السلفيون بمصر.. الانتشار والتهميش

تجمعات سلفية

تجمعات سلفية (الجزيرة نت)

محمود جمعة-القاهرة

أثار الظهور المكثف للسلفيين في المشهد السياسي المصري بعد ثورة 25 يناير، تساؤلات بين مراقبين أبدوا شكوكا في توقيت هذا الظهور وحجمه وكثافته، بينما رأى آخرون أن السلفيين لهم الحق كبقية المصريين في العمل العام.

وتحدث البعض عن صفقة بين السلفيين والمجلس العسكري تحقق مصالح متبادلة للطرفين بحيث تضمن للسلفيين شرعية الوجود في الشارع عبر بوابة المجلس الذي يريد بدوره استغلال السلفيين كجماعة منظمة في إحداث التوزان السياسي في المجتمع الذي يمر بلحظة حاسمة بعد نجاح الثورة الشعبية في إسقاط نظام الرئيس السابق حسني مبارك.

لكن التيار السلفي يؤكد أن دعمه المجلس العسكري الذي يقود البلاد لا يمنعه من مراجعته في قراراته، وقد عبر في هذا الصدد عن انتقاده أداء المجلس فيما يتعلق بمحاكمة الرئيس السابق ونجليه، مؤكدا أنها جاءت متأخرة، لكنه طالب في الوقت نفسه بإعطاء المجلس مزيدا من الوقت لإكمال عملية انتقال السلطة إلى حكومة ورئيس مدنيين.

وفي تصريحات للجزيرة نت، طالب المتحدث الرسمي باسم الدعوة السلفية -كبرى التنظيمات السلفية المصرية- عبد المنعم الشحات المجلس العسكري بإعادة النظر في "تهميش الإسلاميين" واستبعادهم من المشاركة في الحوار الوطني،
الذي يجري حاليا بين القوى السياسية.

وقال الشحات إن السلفيين ومعظم الحركات الإسلامية غير موجودة على طاولة الحوار، و"لا يوجد غير تمثيل ضئيل للإخوان المسلمين فقط، بينما تعطى مساحة كبيرة لشخصيات سياسية ليس لها رصيد شعبي، رغم أن اللعبة السياسية في مصر الآن تكاد تكون محصورة بين الإسلاميين والليبراليين".

عبد المنعم الشحات (الجزيرة نت)
عبد المنعم الشحات (الجزيرة نت)

إقصاء الإسلاميين
كما أشار إلى "إقصاء" الإسلاميين عن المناصب الثقافية الرسمية، وقصرها فقط على اليساريين تقريبا، مذكرا بإقالة محمد الصاوي وزير الثقافة في الحكومة السابقة برئاسة أحمد شفيق بعد أسبوعين من تعيينه "لأنه يميل للتدين وكانت له رؤى ثقافية أكثر ميلا للالتزام".

وتطرق الشحات إلى التعيينات الجديدة للمحافظين، وقال إنها لم تراع آراء المواطنين في تلك المحافظات واعتمدت على الاختيار من جانب واحد، وهو ما ظهرت آثاره في المظاهرات والإضرابات التي شهدتها بعض المحافظات احتجاجا على هذه التعينات "خاصة أن بعضهم مسؤولون أمنيون كانوا في الخدمة قبل الثورة وأثناءها".

وأشار المتحدث باسم الدعوة السلفية إلى تعيين محافظ قبطي لمحافظة قنا بصعيد مصر، ليكون ثاني شخصية قبطية تتولى المنصب في المحافظة المعروفة بالطابع القبلي والعائلي، وقال إن "أقباط قنا كانوا أول المعترضين على تحويل محافظتهم إلى آلية لترضية الآخرين وليس النظر لمصلحة أبناء المحافظة".

وتشهد "قنا" احتجاجات متصاعدة قطع خلالها المتظاهرون الطريق البري وخط السكك الحديد منذ الإعلان عن تعيين اللواء عماد شحاتة ميخائيل محافظا للمدينة، خاصة أنه كان يشغل خلال الثورة منصب نائب مدير أمن محافظة الجيزة التي سقط بها عشرات الشهداء والمصابين برصاص الشرطة خلال قمع الاحتجاجات.

وطالب الشحات المجلس العسكري بمراجعة هذه التعيينات وإلغاء ما يراه غير مناسب منها مراعاة لظروف هذه المحافظات وحفاظا على حالة الأمن والاستقرار بها، مشيرا إلى أن الدعاة الإسلاميين يحاولون مع الأهالي الغاضبين في بعض المحافظات لتهدئتهم والحفاظ على الطابع السلمي لهذه الاحتجاجات.

يرى المحلل السياسي عمار علي حسن أن المجلس العسكري ربما يرغب في علاقة وثيقة مع السلفيين الذين يمثلون التيار الإسلامي الأبرز مع الإخوان المسلمين، كما أنه يبدو على قناعة بحق السلفيين كمواطنين مصريين في العمل العام والسياسي

فزاعة جديدة
من جانبه، يرى المحلل السياسي الدكتور عمار علي حسن أن علاقة السلفيين بالمجلس العسكري تحكمها المصلحة المتبادلة، فالسلف يريدون شرعية العمل السياسي التي يرون أنها تمر من بوابة المجلس، كما أن العسكريين يأملون استغلال السلف كقوة منظمة في المشهد الاجتماعي والسياسي لضبط الشارع وعملية انتقال السلطة.

وفي تصريحات للجزيرة نت، رأى حسن أن المجلس العسكري ربما يرغب في علاقة وثيقة مع السلفيين الذين يمثلون التيار الإسلامي الأبرز إلى جانب الإخوان المسلمين، كما أنه يبدو على قناعة بحق السلفيين كمواطنين مصريين في العمل العام والسياسي.

لكن حسن يذهب أيضا إلى احتمال آخر لتفسير علاقة السلفيين بالمجلس العسكري، وهي احتمال أن يكون العسكر ينوون استخدام السلفيين كفزاعة تبرر استمرارهم بالسلطة إذا قرروا التمسك بالحكم وعدم مغادرته.

وأشار إلى ان احتمال توتر العلاقة بين السلفيين والمجلس العسكري قائم "إذا ما شعر العسكر بخطورة أمنية للسلفيين نتيجة الصدام العنيف مع قوى المجتمع الأخرى، كما أن السلف قد يغيرون موقفهم من العسكر إذا تعرضوا للملاحقات والاعتقالات التي عانوا منها إبان نظام حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك".

السلفيون والبرادعي
وفي سياق آخر يتعلق بدعوة المرشح الرئاسي المحتمل محمد البرادعي لحوار مع السلفيين، قال المتحدث باسم الدعوة السلفية إنهم أبدوا استعدادهم للجلوس مع البرادعي كشخصية ليبرالية وليس كمرشح رئاسي "وهذا ما جعله يزهد ربما في الجلوس معنا".

وأضاف أن الحديث عن المواقف من مرشحي الرئاسة لن يبدأ قبل إغلاق باب الترشيح، وأن السلفيين سيعلنون موقفا واضحا وعلنيا بتأييد "المرشح الأقرب إلى المشروع الإسلامي"، معربا عن أمله في عقد جلسات نقاش تجمع السلفيين والليبراليين "لجسر الهوة بينهما والتأكيد على النقاط المشتركة دون تفريط في الأصول الإسلامية".

المصدر : الجزيرة