دعوة لحوار السلفيين بمصر بعد "إمبابة"

بعض سكان حي أمبابة بعد حرق الكنيسة
بعض سكان حي إمبابة بعد حرق الكنيسة (الجزيرة نت)

محمود جمعة-القاهرة 

دعا نشطاء وخبراء سياسيون القوى الوطنية في مصر إلى المسارعة بفتح حوار موسع مع التيار السلفي لتوضيح مسؤوليته عن الحوادث الطائفية المتكررة وأحدثها صدامات إمبابة، مطالبين بتركيز القوى السياسية على حسم جدلية مدنية الدولة وعلاقة الدين بالسياسة.
 
ويتهم أقباط وليبراليون السلفيين بإثارة أحداث التوتر الطائفي مع رفع القيود الأمنية التي كان يفرضها النظام السابق على نشاطهم.

واقترن اسم السلفيين بحوادث طائفية في عدد من المحافظات، لكن قيادات السلفيين ينفون على الدوام تعرضهم لدور عبادة الأقباط أو قضاياهم، وإن تمسكوا بضرورة إطلاق الكنيسة لعشرات الأشخاص يقولون إنها تحتجزهم بعدما أشهروا إسلامهم.
 
صعود سلفي
ويمثل مشروع الدولة الدينية الذي يطالب به السلفيون، خلافا لتيارات إسلامية أخرى تدعو لإقرار المرجعية الإسلامية للدولة مع بقائها مدنية، الخلاف الرئيسي بين السلفيين ومعظم القوى الوطنية.

لكن الأقباط يتخوفون بشكل خاص من أن يحد الصعود السياسي والاجتماعي للسلفيين من حرياتهم الدينية، ويعقد فرص حصولهم على حقوق طالما اتهموا النظام السابق بحرمانهم منها.
 
وأطلقت حركة شباب 6 أبريل دعوة للمجتمع لفتح حوار علني مع التيار السلفي لمعرفة توجهاته الحقيقة، ومواقفه من التحولات السياسية والمجتمعة التي تشهدها مصر في أعقاب ثورة 25 يناير. 
 

حرق كنيسة إمبابة هو أحدث حلقات الصدامات الطائفية في مصر (الجزيرة نت)
حرق كنيسة إمبابة هو أحدث حلقات الصدامات الطائفية في مصر (الجزيرة نت)

حوار
وقال المتحدث باسمها محمد عادل للجزيرة نت إن هدف الدعوة هو تحديد مسؤولية السلفيين في الحوادث الطائفية، لأننا غير مقتنعين بأنهم السبب وراء كل شجار بين مسلم وقبطي، كما أن الزج باسمهم في كل توتر طائفي قد يعفي المتورطين الحقيقيين من المسؤولية.

وقال إن التيار السلفي مطالب بالإجابة على أسئلة عديدة لطمأنة المجتمع عموما لا الأقباط وحدهم.

ويؤكد عادل أن أحداث إمبابة وحوادث طائفية أخرى يقف وراءها أعضاء الحزب الوطني المنحل وقيادات أمنية أقصيت بعد الثورة، لكنه يطالب بالإقرار بوجود احتقان لدى المسلمين والأقباط حول بعض الملفات، وهو ما يتطلب أمرين هامين هما إنفاذ سلطة القانون وإجراء حوار صريح وعلني.
 
ثورة مضادة
ويرى رئيس تحرير جريدة القاهرة صلاح عيسى أن أخطر ما يواجه مصر بعد الثورة هو الفتنة الطائفية، ويقول إن معالجتها أكثر تعقيدا مقارنة بالخلافات السياسية وحتى الإيديولوجية المعتادة.

ويقول عيسى إن تفجر الأحداث سياسيا ودينيا متوقع لأن قوى الثورة الرئيسية (وهم أفراد الشعب) لم يكن بينهم اتفاق مسبق على أي مسألة سوى إسقاط النظام.
 
وطالب بحوار وطني تدعى له جميع القوى السياسية والدينية يحسم أمرين هامين، هما أولا الدولة وعلاقة الدين بالسياسية والقدر الذي يمكن أن يرتضيه الشعب لتدخل الدين في الحكم، وثانيا طبيعة نظام الحكم (رئاسي أو برلماني) لتوفير مناخ سياسي واضح.
 
النزول للشارع
المحلل السياسي وخبير الجماعات الإسلامية عمار علي حسن أكد للجزيرة نت ضرورة انطلاق الحوار بأسرع ما يكون، برعاية المجلس العسكري أو الحكومة وبتمثيل رسمي رفيع، مذكرا بأن التجربة أثبتت أن الحوار أجدى وأنفع في التعامل مع الإسلاميين من الاضطهاد والنبذ الذي يزيد انغلاقهم.
 
وطالب بأن يشمل الحوار كافة القوى والتيارات الوطنية والدينية وألا يكون عبارة عن جلسات استماع داخل المكاتب، وإنما يخرج للشارع للتعامل مع الشباب المتحمس بمسلميهم ومسيحييهم، وأن يُشترَط له قبول الجميع سلطة الدولة وقوانينها، وألا يكون لاحتواء الأزمة أو امتصاص غضب أحد، وإنما للاتفاق على نقاط واضحة تؤكد مدنية الحكم وهيبة الدولة ومصلحتها.

ويرى حسن أن معالجة المجلس العسكري والحكومة للأزمة اتسمت بالتأخر والتخبط، فقد فشلا حسبه في استقراء ما حذر منه كثيرون تحدثوا عن بوادر فتنة طائفية على فيسبوك، واستمرار أزمة كاميليا شحاتة (التي تردد أن الكنيسة احتجزتها بعد إسلامها) معلقة، ومظاهرات سلفيين أمام كاتدرائية الأقباط، إضافة إلى الحكم على وزير الداخلية الأسبق وتسريح قيادات في جهاز أمن الدولة المنحل.

عبد المنعم الشحات: السلفيون يدفعون ثمن مآزق تواجهها الدولة مع الكنيسة بسبب تمدد دورها السياسي (الجزيرة نت-أرشيف)
عبد المنعم الشحات: السلفيون يدفعون ثمن مآزق تواجهها الدولة مع الكنيسة بسبب تمدد دورها السياسي (الجزيرة نت-أرشيف)

ترحيب سلفي
المتحدث باسم جماعة الدعوة المهندس عبد المنعم الشحات قال للجزيرة نت إن السلفيين يرحبون بكل دعوة حوار من الحكومة أو المفكرين أو النشطاء أو من الكنيسة، "لأنها تعكس قدرا من الحكمة والعقلانية في مواجهة حملة شرسة لكيل الاتهامات وتلفيق التهم دون بينة للسلفيين".
 
واعتبر أن السلفيين "يدفعون ثمن مآزق تواجهها الدولة مع الكنيسة بسبب تمدد دورها السياسي"، وهم "يدفعون أيضا ثمن اكتشاف البعض لحجم السلفيين على الأرض، خاصة بعد نتيجة التعديلات الدستورية".

وقال "اعتقدوا أنهم سيهزموننا في الجدل الفكري، فلما اكتشفوا تمكننا من مبادئنا بدؤوا بتلفيق الاتهامات" للسلفيين.

وأضاف "السلفيون يملكون الأرض، لكن آخرين يمتلكون الإعلام يسعون إلى زلزلة الأرض المصرية بأكملها لإسقاط السلفيين".

المصدر : الجزيرة