مهاجرو تونس يفجرون خلافا أوروبيا

Refugees who flew Libya arrive on a boat on the Italian island of Lampedusa on April 19, 2011. 760 people were aboard a 20-meter boat arriving from Libya. AFP PHOTO

لاجئون فارون من ليبيا لدى وصولهم إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية (الفرنسية)
لاجئون فارون من ليبيا لدى وصولهم إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية (الفرنسية)


خالد شمت-برلين
تسبب قرار إيطاليا بمنح إقامات قانونية لآلاف اللاجئين القادمين إليها بالقوارب من دول شمال أفريقيا في توتير علاقتها مع ألمانيا وفرنسا والنمسا التي يتطلع هؤلاء اللاجئون للوصول إليها والاستقرار فيها.
 
فقد وصل إلي جزيرة لامبيدوزا الإيطالية منذ نهاية يناير/كانون الثاني الماضي 26 ألف لاجئ ، 23 ألف منهم وفدوا من تونس بعد سقوط رئيسها المخلوع زين العابدين بن علي.
 
ورفضت برلين وباريس وفيينا طلب حكومة سيلفيو برلسكوني مساعدتها في استيعاب أعداد اللاجئين الكبيرة، وردت روما بوضع جاراتها الأوروبيات أمام الأمر الواقع فمنحت اللاجئين إقامات لستة أشهر تتيح لهم التنقل بحرية في كل دول الاتحاد الأوروبي.
 
وأعلنت الحكومة الإيطالية أنها منحت الإقامات لأن أعداد اللاجئين المتكدسين بلامبيدوزا تفوق قدرتها على تحملهم، وطالبت بتعديل اتفاقية دبلن الثانية التي تلزم اللاجئين بالبقاء في أول دولة أوروبية يصلون إليها.
 
إعادة الحدود
وفاقم الإجراء الإيطالي الخلافات القائمة أصلا منذ أشهر بين دول الاتحاد الأوروبي حول إجراءات إنقاذ اليورو ومساعدة الدول الأوروبية المتعثرة ماليا، وأعلنت الدول الأوروبية المجاورة لإيطاليا إيقاف العمل بمبدأ حرية التنقل بين دول الاتحاد الأوروبي، وأعادت بوابات حدودها التي ألغيت بعد قيام الاتحاد.
 
من مظاهرة سابقة للنازيين الجدد في ألمانيا (رويترز)
من مظاهرة سابقة للنازيين الجدد في ألمانيا (رويترز)

وشددت فرنسا الإجراءات الأمنية على حدودها ومنعت الاثنين الماضي دخول القطارات القادمة إليها من إيطاليا، وقامت شرطة ولاية بافاريا الألمانية الجنوبية المحاذية لإيطاليا بتفتيش القطارات والمركبات للحيلولة دون دخول التونسيين الذين يحملون إقامات إيطالية لأراضيها.

ودعا وزير الداخلية الألماني هانز بيتر فريدريش إيطاليا إلى "أن تحل بمفردها مشكلتها مع اللاجئين بتوطينهم في أراضيها الشاسعة أو ترحيلهم إلى تونس"، وأرجع فريدريش -المنتمي للحزب المسيحي الاجتماعي البافاري- رفض ألمانيا استقبال لاجئي شمال أفريقيا إلى مجيء هؤلاء لأسباب اقتصادية.
 
وكررت ألمانيا وفرنسا والنمسا خلال الاجتماع الأخير لوزراء داخلية الاتحاد الأوروبي رفضهم تعديل اتفاقية دبلن الثانية المتعلقة بقواعد اللجوء، واعتبروا مشكلة اللاجئين التونسيين والليبيين وضعا طارئا يخص إيطاليا وحدها.

 
وأوضح وزير الداخلية الألماني فريدريش أن إيطاليا تستقبل في المتوسط ستة آلاف لاجئ سنويا، في حين يصل إلى دول أوروبية أخرى كألمانيا وفرنسا والنمسا ما بين 40 و60 ألف لاجئ كل عام، ودعمت وزيرة الداخلية النمساوية ماريا بيكر موقف نظيرها الألماني ورأت أن إيطاليا دولة مترامية الأطراف ولن يضيرها العدد الحالي من اللاجئين.
 
الموقف الفرنسي
وأكد وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان أن منع بلاده دخول التونسيين الذين يحملون إقامات إيطالية يتفق مع اتفاقية شينغن لتأشيرات دخول الاتحاد الأوروبي، وأوضح أن هذه الاتفاقية تعطي للبلد الثاني المضيف للاجئين حق التحقق من قدرتهم على إعالة أنفسهم ماديا.
 

اقرأ أيضا:

الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا

"

وكانت الحكومة الفرنسية -التي تتعامل مع قضية اللاجئين وعينها على انتخاباتها العامة العام القادم- قد اشترطت للقبول بأي تونسي قادم من إيطاليا امتلاكه 62 يورو عن كل يوم سيقضيه في البلاد، أو31 يورو إن كان له أقارب مقيمون في فرنسا.

 
ووجد موقف إيطاليا من اللاجئين القادمين من شمال أفريقيا تأييدا من مفوضة الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية سيسليا مالمشتروم التي دعت إلى إحداث إصلاحات جذرية في سياسات اللجوء الأوروبية وإلى تعديل اتفاقية دبلن الثانية للجوء مثلما تمنت روما.
 
واعتبرت مالمشتروم أن تهويل بعض الدول الأوروبية من قضية التعامل مع لاجئي شمال أفريقيا المكدسين في جزيرة لامبيدوزا سيؤدي إلى تقوية التيارات اليمينية المتطرفة كحزب الجبهة الوطنية الفرنسي والمجموعات المرتبطة بالسياسي الهولندي غيرت فيلدرز.
 
 وقالت في مقابلة مع أسبوعية دير شبيغيل الألمانية إن نصف مليون شخص غادروا ليبيا بالفعل بعد بدء المواجهات بين نظام القذافي ومعارضيه توجه معظمهم إلى بلدان أفريقية مجاورة وعاد بعضهم إلى أوطانهم الأصلية، واصفة
دعوتها إلى توزيع اللاجئين التونسيين في إيطاليا على الدول الأوروبية بأنها تعكس تضامنها مع تونس التي أطلقت شرارة المد الديمقراطي بالعالم العربي.
المصدر : الجزيرة