احتجاجات سوريا هل تهدد حزب الله؟

Lebanon's Hezbollah leader Hassan Nasrallah delivers a televised speech as he addresses supporters in the village of Nabi Sheet in the Bekaa Valley on May 25, 2011 during a rally marking the 11th anniversary of Israel's withdrawal from southern Lebanon after 22 years. AFP

تثير الاحتجاجات التي عمت مختلف المدن السورية والمستمرة منذ منتصف مارس/آذار الماضي ضد نظام الرئيس بشار الأسد قلق حزب الله اللبناني، حليف دمشق الإستراتيجي.

ويرى مراقبون أن الحزب يؤثر حاليا الترقب في انتظار جلاء المشهد في سوريا، منتهجا خط الاعتدال بهدف تقليص خسائره خاصة بعد خطاب الأمين العام للحزب حسن نصر الله في 25 مايو/أيار الماضي الذي أعلن فيه وقوفه إلى جانب النظام السوري وطالب السوريين دعم رئيسهم.

واعتبر مدير مركز الأهرام للترجمة والنشر وحيد عبد المجيد أن الحزب في موقع القلق لا سيما بسبب نظرة الناس في العالم العربي والإسلامي إليه، إذ يفترض أنه حزب مقاوم، لكنه يقف إلى جانب "نظام يقتل كل يوم العشرات من أبناء شعبه".

وأكد أن ما يجري في سوريا اليوم من احتجاجات يؤثر سلبا على الحزب، على اعتبار أنها منفذ أساسي وداعم سياسي مهم للحزب.

ويعد حزب الله العمود الفقري لقوى الثامن من آذار المؤيدة لدمشق التي تتقاسم ولاءات اللبنانيين مع قوى الرابع عشر من آذار المناهضة للنظام السوري وأبرز أركانها رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري.

جانب من المظاهرات الاحتجاجية بسوريا
جانب من المظاهرات الاحتجاجية بسوريا

الانقسام اللبناني
ولبنان يعيش انقساما حادا منذ أكثر من ست سنوات، وأزمات متعاقبة كان آخرها إسقاط حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الحريري في 12 يناير/كانون الثاني وتكليف نجيب ميقاتي في 25 يناير/كانون الثاني تشكيل حكومة جديدة لم تر النور بعد.

ورغم انسحاب سوريا عسكريا من لبنان في 2005 بعد ثلاثين عاما، فإنها ما زالت تضطلع بدور مهم في الحياة السياسية اللبنانية من خلال حلفائها.

ورغم تجنب حزب الله التعليق على التطورات السورية فإن وسائله الإعلامية تتبنى وجهة النظر الرسمية السورية في تفسير ما يجري في سوريا.

ولفت الأستاذ الجامعي والكاتب اللبناني سعود المولى إلى أن السكوت الذي يبديه حزب الله يؤشر للأزمة التي يعيشها بسبب الأوضاع بسوريا.

ورجح أن يتجه الحزب إلى تسوية داخلية مع باقي الأطراف اللبنانيين، وفي هذا السياق أتى خطاب الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله الأخير في مطلع الشهر الجاري هادئا.

وتجنب نصر الله في الخطاب الخوض في القضايا الخلافية المحتدمة، داعيا اللبنانيين إلى الحوار والتعاون على "تطوير" النظام السياسي اللبناني، بعيدا عن "منطق الغلبة" و"الحسابات الطائفية والمذهبية".

ورأى المولى أن حزب الله -الذي بات يملك مع حلفائه الأكثرية النيابية- لن يدفع في اتجاه تشكيل حكومة "من لون واحد" قريب من دمشق، لما يعنيه ذلك من "تحمل مسؤوليات واستحقاقات غير يسيرة" في الداخل اللبناني إضافة إلى ما قد تشكله مثل هذه الحكومة من تحد للمجتمع الدولي في ظل ما يحدث في سوريا.

غير أنه استدرك بالقول إن الوقت ما زال مبكرا بالنسبة لحزب الله للتنازل باتجاه تشكيل حكومة وحدة وطنية، معتبرا أن الأمور مرتبطة بالتطورات السورية.

رغم إصرار أمل غريب على أن ما تشهده سوريا ليس ثورة بل احتجاجات متفرقة وتدخل أجنبي، فإنها تقر بمكانة سوريا المهمة بالنسبة لحزب الله وأن النظام بدمشق يشكل مظلة سياسية داعمة للمقاومة

المزاج الشعبي
من جهتها اعتبرت الباحثة اللبنانية أمل سعد غريب، صاحبة كتاب "حزب الله، السياسة والدين"، أن الهدوء في خطاب نصر الله "قد يكون سببه أن المزاج الشعبي العربي الذي يعول عليه حزب الله يبدي تعاطفا مع المحتجين السوريين".

ورغم إصرارها على أن ما تشهده سوريا ليس ثورة بل احتجاجات متفرقة وتدخل أجنبي، فإنها تقر بمكانة سوريا المهمة بالنسبة لحزب الله وتقول إن "الحدود السورية ممر لأسلحة حزب الله" وإن النظام بدمشق يشكل مظلة سياسية داعمة للمقاومة.

وأضافت غريب أنه استنادا إلى ذلك فإن حزب الله قد يجد نفسه أمام اشتداد الضغوط على دمشق مضطرا للسيطرة على لبنان، سياسيا أو أمنيا، لحماية المقاومة، أو للرد على الدور الأميركي في الاحتجاجات السورية من خلال الضغط على إسرائيل عبر الحدود.

لكن عبد المجيد اعتبر أن "القلق" الذي يعيشه الحزب لن يدفعه سوى إلى مزيد من "الهدوء والترقب"، وأن قيادة الحزب تعلم أنه ينبغي عليها العمل على "تقليص الخسائر".

ولا يستبعد عبد المجيد أن يعمل حزب الله على فتح علاقات مع القوى السورية المعارضة، لا سيما الإسلامية منها، إذا اتجهت الأمور في سوريا إلى النتيجبة التي حصلت في تونس ومصر، مرتكزا على علاقاته الجيدة مع بعض القوى الإسلامية العربية.

تجدر الإشارة إلى أن خالد الخلف -أحد زعماء عشائر البقارة في سوريا- قد اتهم قبل يومين من باريس حزب الله "بتدنيس سوريا" من خلال مشاركة أفراد منه مع القوات السورية التي تقمع الاحتجاجات.

المصدر : الفرنسية