مدونة انتخابية جديدة في موريتانيا

مدونة انتخابية جديدة في موريتانيا - أمين محمد – نواكشوط

من جلسة سابقة للنواب الموريتانيين (الجزيرة نت)

أمين محمد-نواكشوط

في خطوة قاطعتها أطراف المعارضة غير المشاركة في الحوار السياسي الذي ترعاه الحكومة، أقر برلمان موريتانيا مجموعة قوانين انتخابية مثيرة للجدل تعدل القانون الانتخابي الحالي بشكل جذري وتمنع الترشح المستقل، وتحظر الترحال السياسي وتعزز من موقع الأحزاب السياسية في المشهد الموريتاني، وذلك قبيل انتخابات برلمانية مرتقبة في الشهور القادمة.

وتمنع المدونة الانتخابية التي صادق عليها البرلمان الموريتاني الترشحات المستقلة التي كان مسموحا بها، والتي يلجأ إليها في الغالب نوعان من المترشحين أحدهما الغاضبون على أحزابهم السياسية الرافضون لخياراتها في الترشيح، وغير المنتسبين أصلا للأحزاب السياسية من الوجهاء ورجال المال والأعمال وغيرهم.

المدونة الانتخابية الجديدة تسعى لتقييد ما يسمى الترحال السياسي، وهو ظاهرة تنتشر بقوة في الوسط السياسي الموريتاني، وتعاني منها أحزاب المعارضة بشكل أكثر

كما تسعى لتقييد ما يسمى "الترحال السياسي"، وهو ظاهرة تنتشر بقوة في الوسط السياسي الموريتاني وتعاني منها أحزاب المعارضة بشكل أكثر، حيث اعتادت هذه الأحزاب خلال السنوات الماضية على مغادرة عدد من برلمانييها ومنتخبيها نحو أحزاب الأغلبية ودوائر الحكم بعد نجاحهم عنها.

وبالإضافة إلى حظر ظاهرتي الترشحات المستقلة والترحال السياسي، قضت المدونة الانتخابية الجديدة باستحداث قائمة (كوتا) خاصة بالنساء من 20 مقعدا في الانتخابات النيابية القادمة، وبرفع عضوية مجلس النواب من 95 إلى 146 عضوا.


استحقاقات الحوار
وتقول الحكومة على لسان وزير داخليتها محمد ولد ابيليل الذي حضر النقاشات البرلمانية للمدونة الانتخابية، إن تقديمها للبرلمان يأتي تجسيدا للحوار السياسي الذي جرى خلال شهري سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول الماضيين بين الأغلبية الحاكمة وأربعة من أحزاب المعارضة.

وكانت عشرة أحزاب معارضة قد قاطعت ذلك الحوار ووصفت نتائجه بالهزيلة والعديمة المصداقية، بينما رأته الأغلبية إنجازا كبيرا وتحقيقا لمطالب سياسية ظلت عالقة.

وقضى الحوار بالإضافة إلى المدونة الانتخابية بإقرار تعديلات دستورية تحظر الانقلابات العسكرية وتنشئ لجنة مستلقة للانتخابات، وتعطي للبرلمان حق حجب الثقة عن برنامج الحكومة.


 بدر الدين اعتبر أن المدونة الجديدةجزء من نتائج الحوار الهزيل (الجزيرة نت)
 بدر الدين اعتبر أن المدونة الجديدةجزء من نتائج الحوار الهزيل (الجزيرة نت)

انسحاب نواب
ولم تشارك المعارضة غير المشاركة في الحوار في التصويت على المدونة الانتخابية وانسحب نوابها قبل بدء التصويت، وقال النائب المعارض محمد المصطفى بدر الدين للجزيرة نت إن انسحابهم جاء رفضا منهم لهذه المدونة باعتبارها جزءا من نتائج الحوار الهزيل، وثانيا لأنهم يعتبرون أن البرلمان الحالي منتهي الولاية، وما دام كذلك فلا يمكنه إقرار هذا النوع من القوانين الهامة.

وأضاف بدر الدين أنه ما دام النظام السياسي على ما هو عليه من تركيز للسلطة في يد شخص آخر فلا أمل في انتخابات شفافة، مما يعني أن التفاصيل الجزئية التي تبحث فيها المدونة المعروضة غير مفيدة وغير مهمة وغير ذات أولوية في الوقت الحالي.

وغير بعيد من ذلك، قال نائب معارض آخر للجزيرة نت هو محمد المصطفى ولد محمد السالم إن المدونة الجديدة تضمنت الكثير من الخلل في الشكل والمضمون ومعايب وثغرات قانونية وفنية عديدة، مشيرا إلى أن الأطراف السياسية التي قدمتها لم تستطع تعديلها لكونها –حسب رأيها- التزاما سياسيا من التزامات ونتائج الحوار غير قابلة للتعديل.


خلاف الأغلبية
وعلى غير العادة أثارت المدونة الجديدة جدلا حتى بين برلمانيي الأغلبية الذين رفض بعضهم بعض مواد هذه المدونة، خصوصا منها تلك المتعلقة بالترشحات المستقلة والترحال السياسي، الظاهرتين اللتين نالتا النصيب الأكبر من الجدل البرلماني.

ولد عبد العزيز من نواب الغالبية الحاكمة الذين عارضوا بعض نقاط المدونة (الجزيرة نت)
ولد عبد العزيز من نواب الغالبية الحاكمة الذين عارضوا بعض نقاط المدونة (الجزيرة نت)

ويقول المصطفى ولد عبد العزيز للجزيرة نت -وهو نائب من الأغلبية الحاكمة عارض بعض نقاط المدونة- تعليقا على حظر الترشحات المستقلة، إن حرية الفرد عصب الحياة الديمقراطية، وعندما تقيد حرية الفرد سياسيا فمعنى ذلك أن لا حرية للمجتمع.

ويضيف أنه وحتى في بلدان الديمقراطيات العريقة فإن شرائح واسعة من الشعب لا تنتمي للأحزاب السياسية ولا ثقة لديها فيها، مما يعني أنه من غير المناسب أن نرغم الناس على أحزاب لا يثقون فيها ولا يقتنعون ببرامجها السياسية.

ولكن نائبا آخر من الأغلبية ورئيس لجنة العدل والداخلية اسلامه ولد عبد الله قال للجزيرة نت إن المدونة الانتخابية التي تم إقرارها تهدف إلى ترسيخ الديمقراطية وتعزيز مكانة الأحزاب السياسية، نافيا أن يكون لها تأثير سيئ على المشهد السياسي.

ورفض القول بعدم دستورية حظر الترشحات المستقلة، قائلا إن الدستور يكفل الحريات وينص على أنها لا تقيد إلا بقانون، هذا فضلا عن أن الدستور نفسه قيد عددا من الحريات حيث حد من حرية رؤساء الجمهورية في الترشح أكثر من مرتين، وحدد أعمارا محددة للذين يترشحون لمأموريات انتخابية وكلها تقييدات للحرية، لكنها تقييدات بقانون وتخدم المصلحة العامة.

المصدر : الجزيرة