ثورة مصر.. هواجس وطمأنات

Egyptian anti-government protesters form a security cordon as they face army tanks trying to dismantle their barricades at Cairo's Tahrir square on February 05, 2011, on day 12 of mass protests against
 دبابات الجيش أمام مجموعة متظاهرين بميدان التحرير في السابع من الشهر الحالي (الفرنسية-أرشيف)

مجدي مصطفى-القاهرة

بعد أسبوعين من نجاح الثورة الشعبية في خلع الرئيس المصري حسني مبارك، تسيطر على المصريين مشاعر فرح وتفاؤل بالمستقبل،  لكن تساورُ قطاعا من النخبة هواجس على مستقبل الثورة والبلاد، يحاول المجلس العسكري الذي يسير شؤون مصر تبديدها بين حين وآخر.

يؤكد شباب 6 أبريل أن الثورة مستمرة حتى "رحيل كل بقايا النظام الفاسد وحزبه وتطهير البلاد منهم". وفي بيان وزع في مظاهرة محدودة بميدان التحرير الثلاثاء الماضي -تزامنا مع الإعلان عن أسماء وزراء جدد- ذكروا أن بداية مطالبهم رحيل رئيس الوزراء أحمد شفيق وحكومته.

كما انتقدوا وجود وزراء في الحكومة تابعين لمبارك والحزب الوطني الحاكم سابقا، وقالوا إنهم لن يقبلوا استمرار أي منهم أو أي محاولات للالتفاف على مطالب الشعب وهي إسقاط النظام كاملا، مطلبهم الأساسي كما يقولون.

مطالب
واعتبروا التغييرات الوزارية مجرد محاولة لتسكينهم، وطالبوا بحكومة تكنوقراط تضم كفاءات وطنية، وبجدول زمني لتغيير الحكومة بالكامل، وتنفيذ بقية المطالب المتمثلة في إلغاء الطوارئ، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، وتكوين مجلس رئاسي يضم مدنيين، ومحاسبة المسؤولين الفاسدين.

ويتخوف بعض من استطلعت الجزيرة نت آراءهم في القاهرة والأقاليم من استمرار وجود مبارك والخاصة من أركان نظامه معه في شرم الشيخ.

شباب 6 أبريل يريدون رحيل حكومة شفيق كاملة لأنهم يعتبرونها جزءا من نظام مبارك(رويترز-أرشيف)
شباب 6 أبريل يريدون رحيل حكومة شفيق كاملة لأنهم يعتبرونها جزءا من نظام مبارك(رويترز-أرشيف)

وغذّى المخاوف تحذيرات الكاتب محمد حسنين هيكل عبر التلفزيون الرسمي المصري من "بؤرة شرم الشيخ".

واستغرب كثيرون استمرار وجود قواعد الحزب الوطني في المحليات وقياداته في مجلس الوزراء والحكومة الانتقالية.

قلق
يقول الدكتور إبراهيم العيسوي الأستاذ بمعهد التخطيط القومي إن من كلف المجلس العسكري بإدارة شؤون البلاد هو الرئيسُ المتنحي، لا صناع الثورة، والمجلس يضم من كانوا يدينون بالولاء لمبارك.

وينتقد العيسوي "انفراد المجلس العسكري حتى تاريخه بسلطة الحكم، مع الاستعانة بحكومة تسيير أعمال موالية من الأصل لنظام مبارك ومنبثقة عن حزبه، حتى لو كان أعضاؤها يغيرون جلودهم الآن ويتملقون الثورة التي سخر كبيرهم منها، وهون من أمرها".

بدائل
ويرى العيسوي أن البديل الأفضل كان مطروحا مبكرا من جانب بعض المفكرين وذوي الخبرة السياسية، وهو تشكيل مجلس رئاسي مؤقت يضم بعض ممثلي القوى الوطنية وممثلي الشباب الثائر، فضلا عن ممثلين للقوات المسلحة، وهي صيغة "تزيح شبهات حكم العسكر الذين اعتادوا العمل في مؤسسة تقوم على السمع والطاعة".

ويضيف أن هذه الصيغة ترفع عن المجلس الحرج الناشئ عما قد يحتفظ به أعضاؤه من بقية من ولاء قديم لمبارك، وتعفيه من ضغوط قد يمارسها  مبارك وأعوانه "وهو ما لا يستبعد معه وقوع ثورة مضادة، حتى لو صاحبها شيء من الترميم للنظام السابق وإقصاء لبعض شخوصه المرفوضة شعبيا".

