أسباب تفاقم البطالة بموريتانيا

من تظاهرة لمجموعة من الشباب العاطلين عن العمل

من مظاهرة لمجموعة من الشباب العاطلين عن العمل في موريتانيا (الجزيرة نت-أرشيف)

أمين محمد-نواكشوط

تنتشر البطالة على نطاق واسع بين صفوف الشباب الموريتاني، وفي صفوف القوى النشطة بشكل عام، وتقدر المصادر الرسمية نسبة البطالة في البلاد بنحو 32% وهي واحدة من أكبر النسب المسجلة رسميا في الدول العربية ودول العالم بشكل عام.

جذور
وتعود الجذور الأولى لاستفحال مشكلة البطالة لعقدي السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي حين ترك عشرات الآلاف من الموريتانيين قراهم وتخلوا عن ممارسة التنمية الحيوانية بعد موجات جفاف قوية ضربت المنطقة، واتجهوا إلى المدن الكبرى وخصوصا العاصمة نواكشوط دون مؤهلات للتشغيل.

وتزامن ذلك في منتصف الثمانينيات مع بدء علاقة موريتانيا مع البنك الدولي الذي فرض عليها توقفا شبه كامل عن توظيف الخريجين، والحد من التوظيف في المجالات الاجتماعية انطلاقا من قاعدة تناسب كتلة الأجور التي تصرفها الدولة مع 50% من العائدات الضريبية التي تجنيها من السكان.

تقدر المصادر الرسمية طالبي العمل سنويا بـ40 ألف شخص، يتمكن منهم نحو خمسة آلاف من الولوج إلى سوق العمل الرسمي، في حين يستوعب القطاع غير المصنف نحو 20 ألفا منهم

وأدى ذلك لاستفحال معدلات البطالة، وتنامي القطاع الخاص الذي نما سريعا ولكن بفوضوية ودون التزام بقوانين الشغل المحلية والدولية، كما أدى إلى انتشار ظاهرة العمال غير الدائمين وهي الظاهرة التي مثلت مخرجا وحيدا أمام النظام الحاكم من شروط البنك الدولي باعتبار أن أصحابها ليسوا موظفين فعليين.

وتقدر المصادر الرسمية طالبي العمل سنويا بـ40 ألف شخص، يتمكن منهم نحو خمسة آلاف من الولوج إلى سوق العمل الرسمي، في حين يستوعب القطاع غير المصنف نحو 20 ألفا منهم.

معطيات خاطئة
ويشير أستاذ الاقتصاد بجامعة نواكشوط المصطفى ولد السجاد إلى أن أهم ما يميز السوق الموريتانية بفروعها المتعددة هو ضعف قدرتها الاستيعابية حيث لا تتجاوز طاقتها الاستيعابية نحو 3% من مجموع الذين يدخلون سنويا دائرة القوى النشطة بالمجتمع.

وهو ما يعني في نظره أن الأرقام الرسمية المقدمة عن نسبة البطالة (نحو 32%) بعيدة من الدقة والمصداقية، وأكد للجزيرة نت أن الأرقام الرسمية المقدمة تعتمد على مصادر وأسس غير دقيقة.

ويعطي مثالا على ذلك القطاع الزراعي بوصفه أكبر قطاع مشغل بموريتانيا، فالواقع –بحسب رأيه- أن الكثير من المشتغلين بهذا القطاع يعملون ثلاثة أو أربعة أشهر من السنة فقط، في حين أن المؤشر يعتبرهم جميعا ضمن عداد العاملين.

كما أن النسبة الكبرى من العاملين بالقطاع الخاص لا يمكن احتسابهم ضمن نسبة العاملين بسبب فوضوية القطاع وعدم التزامه بالنظم والقوانين المتعلقة بالشغل، حيث لا يستفيد أصحابه من أي ضمانات قانونية، ولا يتمتعون بضمانات صحية أو اجتماعية. 

وبدوره أكد رئيس الرابطة الوطنية لحملة الشهادات العاطلين عن العمل توفيق ولد سيدي ولد بكاري أن الدولة لا تمتلك إستراتيجية حقيقية للتشغيل، وعوضا عن ذلك تقوم باتخاذ بعض الإجراءات، التي وصفها بأنها مجرد مهدئات.

 وكالة تشغيل الشباب مولت أكثر من 1000 مشروع منذ 2005 (الجزيرة نت)
 وكالة تشغيل الشباب مولت أكثر من 1000 مشروع منذ 2005 (الجزيرة نت)

إجراءات حكومية
وفيما يتعلق بموقف الحكومة أكد رئيس الوزراء الموريتاني مولاي محمد الأغظف أن الحكومة قامت بتعديل القانون ورفع سن الولوج إلى الوظيفة العمومية إلى أربعين سنة بدلا من 35.

وقال إن حكومته عملت خلال العام الماضي على إيجاد أكثر من 17 ألف فرصة عمل، وإن اللجنة الوطنية للمسابقات أشرفت على 11 مسابقة لصالح سبع قطاعات وزارية من أجل تعيين 3197 موظفا.

وتعهد بأن تكثف حكومته العام الحالي سياستها القاضية بتطوير موضوع التوظيف انطلاقا من القانون الجديد للوظيفة العمومية.

وفضلا عن الوظائف الثابتة فقد تمكنت الوكالة الوطنية لترقية تشغيل الشباب منذ عام 2005 من تمويل أكثر من 1000 مشروع لطالبي العمل، كما قامت بتأهيل أكثر من 2000 شخص في مجالات التشغيل التي تحتاجها سوق العمل.

المصدر : الجزيرة