معابر الاحتلال كمائن لاعتقال المرضى

امهات أسرى في اعتصام احتجاجي بمناسبة يوم الأسير امام سجن عوفر

امهات أسرى في اعتصام احتجاجي بمناسبة يوم الأسير أمام سجن عوفر (الجزيرة)

أحمد فياض-غزة

"ماذا سينفع الكلام بعد أن بات وليد في أقبية التحقيق؟"، بهذه العبارة اقتصر رد أم الشاب المريض وليد أبو لحية على ملابسات اختطاف ابنها من قبل سلطات الاحتلال الأسبوع الماضي على حاجز بيت حانون (ايريز) بعد دقائق من وداعها إياه أثناء توجهه لتلقي العلاج في إحدى مشافي مدينة القدس.

بدت أم وليد شاردة الذهن عندما التقتها الجزيرة نت في منزلها في بلدة القرارة جنوب قطاع غزة، وتقول إنها تحس بالكثير من الحزن والقلق على حال ابنها القابع في أقبية التحقيق يعاني قسوة السجان والمرض.

آمان أبو لحية شقيق المريض المعتقل، ذكر أن العائلة يساورها القلق الشديد على مصير وليد، خصوصاً بعد أن اشتد عليه المرض وعجز الأطباء في غزة عن تشخيص سبب ازدياد أحجام الأورام التي ظهرت في معدته وبلعومه مؤخراً. فقرروا تحويله إلى مستشفى مختص في الأورام بالقدس.

وأردف قائلاً، "لقد وقع نبأ اعتقال وليد على مسامعنا كالصاعقة، فلم نكن نتخيل أن يقدم الاحتلال على اعتقال مريض يعاني من مرض خطير ولا يقوى على فعل شيء دون مساعدة من آخرين".

وتابع متسائلاً في حديثه للجزيرة نت عن كيفية احتمال شقيقه وليد ظروف اعتقال السجن في ظل تردي حالته الصحية، وعدم تلقيه العلاجات التي تخفف من موجات الألم التي تعصف به بين الفينة والأخرى.

اعتقال المريض أبو لحية على معبر عسكري ليست الحالة الأولى في سجل ما يوصف بجرائم الاحتلال الإسرائيلي.


والدة المعتقل المريض وليد أبو لحية (الجزيرة نت)
والدة المعتقل المريض وليد أبو لحية (الجزيرة نت)

اعتقال وابتزاز
يؤكد الباحث المختص في شؤون الأسرى، ورئيس وحدة الإحصاء في وزارة الأسرى عبد الناصر فروانة، أن الاحتلال حول الحواجز والمعابر الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة إلى كمائن لاعتقال مئات المرضى، أو ابتزازهم عبر اشتراط منحهم موافقة المرور لتلقي العلاج بتقديم معلومات عن نشطاء في صفوف المقاومة.

وذكر للجزيرة نت أن ملف اعتقال المناضلين المرضى هو من أكثر الملفات إيلاماً على نفوس الفلسطينيين، لافتاً إلى أن سلطات الاحتلال تخدع المناضلين المرضى عبر منحهم تصاريح للعلاج ومن ثم تعتقلهم.

وتؤكد توثيقات المراكز الحقوقية الفلسطينية، أن المعتقلين الفلسطينيين المرضى يخضعون لذات أساليب التعذيب النفسية والجسدية القاسية التي تمارس بحق المعتقلين الأصحاء.

من جانبها نددت مسؤولة الوحدة القانونية في مركز الميزان لحقوق الإنسان مرفت النحال، بتكرار اعتقال الاحتلال للمرضى عند معبر بيت حانون في طريق توجههم لتلق العلاج في المشافي الإسرائيلية أو الفلسطينية في الضفة الغربية والقدس.

وأوضحت المسؤولة في المركز الحقوقي الذي يتولى متابعة قضية أبو لحية، أن ظروف الاعتقال التي يتعرض لها المرضى لا تسمح بتوفير العناية الملائمة لأوضاعهم الصحية الصعبة، أو حصولهم على العلاجات المناسبة، أو حتى عرضهم على أطباء من خارج السجن.


 مرفت النحال: الاحتلال يرفض كثيرا السماح بإدخال أطباء لمتابعة حالة الأسير (الجزيرة نت)
 مرفت النحال: الاحتلال يرفض كثيرا السماح بإدخال أطباء لمتابعة حالة الأسير (الجزيرة نت)

تكاتف وضغط
وأضافت أن جهود مؤسستها تتكاتف مع جهود عدد من المؤسسات الإنسانية والحقوقية الأخرى في مثل هذه الحالات من أجل الضغط على سلطات السجون الإسرائيلية لإدخال أطباء مختصين من خارج السجن لمتابعة حالة الأسير المريض بعد انتهاء التحقيق معه، لكنها لفتت إلى أن هذه الخطوة كثيراً ما تبوء بالفشل نتيجة تعنت سلطات السجون ورفض تجاوبها مع هذه الدعوات.

وبينت للجزيرة نت أن أيادي ذوي الأسرى المرضى في قطاع غزة تبقى مكبلة وعاجزة عن متابعة ملفات أبنائهم المعتقلين لأنهم محرمون من زيارتهم، ويقتصر تحركهم على توكيل إحدى المؤسسات الحقوقية لمتابعة ومعرفة أحوال أبنائهم الصحية والقانونية.

وأوضحت المسؤولة الحقوقية أن المراكز الحقوقية تحرص بشدة على متابعة الوضع القانوني والإنساني للأسرى المعتقلين "من أجل كشف وتعرية زيف القضاء الإسرائيلي الذي يدعي كذباً أنه يعمل في دولة تحترم القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان".

المصدر : الجزيرة