برنامج حكومة المغرب في الميزان

برنامج الحكومة المغربية: - بين رأي المختص وتوجس المعارضة - عمر العمري – الرباط

الحكومة الجديدة قدمت برنامجها للبرلمان المغربي (الجزيرة نت)

عمر العمري-الرباط

قدم رئيس الحكومة المغربية والأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران اليوم الجمعة برنامج الحكومة الجديدة أمام البرلمان من أجل المصادقة عليه كما يقتضي ذلك دستور المملكة المغربية.

ووعد بيان الحكومة المغاربة بمجموعة من الإصلاحات، لكن حسب "النموذج المغربي" المبني على "الإصلاح في إطار الاستقرار"، ووفق ثوابت أساسية هي "التشبث بالدين الإسلامي والملكية الدستورية والاختيار الديمقراطي".

وبعث بنكيران رسائل عديدة طمأن خلالها القصر الملكي والأجهزة الأمنية والقوات العمومية بأن الحكومة الجديدة ستواصل دعمها لمؤسسات الدولة في مواجهة ما سماه بـ"الإرهاب وما يمس استقرار المملكة".

وتوعد في مقابل ذلك بمكافحة الفساد ومحاربة المخدرات و"الحد من الاحتكارات والامتيازات والتراخيص واقتصاد الريع"، والصرامة في ربط المسؤولية بالمحاسبة، التي كررها أكثر من مرة خلال تقديمه للبيان.

وكان الدستور الجديد الذي جرى استفتاء المغاربة عليه في الفاتح من يوليو/تموز الماضي قد نص على قاعدة ربط المسؤولية بالمحاسبة، إلا أنها لا تسري على ملك البلاد الذي يمارس صلاحيات عديدة دون أن يحاسب عليها.

إدريس بنعلي: الظروف الخارجية لا تسمح بالتفاؤل الذي حمله برنامج الحكومة (الجزيرة نت)
إدريس بنعلي: الظروف الخارجية لا تسمح بالتفاؤل الذي حمله برنامج الحكومة (الجزيرة نت)

برنامج متفائل
ووعدت الحكومة الجديدة الشعب المغربي بـ"العيش الكريم" و"تنمية الطبقة الوسطى" وتحقيق 5.5 من النمو خلال الفترة 2012-2016، وضبط التضخم في حدود 2% وتخفيض نسبة البطالة إلى 8%.

وفي تصريح للجزيرة نت، قال المحلل الاقتصادي وأستاذ الاقتصاد بجامعة محمد الخامس بالرباط إدريس بنعلي، إن برنامج الحكومة الجديدة "طموح وفيه كثير من التفاؤل"، وإنه إذا حقق نموا بـ5.5% فهي "نتيجة مشرفة من الناحية الاقتصادية".

لكنه اعتبر أن الظروف الخارجية لا تسمح بهذا التفاؤل، ذلك لأن المغرب مرتبط اقتصاديا بفرنسا وإسبانيا اللتين تعيشان أزمة اقتصادية كبيرة ستؤثر بدورها على وضعية خمسة ملايين من المغاربة الموجودين في أوروبا.

وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الحكومة الجديدة ستواجه "على ما يبدو سنة فلاحية صعبة"، مما ستكون له نتائج سلبية على الاقتصاد المغربي، مشيرا إلى أن الفلاحة تشكل 16% من الإنتاج القومي المغربي.

وتضمن تصريح بنكيران مجموعة من التدابير لدعم الفلاحين المغاربة وتكوينهم وتأطيرهم والبحث عن طرق تمويل جديدة لهم، كما تحدث أيضا عن ضبط أساليب توزيع المنتوج الفلاحي.

رأي المعارضة
غير أن النائبة ميلودة حازب عن الكتلة البرلمانية لفريق الأصالة والمعاصرة المعارض، تعتبر أن أكبر تناقض وقع فيه التصريح الحكومي هو حديثه عن المساواة والمناصفة في حين أن رئيس الحكومة "خرق الدستور باختزال التمثيلية النسائية في امرأة واحدة".

وفي الوقت الذي كان فيه بنكيران يقدم تصريحه الحكومي، قامت جمعيات نسائية بمظاهرة أمام مقر البرلمان تطالب "برفع الحيف عن المرأة المغربية"، في إشارة إلى تعيين امرة واحدة في الحكومة هي بسيمة الحقاوي عن حزب العدالة والتنمية.

ميلودة حازب: برنامج الحكومة غير مضبوط بالإجراءات والأرقام (الجزيرة نت)
ميلودة حازب: برنامج الحكومة غير مضبوط بالإجراءات والأرقام (الجزيرة نت)

وبالرغم من أن بنكيران التزم بأن حكومته ستعمل على تحقيق "مبدأ المناصفة وإرساء هيئة خاصة بها"، إلا أن برلمانيات من فرق المعارضة قمن أيضا بوقفة احتجاج رمزية أثناء تقديمه للتصريح الحكومي، ورفعن شعار "أين المناصفة".

وترى حازب أن من نقائص التصريح الحكومي إغفاله للإجراءات المطلوبة لمواجهة انعكاسات الأزمة العالمية في المستقبل على اقتصاد البلاد، ولحل مشاكل المحتجين وعلى رأسهم العاطلين عن العمل.

وأشارت البرلمانية إلى أن التصريح تراجع عن الأرقام التي جاءت في البرنامج الانتخابي لحزب العدالة والتنمية، وهي تحقيق نسبة نمو تصل إلى 7% وتقدير الحد الأدنى للأجور بـ3000 درهم (375 دولارا).

وخلصت إلى أن برنامج الحكومة "غير مضبوط بالإجراءات والأرقام"، مما جعل "الرأي العام يشكك في مصداقية هذا البرنامج وإمكانية الالتزام بالوعود الانتخابية".

وحول أسباب تراجع حزب العدالة والتنمية عن بعض الأرقام التي طرحها في دعايته الانتخابية، قال أستاذ الاقتصاد إدريس بنعلي إن الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي، وهي حزب الاستقلال (محافظ) وحزب التقدم والاشتراكية (يسار) والحركة الشعبية (يمين) دفعت حزب الإسلاميين ليكون أكثر واقعية.

المصدر : الجزيرة