التيارات والقوى السياسية والوطنية.

المصدر : الألمانية + الجزيرة