مطالب بإصلاح الرقابة القانونية بمصر

Egyptian President Hosni Mubarak meets with Emirates Foreign Minister Sheikh Abdullah bin Zayed al-Nahayan (R) in Cairo on February 8, 2011, as protests in the city continue for the 15th consecutive day calling for

محمود جمعة-القاهرة

طالب حقوقيون وخبراء مصريون بإصلاح مؤسسات الرقابة القانونية ومنحها استقلالية كاملة، وذلك بعد إقالة كبير الأطباء الشرعيين لدوره في التغطية على وقائع تعذيب مواطنين بمراكز الشرطة، والتلكؤ في حسم موقف الرئيس المخلوع صحيا ومنحه فرصة قضاء فترة سجنه الاحتياطي بمستشفى شرم الشيخ.

وتعرض السباعي أحمد السباعي -الذي شغل منصب كبير الأطباء الشرعيين منذ 2008- لحملة انتقادات إعلامية واسعة بسبب ما أشيع عن دوره في إخفاء حقيقة مقتل الشاب خالد سعيد في الإسكندرية في يوليو/تموز الماضي على أيدي أفراد شرطة، بعدما كتب في تقريره أنه اختنق بسبب بلع لفافة مادة مخدرة وليس نتيجة الضرب كما قال شهود، وهو الحادث الذي بنيت عليه حركة احتجاج، وكان من أسباب انتفاضة شعبية أسقطت حسني مبارك في فبراير/شباط الماضي.

وكانت تقارير للطب الشرعي قالت إن كثيرا من القتلى أثناء الثورة تعرضوا لأزمات قلبية أو اختناقات، لكن أقاربهم قالوا إن طلقات رصاص قتلتهم، ونسب إلى السباعي إعطاؤه أوامر للأطباء بكتابة تقارير عن حالات الوفاة لشهداء الثورة تفيد بموتهم بجلطات دماغية أو هبوط حاد في الدورة الدموية.

ومن المرجح أيضا أن يكون اعتراف السباعي في للقاء تلفزيوني بأنه لم يقم بالكشف المباشر على مبارك قبل إصداره التقرير الذي طالب فيه ببقائه في مستشفى شرم الشيخ وعدم نقله إلى مستشفى سجن طرة، أحد أسباب إقالته.

السباعي أصدر أوامر للأطباء بتزوير التقارير الخاصة بسقوط شهداء الثورة (الجزيرة-أرشيف)
السباعي أصدر أوامر للأطباء بتزوير التقارير الخاصة بسقوط شهداء الثورة (الجزيرة-أرشيف)

إقالة متأخرة
رئيس المجموعة المتحدة للمحاماة الناشط الحقوقي نجاد البرعي وصف إقالة السباعي بأنها جاءت متأخرة، مقللا من نتائجها على إصلاح المنظومة القانونية والرقابية لملف التعذيب، وقال للجزيرة نت "لا أؤمن بتغيير الشخصيات.. المشكلة في المناخ العام والنظام، والعبرة تكون بالاستقلالية الحقيقية".

وطالب المرعي بتحقيق استقلالية حقيقية لجهاز الطب الشرعي وخبراء وزارة العدل ومنحهم حصانة توازي حصانة القضاء باعتبار أن الأحكام القضائية تبنى على عملهم، مطالبا بفصل تبعية الطب الشرعي وخبراء وزارة العدل وجهاز النائب العام عن وزارة العدل.

وتعليقا على اختيار الرئيس الجديد للجهاز، قال البرعي "لا معلومات حوله.. السباعي كان لا يسمح لأحد بالظهور، وبالتالي سيكون الاختبار الحقيقي للرئيس الجديد أنه مراقب، وأن لديه ملفات سواء داخل الجهاز أو ما يتعلق بملفات التعذيب ستشكل طريقة عمله بها صورة لمدى استقلالية قراره مقارنة بسلفه السباعي".

وحول ملف مبارك الصحي، قال البرعي إنه ملف سياسي بامتياز، ولن تختلف فيه قرارات الرئيس الجديد للطب الشرعي عن سابقه "لو ظلت الأوامر العليا وموقف القيادة السياسية بأن يبقى الرئيس السابق خارج السجن".

تطهير ومحاسبة
من جانبه اعتبر رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي المحامي محمد زارع أن إقالة السباعي انتصار لثورة يناير وللمئات من ضحايا التعذيب، مطالبا بسرعة فتح ملفات التعذيب والقتل خارج القانون التي شهدتها مراكز الاعتقال، ومحاكمة الضباط الذين أدى تواطؤ الطب الشرعي وجهات أخرى إلى إفلاتهم من الحساب.

وقال زارع للجزيرة نت إن الطب الشرعي ضلع من مثلث -يضم كذلك جهاز النائب العام ووزارة الداخلية- ظل مسؤولا عن استمرار التعذيب والإفلات من العقاب في مصر لفترة طويلة، مطالبا بأن يمتد التطهير والمحاسبة إلى "الضلعين الآخرين".

وفيما يتعلق بملف مبارك الصحي، أشار زارع إلى أن السباعي تحرك قبل وبعد الثورة وفق أوامر كان يتلقاها وليس وفق إجراءات مهنية محايدة، مطالبا الرئيس الجديد بأن يكون محايدا ويحقق لجهاز الطب الشرعي استقلاليته المطلوبة، وأن يقيم حالة مبارك وفق أسس مهنية "لا تجامله ولا تنتقص من حقوقه".

وطالب الرئيس الجديد للطب الشرعي بأن يعمل سريعا على تحسين الأحوال الصحية في السجون المصرية، بعدما ثبت -وفق السباعي- أنه لا يوجد سجن في مصر به غرفة عناية مركزة تصلح لاستقبال حالة مبارك، متسائلا عن مئات السجناء المصابين بأمراض تقتضي رعاية صحية خاصة ولا أحد يهتم بهم.

آلاف المصرييين أصيبوا برصاص الشرطة خلال أيام الثورة (الجزيرة-أرشيف)
آلاف المصرييين أصيبوا برصاص الشرطة خلال أيام الثورة (الجزيرة-أرشيف)

تستر
وبدوره رأى المستشار الإعلامي لجمعية الشرطة والشعب لمصر طارق العوضي أن إقالة السباعي ستفتح الباب أمام مطالبات أسر شهداء الثورة لإعادة النظر في تقارير الطب الشرعي بشأن وفاة أبنائهم، بعدما أعلن السباعي بصراحة صلته وعلاقته بجهاز أمن الدولة، وطالب بضرورة إصدار قرار سريع من النائب العام بمنع سفر السباعي خارج البلاد إلى حين النظر بهذه الملفات.

وأضاف العوضي للجزيرة نت أن الملف الأهم والأخطر حاليا هو ما يتعلق بصحة مبارك، مشيرا إلى تقارير صحفية وإعلامية تحدثت عن تحسن حالة مبارك، وأنه لا يعاني إلا من اكتئاب نفسي، و"هو أمر طبيعي لا يحول بالطبع دون نقله إلى مستشفى السجن"، خاصة أن النائب العام أصدر قرارا بتجهيز مستشفى السجن بما يتلاءم مع الحالة الصحية لمبارك.

المصدر : الجزيرة