مطالب إصلاحية للمحتجين بعمان

من المظاهرة العمانية

المتظاهرون لم يرفعوا لافتات "إسقاط النظام" (الجزيرة نت)

قدري عوض

يعد انطلاق الاحتجاجات في سلطنة عمان للمرة الثانية منذ مطلع هذا العام عاملا مفاجئا للمراقبين وحتى لنظام الحكم في البلاد، ولا سيما أنها دولة نفطية وإن كان إنتاجها متواضعا مقارنة بدول الجوار الخليجي.

ولكن اللافت في هذه الاحتجاجات خلافا للثورات الشعبية التي عمت تونس ومصر وليبيا وغيرها من الدول العربية- أنها لم تتطرق إلى شعار "إسقاط النظام"، بل اقتصرت على المطالبة بتحسين الأحوال المعيشية وإجراء إصلاحات سياسية من بينها حل مجلس الوزراء الحالي ومحاسبة الوزراء، وضمان حرية التعبير، والفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية.

وتضمنت اللافتات التي رفعها المحتجون "لا للظلم والفساد"، و "الشعب يحب السلطان"، و"يدا بيد مع السلطان ضد الفساد".

وكانت سلطنة عمان التي عرفت باستقرار نظامها السياسي وسياستها الخارجية المحافظة والقريبة من الغرب ومن إيران قد عرفت الاحتجاجات الشعبية لأول مرة حينما انطلقت في مسقط مسيرة سلمية في يناير/كانون الثاني من العام الجاري، ثم خرجت مسيرة سلمية أخرى في العاصمة العمانية تحت اسم "المسيرة الخضراء 2" في الثامن عشر من فبراير/شباط امتدت إلى ولاية صحار الصناعية (230 كلم إلى الشمال من العاصمة)، التي ما زالت تشهد اضطرابات.

وتربط صحار مناطق السلطنة بدولة الإمارات العربية، كما تربطها بميناء صحار الصناعي الواقع بجانب أكبر منطقة صناعية عمانية.

مطالب المحتجين

المتظاهرون طالبو بالإصلاح (الجزيرة نت)
المتظاهرون طالبو بالإصلاح (الجزيرة نت)

وتتمحور المطالب الأساسية للمحتجين في تحقيق العدالة الاجتماعية وزيادة الرواتب ومستحقات الضمان الاجتماعي ومحاربة الفساد المالي والإدارة وتفعيل دور الرقابة المالية في الدولة، وهي مطالب تأتي ضمن تحسين الأحوال المعيشية، ولا سيما أن بلادهم لم تتأثر بالأزمة المالية العالمية وذلك بسبب إنتاجها الصناعي.

وعلى المستوى السياسي، يطالب المشاركون في المظاهرات السلمية بزيادة صلاحيات مجلس الشورى، وتحقيق استقلال جهاز الادعاء العام.

غير أن البعض يرى أن تلك الأسباب ما هي إلا أسباب غير مباشرة، وأن السبب الرئيس يعود لمطالب سياسية فرضتها الثورات الشعبية التي اندلعت في تونس ومصر وليبيا ودول عربية أخرى.


الوضع الاقتصادي
ويحل معدل دخل الفرد العماني (نحو 20 ألف دولار سنويا) في المرتبة قبل الأخيرة بين سائر دول مجلس التعاون الخليجي الذي تنتمي إليه عمان، مقابل معدل لدخل الفرد في قطر مثلا يصل إلى نحو 70 ألف دولار سنويا، حسب دراسة للجامعة العربية 2008.

ولا يوجد تقدير رسمي لنسبة البطالة في عمان، ولكن تقدير وكالة المخابرات المركزية الأميركية في عام 2004، يشير إلى أن نسبة البطالة وصلت آنذاك إلى 15%.

ويبلغ عدد سكان السلطنة نحو 2.9 مليون نسمة، 70% منهم عمانيون، ويتولى السلطان قابوس بن سعيد الحكم منذ أربعة عقود يمارس فيها صلاحيات مطلقة، ويحظر الأحزاب السياسية.


"
سلطنة عمان –شأنها في ذلك شأن باقي دول الخليج- استخلصت العبر من ثورتي مصر وتونس، فسارعت إلى إجراء إصلاحات اقتصادية وأقصت الشرطة عن مشهد الاحتجاجات
"

استخلاص الدروس
ويبدو أن سلطنة عمان شأنها في ذلك شأن باقي دول الخليج- استخلصت العبر من ثورتي مصر وتونس، فسارعت إلى إجراء إصلاحات اقتصادية وأقصت الشرطة عن مشهد الاحتجاجات.

فقد أجرى السلطان قابوس بن سعيد تعديلا وزاريا شمل ستة وزراء، وقام بتعيين بعض المستشارين الجدد على أمل أن يحد ذلك من موجة الاحتجاجات السياسية.

كما أمر برفع سقف الأجور للعمانيين في القطاع الخاص وحتى طلبة الكليات والمعاهد والمراكز الحكومية التابعة لوزارة التعليم العالي، وأنشأ هيئة مستقلة لحماية المستهلك.

وفوق كل ذلك، أمر السلطان بتوفير خمسين ألف وظيفة عمل للعاطلين مع منح مبلغ 150 ريالا عمانيا (388 دولارا) لكل من يبحث عن عمل.

المصدر : الجزيرة