صراع بتونس تغذيه فزّاعة الإسلاميين

Tunisian Islamists demonstrate during a rally in central Tunis, on April 29, 2011.

دعاة العلمانية في تونس متهمون باستخدام الظاهرة الإسلامية فزاعة لتخويف المجتمع(الفرنسية-أرشيف)

خميس بن بريك-تونس

عادت التجاذبات في تونس تطفو على السطح بين قطبين أحدهما يثير مخاوف من تنامي التيار الإسلامي, وتهديد حرية التعبير والمعتقد، وتيار يرفض المساس بالمقدسات تحت غطاء الإبداع والفكر.

وبرز الخلاف بعد ظهور شريط "لا الله لا سيدي" للمخرجة نادية الفاني، الذي أثار ردود فعل عنيفة في الشارع، كما تغذى بتصريحات مثيرة للجدل للمفكر محمد الطالبي، الذي ادعى أنّ الرسول شرب الخمر, ونقل ما يزعهم بعض الشيعة عن السيدة عائشة مستخدما كلمة نابية.

تصعيد
ويصعّد أنصار اللائكية من هجوماتهم بعدما منعت بالقوة مجموعة منسوبة للسلفيين, ومحسوبة على حزب التحرير الإسلامي المحظور, عرض الشريط، إضافة إلى مظاهر عنف أخرى طالت بعد الثورة بعض الفنانين ومواقع للبغاء, ودورا للثقافة, وكنسا لليهود.

undefinedويكشف المحامي عبد العزيز المزوغي، وهو أحد أنصار العلمانية، مخاوفه من صعود التيار الإسلامي، قائلا "الإسلاميون سيجرون البلاد إلى الفتنة والعنف" في اتهام موجه إلى حركة النهضة الإسلامية.

ويقول للجزيرة نت "الناس متخوفون من تنامي نفوذ هذه الحركة لأنها تعتمد على خطاب مزدوج تسعى من خلاله إلى جرّ البلاد إلى العنف وتطبيق نمطها الفكري".

وبسؤاله عمّا إذا كان شريط الفاني –التي رفع ضدّها محامون قضية- هو ما استدرج البعض إلى فخ العنف، يقول المزوغي "هذا الفيلم ليس له أهمية. هناك مبالغة في عنوانه، لكن ذلك لا يبرر العنف".

وفيما يتعلق بتصريحات المفكر محمد الطالبي، يقول المزوغي "الطالبي متخصص في الإسلام, وهناك فرق بين نقد أفكاره والدعوة إلى قتله".

كما نفى عضو المكتب السياسي لحركة التجديد سمير بالطيب أن تكون تصريحات الطالبي مثيرة للاستفزاز، رغم أنه يقرّ بأنّ ما قاله عن السيدة عائشة أثار صدمة بين الناس.

وبخصوص شريط الفاني، ندّد بالطيب باللجوء إلى العنف لمنع العرض والاعتداء على حرية التعبير "تحت غطاء الدفاع عن المقدسات" مؤكدا أنّ الشريط لا يتعرض للإسلام بالنقد أو التشويه.

ويقول "صحيح أنّ عنوان الشريط أثار ضجة، لكن العنوان لا يعكس المضمون. الشريط يتحدث عن انحرافات بعض المسلمين، وهناك من استغل العنوان لإثارة هذه الفتنة".

وينتقد بالطيب موقف حركة النهضة مما حصل من اعتداءات إثر ظهور الشريط، قائلا "حركة النهضة عبرت عن مجرّد أسف, وهذا لا يبرز موقفا واضحا بل يزيد من الشكوك تجاه الإسلاميين".


undefinedمبالغة
لكن محمد عبو الكاتب العام لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية -وهو حزب يرى البعض أنه مقرب من حركة النهضة- يرى أنّ "أنصار العلمانية يبالغون في تقدير الحجم الحقيقي للإسلاميين".

ويقول للجزيرة نت "هم يقدمون صورة سيئة عن تونس بالخارج" مشيرا إلى أنّ الأجانب أصبحوا يعتقدون أن هناك خطرا إسلاميا متناميا, وأصبحوا يحترزون في التعامل مع تونس، وفق تعبيره.

وبخصوص شريط الفاني، يقول عبو "الناس أحرار في إثارة القضايا، لكن الخطر يكمن في خلق صراعات بين قطبين. نحن مع حرية التعبير، لكن الحرية لها حدود ويجب الابتعاد عن استفزاز الآخرين". وجابت مسيرات عددا من المحافظات تنديدا بعرض شريط الفاني.

من جهته، يرى كاتب عام حركة النهضة نور الدين البحيري أنّ إثارة "مسائل هامشية" كطرح مسألة اللائكية, ومنع الأحزاب من عقد اجتماعاتها, والمس بمشاعر الناس "تهدف إلى إثارة الفتنة بالبلاد لتعطيل مسار انتقالها الديمقراطي وتأجيل الانتخابات".

ويقول أيضا "نحن ننظر بعين من الريبة لكل من يحاول باسم حرية التعبير أن يمس بمعتقدات الناس. ظرف البلاد يدفع إلى الابتعاد عن الفتنة. وبالتالي هذا لا يمكن إلا أن يلقي بظلال من الشك على صاحبة الفيلم ومناصريه لجرّ البلاد إلى ردود من الأفعال والعنف".


undefinedصراع مختلف
ويعتقد البحيري أن الصراع الحقيقي "ليس بين علمانيين وإسلاميين" وإنما هو صراع بين من يصبو لتحقيق أهداف الثورة وبين الدعاة إلى الانقلاب عليها.

من جانبه، يقول الناطق باسم حزب العمال الشيوعي إنّ ما يحدث هذه الآونة هي "انفلاتات مفتعلة".

وقال حمة الهمامي "يخطئ من يعتقد أن هناك صراعا بين العلمانيين والإسلاميين. هناك صراع مفتعل بين الشعب والقوى الديمقراطية وأعداء الثورة والقوى الرجعية".

واتهم الحكومة المؤقتة بافتعال هذه الأزمات وإثارة الفتنة بين أنصار العلمانية والسلفية، محذرا الشعب من الانسياق وراء هذه "الفتنة" باعتبارها محاولة "لإجهاض الثورة" وخلق مناخ أمني متوتر من أجل "تأجيل الانتخابات".

المصدر : الجزيرة