مثقفو سوريا المعارضون يدفعون الثمن

مازن إبراهيم

السلطات السورية اعتقلت عددا من المثقفين والفنانين قبل أن تفرج عن بعضهم (الجزيرة)

الجزيرة نت-دمشق


يرتفع صوت المثقفين السوريين الرافضين للممارسات الأمنية في مواجهة المتظاهرين مبددين الصورة الباهتة لحالة الصمت المطبق التي رافقت قمع الاحتجاجات خلال الشهرين الأولين.


وفيما يميل كثير من الكتاب والأدباء للصمت يتولى اتحاد الكتاب العرب إطلاق بيانات بشأن دعم مسيرة الإصلاح الرسمية بينما تظهر تحركات للفنانين في التجمعات أو بيانات الدعم للمحتجين.


وكان مثقفون سوريون أشهروا في الأسبوع الأول من مايو/أيار الماضي نداء موجها للحكومة السورية من أجل تأمين الحليب لأطفال درعا، مما أدى لإطلاق الإعلام الحكومي حملةَ تخوين ضدهم، كما تظاهر عشرات المثقفين وبينهم عدد كبير من الفنانين في 11 يوليو/تموز الماضي أمام جامع الحسن في حي الميدان الدمشقي مرددين هتافات (الله.. سوريا.. حرية وبس) و(سلمية سليمة)، قبل أن تعتقلهم عناصر الأمن.


مواقف متباينة
ويرى السينمائي عروة نيربية أنه لا يمكن الحديث عن "موقف المثقفين" فهناك مثقفون يتظاهرون مع أهل البلد وآخرون يعبرون بالكتابة أو بالإنتاج الفني وهناك متقلبون، وأضاف للجزيرة نت "يوجد مثقفون آخرون أصابهم الرعب فأغمضوا عيونهم دون دم إخوانهم المتظاهرين العزل، وفتحوها إلى أقصاها على دم القلة التي استشهدت من عناصر أمنية".


وقال نيربية إن "لدى هؤلاء مكتسبات ويرون لأنفسهم قيمة أكبر من قيمة المواطن العادي، وعتبة الخوف لديهم تتبع التشبث بالمكاسب، فيخافون من كلمة تهديد كما يخاف المواطن من قصف بيته بالدبابة".

في المقابل يدفع المثقفون المعارضون أثمانا باهظة قد لا يراها الناس، ويضيف نيربية أن الأثمان التي دفعها المثقفون المنحازون لصالح الشعب الأعزل وانتفاضته السلمية تتنوع بين الاعتقال والإهانة وتخريب الأملاك ورسائل التهديد والتشهير، لكنه تابع أنهم لا ينالون ما يناله المواطن العادي من الأذى فوراءه الإعلام العربي والدولي كله.


ريما فليحان: إذا لم يكن المثقف جزءا من الشارع فإنه يعزل نفسه داخل قوقعة
ريما فليحان: إذا لم يكن المثقف جزءا من الشارع فإنه يعزل نفسه داخل قوقعة

إساءات للمثقفين
بدورها ترى الكاتبة ريما فليحان أن بعض المثقفين يدفعون الثمن الذي يدفعه أي مواطن يتخذ نفس الموقف من مخاطر الاعتقال أو التهديد المختلفة وقد تصل إلى ما هو أبعد من ذلك، وتابعت في حديثها للجزيرة نت أن المثقف يتعرض بموقفه كشخص تحت الأضواء إلى الإساءة الشخصية والتشويه واختلاق الأكاذيب والدسائس والتلفيق.


وكانت ريما فليحان تعرضت لحملة انتقاد عنيفة في الإعلام الرسمي والمواقع الإلكترونية وصلت درجة التشكيك بوطنيتها بسبب دورها البارز في الدعوة للتوقيع على بيان الحليب.


وتؤكد فليحان أنه "إذا لم يكن المثقف جزءا من الشارع ويمتلك نبضه فهو يعزل نفسه داخل قوقعة لن يسمعه فيها أحد"، معتبرة المثقف المنتمي إلى بلده وشعبه جزءا ممتزجا بالشارع، وشددت على أن هذا المثقف مفيد من أجل الحفاظ على سلمية الشارع وتصويب الأخطاء دون أن يكون منظرا متعاليا على أبناء بلده ومواطنيه.


دعم للسلطة
في المقابل يرفض الكتاب الداعمون للنظام وجود أي تبدلات في مواقف المثقفين تجاه الاحتجاجات، ويؤكد أحدهم -طلب عدم الكشف عن هويته- أنه لا توجد في سوريا مظاهرات بل أعمال فوضى حسب وصفه، وبالتالي لا يوجد ما يستحق التعليق عليه.

بدوره أصدر اتحاد الكتاب العرب بيانا يلخص رؤية المثقفين القريبين من السلطة تجاه الاحتجاجات، جاء فيه "هناك مشروعان أحدهما يستهدف سوريا بالتقسيم والتفتيت ضمن ما يسمى بمخطط الشرق الأوسط الجديد، والثاني مشروع وطني مخلص تلتقي على أهدافه الواحدة إرادة المعارضة الوطنية مع إرادة الكثير من الشرفاء والمخلصين في الوطن استنادا إلى المشروع الإصلاحي التغييري الذي أعلنه الرئيس بشار الأسد وتبنى الإسراع بتنفيذه".

المصدر : الجزيرة