الطوق يضيق حول سوريا

Syrian President Bashar al-Assad (L) meeting with Turkish Foreign Minister Ahmet Davutoglu in Damascus on August 9, 2011. AFP PHOTO

وزير خارجية تركيا أبلغ قبل أيام الأسد بضرورة الكف عن قمع المحتجين على حكمه(الفرنسية)

الجزيرة نت-الدوحة

يصعد موقف تركيا الأكثر تشددا من العمليات العسكرية التي تشنها القوات السورية لوأد الاحتجاجات المطالبة بالديمقراطية الضغوط على نظام الرئيس السوري بشار الأسد الذي يواجه عزلة أكبر إقليميا ودوليا لحمله على إنهاء حملات القمع التي أوقعت منذ منتصف مارس/آذار الماضي ما لا يقل عن 2200 قتيل معظمه مدنيون وفقا لحقوقيين سوريين.

وقبل التصريحات التي أدلى بها مساء اليوم وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو وطالب فيها نظام الأسد بوقف العمليات العسكرية فورا وبلا شروط, كان موقف أنقرة قد بدا في نظر المعارضين السوريين بالغ اللين تجاه دمشق, وهذا ينسحب أيضا على المواقف العربية.

لكن تركيا والدول العربية وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي بدت في المقابل تفقد صبرها إزاء القيادة السورية, وهو ما عبرت عنه تصريحات المسؤولين الأتراك, واستدعاء سفراء خليجيين من دمشق.

ضغوط تتصاعد
وبعدما نقل قبل أسبوع إلى الرئيس السوري رسالة تركية وُصفت بالحازمة, أعلن وزير الخارجية التركي اليوم بوضوح أن مطالبة النظام السوري بوقف العمليات العسكرية فورا هو "الكلمة الأخيرة" لهذا النظام الذي برهن طيلة الأيام والأسابيع الماضية على أنه مصمم على قمع الاحتجاجات غير المسبوقة مهما كان الثمن.

غل والملك عبد الله بحثا الأزمة في سوريا (الأوروبية-أرشيف)
غل والملك عبد الله بحثا الأزمة في سوريا (الأوروبية-أرشيف)

ويفترض "الإنذار الأخير" الذي وجهه وزير الخارجية التركي أن تركيا ربما ستمضي الآن في خيار المواجهة الدولية مع نظام الأسد بعدما استنفدت محاولات إقناعه بوقف العنف, وتنفيذ إصلاحات حقيقية قبل فوات الأوان.

ويحتمل أن تدعم تركيا الآن التحركات الرامية إلى تشديد الطوق سياسيا على النظام السوري بالتنسيق مع الدول العربية, وكذلك مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة التي فرضت عقوبات دبلوماسية واقتصادية على النظام.

وتعد زيارة الرئيس التركي عبد الله غل إلى السعودية حيث اجتمع بالملك عبد الله بن عبد العزيز علامة على تنسيق المواقف الإقليمية التي باتت تميل بوضوح إلى التشدد تجاه النظام السوري بسبب إصراره على الخيار الأمني في التعامل مع الاحتجاجات المناوئة له.

وكان ذلك التشدد قد تجلى أيضا في موقف مجلس التعاون الخليجي الذي تريث لأسابيع قبل أن تبادر أربع من دوله (قطر والسعودية والبحرين والكويت) إلى سحب سفرائها من دمشق احتجاجا على القمع الدامي للاحتجاجات.

ومع أن الجامعة العربية استبعدت على لسان أمينها العام نبيل العربي قبل أيام إجراءات جذرية ضد النظام السوري في ظل مخاوف من تدويل الأزمة السورية على غرار الأزمة الليبية, إلا أن الموقف الخليجي يمكن أن يعبد الطريق أمام تحول في الموقف العربي الجماعي من هذه الأزمة بما يفضي في نهاية المطاف إلى موقف دولي أكثر صرامة مما يجري في سوريا.

بلا غطاء
وبينما تتدرج المواقف الإقليمية والدولية نحو تصلب أكبر تجاه النظام في سوريا, يبدو هذا النظام وكأنه يستدعي لنفسه مزيدا من العزلة مع توسع رقعة العمليات العسكرية في المدن السورية.

فهو الآن يكاد يخسر تركيا التي كانت شريكا إستراتيجيا سياسيا واقتصاديا له, وربما يكون بصدد التسبب في قطيعة تامة مع دول عربية ساعدته من قبل على الخروج من العزلة الدولية التي فرضها اتهامه باغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري.

ولا تزال سوريا تحتفظ بحلفاء تتقدمهم إيران التي ترى في الاحتجاجات مؤامرة غربية, بالإضافة إلى قوى دولية مؤثرة مثل روسيا والصين والهند. ولم تسمح هذه القوى حتى الآن سوى ببيان رئاسي من مجلس الأمن يدين استهداف المتظاهرين في سوريا.

لكن بعض الإشارات, ومنها تحذير الرئيس الروسي ديمتري مدفيدف نظيره السوري بشار الأسد من "مصير محزن" في حال استمرت حملات القمع, توحي بأن آخر حلفاء سوريا قد ينفضون عنها في حال لم تقبل بالنصائح التي تسدى إليها لوقف نزيف الدم.

المصدر : الجزيرة