قصة حب تتحدى حواجز الاحتلال

العروسان طاهر وريتا خلال عقد القران في غزة

العروسان طاهر وريتا أثناء عقد القران في غزة

وديع عواودة-حيفا

تمكن الشاب طاهر مسلماني من أراضي 48 من الوصول إلى غزة عبر الأنفاق، متحديا الحواجز والمخاطر، من أجل عقد قرانه على خطيبته، ومنع طاهر بعدها من زيارة أراضي السلطة الفلسطينية ستة أشهر بأمر من محكمة إسرائيلية فور عودته.

ويقوم الشاب طاهر (23 عاما) ابن قرية كفر قرع، وريتا أبو زعنونة (25 عاما) من غزة -وكلاهما يعمل في حقل الإعلام- بالاستعداد من أجل الزواج بعد شهور، متحديين معيقات وضغوطا كثيرة.

ويوضح طاهر أنه تعرف إلى ريتا عبر الشبكة الاجتماعية "فيسبوك" مطلع العام، وما لبثا أن قررا الزواج بعدما ربطتهما خيوط المحبة -كما يؤكد للجزيرة نت- ويتابع "في البداية ربطتني بها صداقة عادية، وتكلمنا حول عمل تلفزيوني مشترك، ثم تطورت الرابطة بعدما انتابني شعور روحاني عميق تجاهها، بالرغم من أنني كنت أراها عبر الشاشة فقط، فقررنا الارتباط".

الثورة المصرية
ويشير طاهر إلى أن أسرته لم تعارض مبادرته بالرغم من أن خوفا ساورها نتيجة البعد الجغرافي والحصار على غزة، لكنها احترمت قراره، وفي 10 من أبريل/نيسان 2010 استجاب والدها لطلبه، فشرعا في الإعداد لحفل الخطوبة في رام الله، لكن سلطات الاحتلال رفضت منح العروس وأسرتها تصاريح خروج.

قرر طاهر وريتا إتمام مراسيم الخطوبة في مصر، غير أن اندلاع الثورة المصرية وإغلاق معبر رفح منعهما من تنفيذ مشروعهما، لكن طاهر لم ير في هذه الحواجز عائقا أمامهما، وقرر العمل على خيار زيارة غزة بعدما كان مستبعدا.

وتوجه طاهر لطابا الشهر الماضي في ذكرى ميلاد عروسه، ومن ثم للعريش، وبعد 24 ساعة وصل غزة بعد أن ابتسم له الحظ، لافتا إلى أنه لم يكن يعلم بضرورة استصدار تأشيرة دخول للعريش.

لكن السائق الذي أقله من شرم الشيخ كان سائقا خاصا لمحمد حسين طنطاوي -رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة قبل 5 سنوات- ورجال الأمن يعرفونه، ولم يطلب أي منهم بطاقة هويته عند اجتيازه نحو 15 حاجزا في الطريق.

عبر الأنفاق
واستغرق اجتياز النفق ثلاث دقائق مقابل 70 دولارا، وعند الحدود كانت تنتظره مركبة أوفدتها ريتا، وعن تلك اللحظة يقول "لم أكن متيقنا للحظة أنني في علم أم في حلم، وفي سري كنت أتسأل هل فعلا أنا في غزة".

وعن لحظة لقاء الحلم بالحقيقة يتابع "دخلت العمارة المتفق عليها، ووجدت زملاء ريتا ينتظرونني مذهولين، فرحبوا بي وأخبروني أنها دخلت غرفة جانبية، وكانت دقات قلبي أسرع من خطواتي نحو غرفتها.. ولما دخلت وضعت يدها على عينيها، وأجهشت بالبكاء فبكينا جميعا".

مأساة غزة
بعد ذلك توجها لبيت العروس واحتفلا بعقد القران بمشاركة الأهل والأقارب، وتمنى طاهر حضور أهله الذين حرمهم الاحتلال تلك اللحظة.

ويقول طاهر إنه وجد غزة التي زارها للمرة الأولى فقيرة، جريحة معذبة أكثر بكثير من الصورة التي شاهدها في التقارير الإعلامية.

وعن الليلة الأخيرة في غزة يقول "إنه أدرك أن الحلم يوشك على الانتهاء، وأن الفراق صعب، وأن عزاءه كان بأنهما سيلتقيان يوما ما ليبقيا سوية طيلة العمر".

وعاد طاهر إلى قريته "كفر قرع" عبر الأنفاق، واعتقلته السلطات الإسرائيلية فور عودته، وظل قيد الأسر 23 يوما، يخضع لتحقيق قاس وضغوط كبيرة، ولم يقبلوا بروايته على الرغم من وثيقة عقد القران الموقعة من المحكمة الشرعية في غزة والصور التي التقطها.

ويروي طاهر أنه بقي في المعتقل محروما من الطعام والشراب الصالح للبشر ومن محام، وأنه كان مداوما على الصلاة.

ينهي طاهر هذه الأيام  فيلما وثائقيا حول الشاعر الراحل "راشد حسين"، ويؤكد أنه عازم على مواصلة رحلته الجبلية الصعبة حتى نيل حلمه، ويدعو الشباب لعدم الاستكانة وتجاوز السدود نحو هدفهم المراد، ويضيف: " نحن شعب واحد وسنبقى للأبد، والاحتلال إلى زوال".

المصدر : الجزيرة