ويرى أن مما يغذي المخاوف "عدم إقدام المجلس العسكري على فرض الإقامة الجبرية وحظر السفر على مبارك وأسرته والمقربين منه".

تطهير
وانطلاقا من اعتباره أن الأيام التي مضت على نجاح الثورة لا تعد قليلة بالنسبة للثورات فإنه يرى أنه لم يكن من الصعب خلال تلك المدة الإفراج عن المعتقلين السياسيين الجدد والقدامى، وتطهير جهاز الشرطة وتكليف من يشاء المجلس بإعادة هيكلته والتخلص من قياداته الفاسدة وأجهزته السيئة السمعة، لاسيما مباحث أمن الدولة.

ومن بين الخطوات الأخرى التي يرى العيسوي أن المجلس كان يستطيع اتخاذها "حل الحزب الوطني، ومصادرة أمواله لصالح الفئات المحرومة، وتشكيل حكومة تسيير أعمال من أصحاب الكفاءات المستقلين بدلا من استمرار حكومة تنتمي لذلك الحزب وأدى أعضاؤها يمين الولاء أمام مبارك".

استمرارية
وتحدث الدكتور محمد البلتاجي القيادي في الإخوان المسلمين وعضو مجلس الشعب السابق عن مخاوف مشروعة من طابور خامس للنظام، ودعا إلى التخلص من كافة رموز الفساد لضمان عدم الالتفاف على الثورة التي أكد أنها مستمرة حتى تحقق كل أهدافها.

وتحرص قيادة الجيش في جميع بياناتها وتصريحاتها على طمأنة المصريين، وتوجيه رسائل تتضمن الثقة الكاملة فيما تقوم به القوات المسلحة‏، وتؤكد أنها تحمي مكتسبات الثورة، وتتعهد بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة.

أعضاء في المجلس ظهروا في سابقة تاريخية في برنامج تلفزيوني جماهيري (الجزيرة)
أعضاء في المجلس ظهروا في سابقة تاريخية في برنامج تلفزيوني جماهيري (الجزيرة)

سابقة
وفي لقاء مع نحو 40 من الكتاب والأدباء والمثقفين مطلع الأسبوع  الحالي أكد المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن الجيش لا يريد السلطة وأن مهلة الشهور الستة ستعدل خلالها مواد الدستور وتجرى انتخابات برلمانية ورئاسية حرة ونزيهة.

وفي سابقة تاريخية ظهر ثلاثة لواءات أعضاء في المجلس في برنامج تلفزيوني جماهيري استمر حتى ساعة متأخرة من الليل وتناول كل الموضوعات التي تهم المصريين. 
  
وشدد اللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع للشؤون القانونية في اللقاء على عدم وجود قيود على تحويل مبارك وأسرته إلى المحاكمة، واستشهد بقرار النائب العام بفرض الحظر على حسابات مبارك وأسرته في البنوك المصرية والأجنبية، ضمن إجراء احترازي تمهيدًا لاتخاذ القرار النهائي من محكمة الجنايات.

كما أكد أن كل من تسبب في أي اعتداء على المصريين في ممتلكاتهم أو أرواحهم لن يفلت من المحاكمة أيّا كان.

أما اللواء مختار الملا، فقال إن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية لن تجرى في عهد الحكومة الحالية التي يرأسها الفريق شفيق.

وأكد أن اللواء عمر سليمان -الذي تولى منصب نائب رئيس الجمهورية قبل تنحي مبارك في 12 فبراير/شباط الماضي- لا علاقة له بدائرة الحكم، وشدّد على أن إدارة شؤون البلاد حاليا في يد المجلس الأعلى للقوات المسلحة فقط.
 
وأضاف أن الشرعية الحقيقة شرعيةُ الشعب لا الحاكم، وأن المجلس العسكري لم يتخذ أي قرارات فورية أو غير دقيقة حتى لا يتخذ قرارا ويُتراجعُ عنه.

وقال "العدالة البطيئة خير من الظلم"، مقرّا بانتشار الفساد في مختلف المجالات وكافة المؤسسات الحكومية تحت حكم النظام السابق. 

المصدر : الجزيرة